ما الذي تجلبه السياسة النسوية الألمانية لأفريقيا؟
٨ مارس ٢٠٢٣كتبت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، في إرشاداتها حول السياسة الخارجية النسوية: "طالما أن المرأة ليست آمنة، فلا أحد في مأمن". ووفقًا لتصريحاتها الخاصة، فقد سمعت هذه المقولة من أم أوكرانية قبل وقت قصير من الهجوم الروسي.
ومنذ ذلك الحين استخدمته الوزيرة الألمانية عدة مرات، كان آخرها في قرية في شمال نيجيريا دمرتها ميليشيا بوكو حرام الإرهابية.
الاطلاع على الظروف المعيشية للمرأة دائمًا ما يكون جزءً من برنامج أسفار بيربوك، وأسلوبها المباشر لا يقابل دائمًا بالحماس. فعندما زارت أوزبكستان الخريف الماضي، اندهش نظيرها فلاديمير ناروف من أسلوبها هذا. حيث أرادت الوزيرة من بين أمور أخرى زيارة ملجأ للنساء ومعرفة حالهن هناك. وعندما أراد وزير الخارجية الأوزبكي وبشكل عفوي مرافقتها، قالت بيربوك: لا يجوز ذلك! فالنساء سيكن قادرات على التحدث بصراحة بدون وجود ممثل حكومي ذكر.
حقوق متساوية للجميع
ترسم وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك الخطوط العريضة لسياسة خارجية نسوية. فيجب أن تعمل المبادئ التوجيهية الجديدة للسياسة الخارجية النسوية على تحسين وضع المرأة في جميع أنحاء العالم، وليس فقط من قبل النساء. إذ يتم العمل حول "ما يجب أن يكون بديهيًا في الواقع في القرن الحادي والعشرين - أي أن جميع الناس لديهم نفس الحقوق والحريات والفرص، بغض النظر عن جنسهم ومعتقدهم الديني والمكان الذي ينحدرون منه، وعن جنسية آبائهم"، كما تؤكد الوزيرة دائما في خطابها.
إلى جانب الوزيرة بيربوك فإن لوزيرة التنمية الألمانيةسفينيا شولتسه نفس الهدف. فالوزيرة قدمت يوم الأربعاء الماضي (الأول من مارس/ آذار) وجهة نظرها من أجل وضع سياسة للتنمية النسوية، وقالت أمام وسائل إعلام من برلين: "نريد المساعدة في مكافحة الجوع في العالم، ومحاربة الفقر، ومحاربة الجوع. نريد أن نجعل المجتمعات أكثر عدلاً. وهذا شيء مهم كي نؤكد على أنه لن نتخلى عن نصف الإمكانات التي تمثلها النساء".
تعتمد كلتا الاستراتيجيتين على العناصر الثلاثة المسماة: المساواة في الحقوق المتساوية وفي الموارد وفي التمثيل المتساوي للمرأة والمجموعات الأكثر حرمانا في المجتمع. من أجل ذلك تعتزم وزارة الخارجية الألمانية إنفاق 85 في المئة من الأموال المرصودة للمشاريع بطريقة "تراعي الفوارق بين الجنسين". فالوزارة تريد التأكيد أن تمويل المشروع سيتم فقط إذا أخذت مصالح وحاجات المرأة بعين الاعتبار. بحلول عام 2025، من المقرر أن يتدفق أكثر من 90 في المائة من الأموال المرصودة للمشاريع في وزارة التنمية إلى المشاريع التي تعزز المساواة بين الجنسين.
اختلاف في الرأي
خاصة في أفريقيا، الاحتياجات ضخمة، "الاستراتيجيات النسوية مفيدة جدا في السياق الأفريقي"، تقول أوتيليا مونغانيدزه من مركز الأبحاث الجنوب أفريقي ISS. واعتمد الاتحاد الأفريقي أيضا استراتيجية جندرية. والمرأة ممثلة تمثيلا أفضل في السياسة عما كانت عليه قبل بضع سنوات. من جهتها تقول الباحثة غريس مبونغو من معهد بحوث السياسات الأفريقية، وهو مركز أبحاث للسياسات الأفريقية في برلين "اتخذت دول مثل كينيا وجنوب أفريقيا خطوات دستورية جديرة بالثناء نحو التمثيل المتساوي في السياسة". وتضيف لـ DW "لكن ذلك لا يتحقق في كل مكان، فمثلا ما يقرب من 38 في المائة من جميع أعضاء البرلمان في الرأس الأخضر هم من النساء بالمقابل كان هناك أقل من أربعة في مجلس النواب في نيجيريا".
