فرنسا.. نشر الآلاف من الشرطة وماكرون يرجئ زيارته لألمانيا
١ يوليو ٢٠٢٣شُيّع جثمان الشاب الفرنسي ذي الأصول الجزائرية-المغربية "نائل م." اليوم السبت (الأول من تموز/يوليو 2023) بباريس في جنازة مُنعت الصحافة من تغطيتها، فيما عبّأت السلطات الفرنسية عشرات آلاف عناصر الأمن تحسبًا لليلة خامسة من أعمال الشغب على خلفية مقتل نائل برصاص شرطي.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أنه سيتم تعبئة حوالى 45 ألف من عناصر الشرطة والدرك مرة أخرى ليل السبت الأحد للتعامل مع أعمال الشغب. وأضاف الوزير أنه سيتم تعزيز الشرطة "بشكل كبير" في مرسيليا (جنوب شرق) وليون (وسط شرق)، وهما من المدن الرئيسية التي تضررت مساء الجمعة.
وقضى "نائل م. 17 عامًا" برصاصة قاتلة في الصدر أطلقها شرطي من مسافة قريبة أثناء عملية تدقيق مروري. ووُجهت إلى الشرطي الموقوف البالغ 38 عامًا تهمة القتل العمد. وشيّع جثمانه مئات من الأشخاص السبت من مسجد ابن باديس إلى مقبرة مونت فاليريان في ضاحية نانتير الباريسية. ونقل الجثمان من دار جنازات نانتير إلى المسجد وسط أجواء متوترة للغاية بين مجموعات من الشباب والصحافة التي طلبت عائلة نائل عدم حضورها.
واصطف عدة مئات لدخول مسجد نانتير الكبير، الذي كان يحرسه متطوعون يرتدون سترات صفراء، بينما تابع المشهد بضع عشرات من المارة من الجانب الآخر من الشارع.
وأعلنت السلطات المحلية في أنحاء البلاد فرض حظر على المظاهرات وأمرت بوقف عمل وسائل النقل العام في المساء.
صدامات وأعمال شغب
وشهدت مدن عدة في فرنسا ليل الجمعة السبت صدامات بين الشرطة وشبان من الأحياء الشعبية رددوا شعارات مناهضة لقوات الأمن، كما جرى تخريب مبان عامة ونهب محلات تجارية. وقالت وزارة الداخلية الفرنسية على تويتر إن الشرطة ألقت القبض على 1311 شخصًا الليلة الماضية (الرابعة للاضطرابات) بخلاف 875 في الليلة السابقة، في أحداث عنف وصفتها بأنها كانت "أقل حدة".
وقال دارمانان إن أكثر من 200 فرد من الشرطة أصيبوا بجروح، مضيفًا أن متوسط أعمار من ألقي القبض عليهم هو 17 عامًا. وقال وزير العدل إريك دوبون موريتي إن 30 بالمئة من الذين ألقي القبض عليهم لا تتجاوز أعمارهم 18 عامًا.
وأعلنت الداخلية أن النيران أضرمت في حوالى 1350 سيارة فيما تعرض 234 مبنى للحرق أو التخريب وأحصي 2560 حريقًا على الطرقات العامة. وأحصت الوزارة 31 هجومًا على مراكز للشرطة و16 على مراكز للشرطة البلدية و11 على ثكنات للدرك.
وعرفت مرسيليا ثاني مدن البلاد ليلة مضطربة ما دفع وزير الداخلية جيرالد دارمارنان إلى إرسال تعزيزات إليها. وكانت الشرطة أعلنت توقيف 88 شخصًا في المدينة قرابة الساعة الثانية فجرًا (منتصف الليل ت غ) في صفوف مجموعات من الشباب غالبًا ما يكونون مقنعين و"يتحركون بسرعة".
ولم تسلم منطقة باريس من أعمال الشغب، وقررت ثلاث مدن قريبة من العاصمة الفرنسية فرض حظر التجول على غرار مدن أخرى في المناطق الداخلية. وكان وزير الداخلية أعلن نشر "مزيد من الوحدات المتخصصة" للتدخل السريع من الشرطة والدرك فضلًا عن إرسال مدرعات خفيفة من سلاح الدرك.
ماكرون يرجئ زيارته إلى ألمانيا
وأرجأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة إلى ألمانيا وذلك بسبب الاضطرابات التي تشكل أسوأ أزمة تواجهه منذ احتجاجات "السترات الصفراء" التي أصابت فرنسا بالشلل في أواخر عام 2018.
وأكد مكتب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في بيان نبأ إرجاء الزيارة المقررة لألمانيا بسبب أعمال الشغب في بلاده.
وكان من المقرر في البداية أن يأتي ماكرون إلى ألمانيا يومي الاثنين والثلاثاء، لكنه طلب إرجاء الزيارة، حسبما ذكر المكتب في بيانه. وأضاف البيان: "إنه سيتم تحديد موعد جديد للزيارة في أقرب وقت ممكن".
وتحدث ماكرون هاتفيا مع نظيره الألماني فرانك- فالتر شتاينماير بعد ظهر اليوم ليخبره بالوضع في فرنسا. وأكد قصر الإليزيه أن ماكرون طلب إرجاء الزيارة.
ماكرون ينفي وجود عنصرية منهجية في أجهزة إنفاذ القانون
وأذكت وفاة الشاب، التي رصدتها إحدى الكاميرات، شكاوى قديمة من المناطق الحضرية التي يقطنها أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية. ونفى ماكرون وجود عنصرية منهجية في أجهزة إنفاذ القانون الفرنسية.
ويطرح جزء من الأوساط السياسية مسألة فرض حال الطوارئ في البلاد وهي مسألة تلقى متابعة حثيثة في الخارج وخصوصًا أن فرنسا تستضيف في الخريف كأس العالم للركبي ومن ثم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس في 2024.
ويسمح فرض حال الطوارئ للسلطات الإدارية باتخاذ إجراءات استثنائية مثل منع التجول وسبق أن فُرضت في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 بعد أعمال شغب استمرت عشرة أيام في الضواحي عقب مقتل مراهقَين صعقا في محول كهربائي احتميا فيه هربًا من مطاردة الشرطة لهما.
م.ع.ح/أ.ح (د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)