"غراف هوغو"، دار للتعايش في مواجهة الانحراف والتطرف
٢١ أبريل ٢٠١٢
أطفال وشباب من مختلف الأعمار والاثنيات يجدون في دار الشباب "غراف هوغو" بمدينة فيلدكرخ النمساوية ملاذا آمنا من الانحراف والضياع. تتراوح أعمارهم ما بين 12 سنة و19 سنة، يمارسون هواياتهم المختلفة. ومنهم من يأتي للحديث إلى الآخرين هربا من ضغط الحياة اليومية وسلطة الأسرة، كما يقولون. بكل تلقائية يقول فتحي لـ DW "لو لم أجد هذا المكان لربما كنت في السجن". وهو شاب يبلغ من العمر 15 سنة، لم يسعفه الحظ مع الدراسة ويتلقى الآن تأهيلا مهنيا.
أما جيم وهو شاب من أصول تركية ويبلغ من العمر 17 سنة فيقول" إن دار الشباب فضاء ممتاز، يسمح لنا فيه بالقيام بعدة أنشطة. وعندما تعترضني مشاكل سواء مع الأسرة أو مع محيطي، أجد هنا المساعدة في كيفية التعامل مع هذه المشاكل".
"دار للتعايش والنجاح معا"
تأسست دار الشباب "غراف هوغو" قبل ثلاثة عقود. وهي الأقدم في مدينة فلدكرخ. زارها خلال السنة الماضية نحو 14801 شاب بمعدل 93 شاب في كل يوم عمل. زيارات يهمين عليها الذكور بشكل واضح بمعدل 74 %. أما الفتيات فيشكلن 26%. تتكون الدار من طابقين، يخصص السفلي منه للمقهى وبعض الألعاب. فيما يخصص الطابق العلوي لمكاتب إدارية وأخرى للاجتماعات وقاعات للتداريب وقاعات للورشات ومختبر للتصوير وقاعة للكمبيوتر. في هذه الدار تمارس الأنشطة الشبابية "بطريقة تراعي مصالح الشباب، بل بالطريقة التشاركية، حتى يشعروا بأن لهم حق التسيير والتقرير فيما يدور في الدار" حسب تصريح المدير المسؤول غيهارد كيكايس. تبلغ ميزانية الدار نحو 350 ألف يورو في العام. تساهم مدينة فيلدكرخ بثلثي المبلغ، في حين تتولى ولاية فوغاغلبيرغر ثلث الميزانية.
ولا يحب مدير الدار تصنيفها على أنها خاصة بالشباب من أصل مهاجر فقط، بل يعتبرها قبلة مفتوحة لكل الشباب. إنها ـ في نظره ـ ليست فضاء للبحث عن الاختلافات في الشباب، بل عن المشترك الذي يجمعهم بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللون. ويضيف قائلا: "لست راضيا عن النقاش الدائر حول الهجرة في بلدي، لأنه نقاش لا يرى التعدد كغنى بل كعائق، ولا يعتبر أن لكل إنسان، خاصة الشباب، طاقة إيجابية يجب فقط تفعيلها". أما الكاتب المغربي حميد لشهب وهو عضو مجلس المدينة للمرة الثانية على التوالي. وقد سبق له العمل في الدار كمرشد تربوي لعقد من الزمن. فهو يعتبر أن العمل الذي تقوم به الدار"يساهم في الاعتراف بالدور الثقافي والاقتصادي المهم للمهاجرين وفرصة للمشاركة في اتخاذ القرار".
وتقع مدينة فيلدكرخ النمساوية الجبلية على الحدود مع سويسرا، وهي عاصمة ولاية فوغغلبيرغ، ويقطنها زهاء 32 ألف نسمة، وتتميز بتعدد أعراق واثنيات سكانها، ويوجد بها مهاجرون أتراك وعرب.
منغصات عنصرية
وعلى الرغم من الدور التي تقوم به دار الشباب وباقي المكونات من أجل التعايش المشترك بين الجميع في مدينة فيلدكرخ، تطفو بين الفينة والأخرى سلوكات عنصرية في المدينة من طرف بعض الشبان المناصرين لأفكار النازيين الجدد. ولمواجهة هذه المظاهر يقول الدكتور حميد لشهب الحاصل على جائزة إيريش فروم "تأطير الشباب كفيل بانقاذهم من الانحراف والتطرف والأفكار النازية" لأنهم "نتاج لتربيتنا" يضيف لشهب.
وردا على الشعار الانتخابي الذي أطلقه مرشح حزب الحرية النمساوي في إنزبروك، ضد المهاجرين المغاربة، يقول حميد لشهب رئيس الجمعية المغربية في المناطق الناطقة بالألمانية:" الذي يستعمل هذه الوسائل لاثارة الانتباه إليه، فإنه يشوه صورة السياسة في بلده". وشهدت النمسا في الآونة الأخيرة جدلا واسعا حول دور المهاجرين، وذلك على خلفية تصريحات أدلى بها مرشح حزب الحرية النمساوي لعمادة مدينة انزبروك، حين لجأ إلى اعتماد شعار إنتخابي يقول "حب البلد بدل المغاربة اللصوص".
وأعلن أوغست بنز في وقت لاحق سحب ملصقه الاعلاني وصرح قائلا:"وضعوني في موقف لا اريد ان اكون فيه"، مضيفا "اريد رسميا ان انأى بنفسي عن هذه الحملة والاعتذار عن مضمونها وصياغتها". غير ان أمين سر حزب اليمين المتطرف غيربرت كيكل دافع عن الحملة الاعلانية، اكد لصحيفة دي برس ان "الواقع القائم في انسبروك هو ان ساحة الجريمة تضم كثافة كبيرة لمهاجرين مغربيي الاصل".
وكانت نيابة انسبروك فتحت في 30 اذار/مارس تحقيقا بتهمة "التحريض على الكراهية" الملصق الاعلاني في الحملة الانتخابية للمرشح اليميني . واحتج المغرب رسميا، حيث استدعى الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون يوسف العمراني سفير النمسا في الرباط ليعبر له عن "استياء المملكة المغربية وتنديدها بهذا العمل العنصري والتشهيري تجاه مواطنينا المقيمين في هذا البلد العضو بالاتحاد الاوروبي".
محمد مسعاد – فيلدكرخ (النمسا)
مراجعة. منصف السليمي