"فص ملح وذاب".. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤تقوم بإرسال رسالة على تطبيق "واتساب" مثلا وتظل العلامة الرمادية في فقاعة الكلام وحيدة، أو فجأة لا تظهر لك المزيد من المنشورات على ملف تعريف الشخص على إنستغرام، أو عند الاتصال هاتفيا به يتم تحويل مكالماتك إلى البريد الصوتي (Voice Mail). كل هذه علامات تدل على أن الشخص الذي تتواصل معه قد أنهى العلاقة فجأة ومن دون سابق إنذار، فهو لا يرد على الرسائل أو المكالمات، ويترك للشخص الآخر العديد من الأسئلة دون إجابات.
ويعبر عن هذه الحالة بالمصطلح الإنجليزي "غوستينغ" (Ghosting)، في إشارة إلى الاختفاء من خلال الإنهاء المفاجئ لجميع قنوات التواصل دون سابق إنذار أو تفسير وكأن الشخص اختفى مثل الشبح. وتحدث هذه الظاهرة بشكل متكرر في أي نوع من العلاقات، على المستوى العاطفي والصداقة، وكذلك في الحياة المهنية، كما أوضح خبراء في مجلة الصحة "envivas".
"الغوستينغ" أو الاختفاء المفاجئ مرتبط أكثر بالعلاقات على وسائل التواصل الرقمي. على سبيل المثال: في سوق السلع المستعملة، لن تستطيع إخبار البائع مباشرة بمدى قبح أغراضه أو تتركه واقفاً في منتصف المفاوضات. لهذا تطال ظاهرة "الغوستينغ" الاختفاء المفاجئ العلاقات عبر المنصات الرقمية. لأننا في الاتصالات الرقمية لا نكون عرضة إلى رد فعل لفظي مباشر للشخص الآخر، كما يوضح المعالج النفسي، أندرياس بيشلر: "جميعنا لدينا معارف نلتقي بهم مرة واحدة خلال السنة، ولا نتواصل معهم بأي شكل من الأشكال بعد ذلك، لكن ذلك لا علاقة له بظاهرة الاختفاء، التي تحدث في الاتصالات عبر الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقوم شخص ما بقطع الاتصال وحذف بيانات الشخص الآخر".
لا تؤثر على الشباب فقط!
ما يميز الشخص الذي يمارس "الاختفاء المفاجئ" هو أنه لا يقدم للطرف الآخر سبباً عن قطع الاتصال. يرحل هو أو هي بشكل مفاجئ تماما وبكل بساطة تاركاً خلفه الضحية، ويوضح المعالج النفسي، أندرياس بيشلر: "الأشخاص الذين يعانون من الظاهرة يشعرون بالعجز وشعور عميق بعدم الثقة في النفس".
غالباً ما يتردد على عيادته في "كونيغسفينتر" على الضفة الشرقية من نهر الراين قبالة مدينة بون الألمانية، مرضى كانوا ضحايا للظاهرة. ويشير المعالج النفسي إلى ازياد ملحوظ في الحالات مؤخراً، ويقول: "لقد لمست هذه الظاهرة منذ فترة طويلة، لكنها ظهرت في الممارسة العملية أكثر فأكثر خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية".
لكن هذه الظاهرة لا تؤثر على الشباب فقط. كما يوضح بيشلر من خلال حالة يشرف عليها. رجل كبير السن يتلقى العلاج من الاكتئاب لفترة طويلة كان على علاقة جدية مع امرأة لمدة عام تقريباً. وعلى الرغم من وجود مشاكل دائمة، إلا أنه كانت لهما أيضاً خطط مشتركة للمستقبل. وفي إحدى الأمسيات تحدث الاثنان عبر الهاتف في جو ودي، وبعد يومين فقط أرسلت المرأة رسالة نصية وأنهت العلاقة دون تفسير وبعدها بدت وكأنها اختفت عن وجه الأرض ولم يتمكن من الوصول إليها عبر خدمات المراسلة أو الهاتف. بعد أيام قليلة، جاء هذا الرجل إلى جلسة العلاج المعتادة. ويقول بيشلر: "لقد انجرح بشكل بالغ وكان منزعجًا للغاية". وتابع المعالج النفسي: "لقد أظهرت لي هذه الحالة مدى الضرر الذي قد يتسبب فيه الاختفاء. ولقد استغرق الأمر الكثير من الوقت للعمل على إعادة الثقة في نفسه مرة أخرى".
إ.م