هناك أيضا الكثير للقيام به بعيدا عن السياسة، إذ تقدر منظمة الصحة العالمية أن 33 في المائة من جميع النساء الأفريقيات تعرضن لسوء المعاملة من قبل شريك أو شريك سابق في حياتهن. وتقع 18 دولة من أصل 20 دولة بها أكبر عدد من زيجات الأطفال في القارة الإفريقية. في غينيا والصومال، تعرضت 90 في المائة من النساء والفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 عاما لشكل من أشكال التشويه الجنسي، وفقا لليونيسف.
جدل حول الإجهاض
في موضوع الحقوق الجنسية والإنجابية، على سبيل المثال، ترغب وزارة التنمية في تمكين النساء من اللجوء إلى الإجهاض الآمن. "هناك آراء مختلفة في عدد من البلدان وبين رؤساء الدول الأفريقية حول موضوع حقوق الإجهاض"، تحذر مونغانيدزه في مقابلة مع DW. وتقول في بعض البلدان هناك حق الإجهاض، وفي بلدان أخرى لا يوجد، وتضيف "عندما لا تكون عمليات الإجهاض قانونية، سيكون هذا الجانب مثيرا جدا للجدل"، بحسب الباحثة.
نقطة الخلاف الرئيسية الثانية: حقوق المثليين والمثليات، والتي تريد الوزيرتان تعزيزها أيضًا. إذ يعتبر ممارسة الجنس المثلي بالتراضي جريمة جنائية في العديد من البلدان الأفريقية. وتخطط غانا على سبيل المثال لقانون صارم يقضي بالسجن عشرة سنوات لمن يثبت عليه هذا الفعل.
وفقًا لدراسة Afrobarometer ، فإن حوالي 80 بالمائة من الأفارقة الذين شملهم الاستطلاع يرفضون المثلية الجنسية. وتقول مبونغو: "غالبًا ما يستغرق الأمر عدة أجيال حتى تتغير القيم الاجتماعية والثقافية التي كانت قائمة منذ وقت طويل". وكان هذا هو الحال أيضًا في ألمانيا ودول أخرى عندما كان الأمر يتعلق بمجتمع الميم، ويجب أن تدرك الحكومة الألمانية أن استراتيجياتها الجديدة يمكن فهمها في بعض البلدان أو أجزاء من المجتمع على أنها تدخل في الأعراف الاجتماعية والثقافية".
لا "كتيب تبشيري"
لذلك لا يزال هناك الكثير من العمل أمام كلتا الوزارتين. وتقول وزيرة الخارجية بيربوك إن استراتيجيتها ليست "كتيبًا تبشيريًا نريد بسذاجة تحسين العالم من خلاله" فهناك انتقادات أيضًا في ألمانيا. فالحزب الليبرالي FDP الشريك في الائتلاف الحكومي يعارض الاقتراح بأنه يتوجب على البرلمان الألماني البوندستاغ دعم هذه التوجهات رمزيا.
هناك أيضًا الكثير من الانتقادات من الأحزاب الأخرى. وبحسب خبير السياسة الخارجية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، يورغن هاردت، يجب على بيربوك أن تتخلص من „العبارات الجريئة المثيرة للجدل، وأن تصبح أكثر دقة"، ويقول هاردت "من خلال اتخاذ موقف واضح لا ليس فيه بالوقوف إلى جانب النساء المتظاهرات، بإمكان الحكومة الفيدرالية إظهار ما تعنيه السياسة الخارجية النسوية عمليًا". بيد أن الأمر لا يزال يتطلب الكثير من العمل لإقناع الشركاء في الخارج، وكذلك في ألمانيا.
روزاليا رومانيك/ دانيال بيلتس/ ع أ ج