علاء الأسواني: ماذا سيفعل المرشح خالد علي..؟
١٦ يناير ٢٠١٨هل يعتقد مواطن مصري واحد أن الانتخابات الرئاسية القادمة قد تؤدي إلى خسارة عبد الفتاح السيسي وازاحته من الرئاسة..؟ الإجابة نفي قاطع فالمصريون جميعا، على اختلاف اتجاهاتهم وطبقاتهم، يعلمون جيدا أن السيسي باق في منصبه إلى ما شاء الله وإن هذه الانتخابات مسرحية هزلية من أجل منحه فترة رئاسية جديدة. منذ أن سقطت مصر في قبضة الحكم العسكري عام 1952، لم تحدث انتخابات أو استفتاءات رئاسية واحدة حقيقية حتى الانتخابات الرئاسية عام 2012 التي أسفرت عن فوز مرشح الإخوان تتراكم الأدلة الآن على أن المجلس العسكري تلاعب بنتائجها. سيفوز السيسي بالانتخابات القادمة ليس لأنه الأكثر شعبية وليس لأن المصريين سعداء بحكمه ومتمسكون ببقائه، ولكن ببساطة لأنه لا توجد انتخابات من الأساس.
لا يوجد شرط واحد من شروط نزاهة الانتخابات: فلا إعلام نزيه يعطي فرصة متكافئة للمرشحين ولا سلطة تنفيذية محايدة ولا إشراف قضائي بعيد عن إرادة النظام ولا فترة كافية للدعاية حتى يتمكن كل مرشح من عرض أفكاره على الجماهير في المحافظات المختلفة. حتى اللجنة العليا للانتخابات قام السيسي بتعيينها مما أفقدها الحيدة المطلوبة. هناك الآن حملة دعائية جبارة في كل مكان في مصر تتكلف الملايين ويتم خلالها اجبار الموظفين في قطاعات الدولة على توقيع استمارة تجديد البيعة للسيسي، أضف إلى ذلك تشكيل المئات من فرق الطبل والزمر التي تضم الأفاقين والمنافقين. لماذا يحرص السيسي على إنتاج مسرحية الانتخابات التعيسة إذا كان واثقا من بقائه في السلطة..؟
الإجابة من أجل صورته في الخارج. نظام السيسي لا يعبأ إطلاقا بالمعارضين في الداخل لأنه يملك عصا القمع الغليظة القادرة على التنكيل بهم لكن العالم الخارجي لم يعد يتقبل بقاء الديكتاتور في السلطة عن طريق استفتاء يتم تزوير نتيجته لتصبح 99 في المائة. من هنا كانت ضرورة مسرحية الانتخابات
هل من المفيد ان يتقدم أي مرشح جاد في هذه الانتخابات الهزلية التي تفتقر إلى أبسط شروط النزاهة..؟
لقد شغل هذا السؤال المنتمين إلى القوى الديمقراطية في مصر وانقسموا في اجابتهم إلى رأيين لكل منهم أنصاره:
الرأي الأول يتبنى الدعوة إلى المقاطعة الشاملة لهذه الانتخابات الهزلية لأن الترشح فيها سيعطيها شرعية لا تستحقها وستبدو الانتخابات أمام العالم وكأنها نزيهة حقا بدليل اشتراك معارضي النظام فيها. يؤكد هذا الرأي أن من يشترك في هذه المهزلة لايحق له أن يشكو منها لاحقا لأن إجابة نظام السيسي ستكون:
- مادامت الانتخابات غير نزيهة فلماذا اشتركت فيها أساسا؟
كما أن اشتراك مرشح من المعارضة في مسرحية الانتخابات سيعطي النظام فرصة لكي يعلن عن ضعف قوى التغيير في مصر عندما تخرج النتائج المزورة فيحصل مرشح التغيير على نتيجة ضئيلة.
الرأي الثاني يرى أن المقاطعة سلاح استعملته القوى الديمقراطية مرارا ولم يؤد إلى أي نتيجة بل إن المقاطعة ستمنح النظام فرصته الذهبية لتزوير النتائج كما يريد في غياب آلاف المندوبين المعارضين الذين سيكون بمقدورهم فضح التزوير أولا بأول.. أصحاب هذا الرأي يعتبرون الاشتراك في هذه الانتخابات فرصة جيدة لإخراج الشباب المعارض لنظام السيسي من حالة الإحباط التي يعانون منها كما أن الاصطفاف حول مرشح الثورة سيثبت للجميع أن القوى الثورية لازالت موجودة وقوية لا يمكن أبدا تجاهلها أو إخراجها من المعادلة السياسية. وفقا لهذا الرأي فإن الاكتفاء بالمطالبة بضمانات لنزاهة الانتخابات إنما هو موقف حالم رومانسي لن يتحقق أبدا حيث إن الضمانات الديمقراطية لا تمنح وإنما تنتنزع بالنضال ضد أية سلطة استبدادية.
كل رأى من هذين الرأيين له منطق ووجاهة والحق أنني كنت ولا زلت من أنصار الرأي الأول وأظن الاستاذ خالد علي كان مثلي من أهل الرأي الأول فقد وصف الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالسيسي عام 2014 بأنها مسرحية وفي المؤتمر الانتخابي الذي عقده منذ أسابيع حدد ضمانات أساسية لا يمكن أن تصلح الانتخابات بغيرها ثم قرر خالد على أن يستمر في الترشح ويبدأ حملة جمع التوكيلات، مما يعنى أنه تحول من الرأي الأول إلى الرأي الثاني.
أنا مقتنع تماما بأن خالد علي المرشح الأفضل لمنصب رئيس الجمهورية في مصر لأنه شاب سيحمل أفكارا ورؤى جديدة لإدارة مصر كما أنه مرشح مدني لا ينتمي إلى مؤسسة عسكرية أو جماعة دينية وهو ثوري ينتمي إلى ثورة يناير العظيمة، كما أنه يعرف الشعب الحقيقي منذ أن كان يعمل عاملا بسيطا في المصانع في الدقهلية في صباه لينفق على تكاليف دراسته في كلية الحقوق.
أضف إلى ذلك أنه يحمل خبرة سياسية لعشرين عاما ستمكنه من إدارة الدولة المصرية كما أننا رأينا كم كان أمينا على أرض الوطن وخاض معركة قضائية عظيمة ضد نظام السيسي من أجل الحفاظ على جزيرتي تيران وصنافير المصريتين. خالد علي سيغير الفكرة العقيمة التى تركتها سنوات الاستبداد في عقول المصريين وهي أن رئيس مصر يجب أن يكون عسكريا مع أن الحكم العسكري بالذات هو الذي أدى بمصر إلى الحضيض في كل المجالات.
يبلغ خالد علي من العمر 46 عاما وهو سن مناسب لتولى أعلى المناصب في الدول الديمقراطية ولنذكر هنا أن إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا الحالي أصغر عمرا من خالد علي بخمس سنوات. خالد علي في رأيي هو المرشح المعبر عن التغيير والثورة ولذلك سأدعمه وأدعو كل رفاق الثورة وكل الحالمين بالعدل والحرية في بلادنا إلى تدعيمه.
الديمقراطية هي الحل
draswany57@yahoo.com
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.