قرنق: زعيم المتمردين يقود المقاتلين لطريق السلام في السودان
بعد حرب عصابات دامية استمرت أكثر من عقدين قاد جون قرنق جيش المتمردين الذي يتزعمه من ميدان المعركة الى اتفاق سلام أبرم في يناير كانون الثاني الماضي مع الحكومة الاسلامية في شمال السودان. وعلى طول الطريق تحالف مع الشيوعيين وتودد الى جماعات مسيحية أمريكية وتحايل على صراعات قبلية لاستمراره في السلطة حتى عندما هدد الاقتتال سيطرته على الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يتزعمه. وأدى قرنق صباح اليوم السبت وهو في أواخر الخمسينات من العمر اليمين كنائب أول لرئيس السودان بموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه في كينيا وجرى توقيعه في حفل أقيم في نيروبي في حضور الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان وعمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية ومسؤولين امريكيين كبار وعدد من الرؤساء الافارقة بينهم رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي. وبعد نجاحه في تأمين دور للجنوب في الحكومة يقول بعض الزعماء الجنوبيين انه يتعين على قرنق اشراك الجنوبيين أنفسهم في السلطة بشكل عادل لتجنب اشتعال الصراعات القبلية. ويقول بعض المحللين ان قرنق حافظ على سيطرته على الجيش الشعبي الذي يقدر عدد مقاتليه بنحو 80 ألف مقاتل من خلال شخصية قوية وتصميم على منح جنوب السودان الفقير صوتا مساويا في أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة. ويقول اخرون ان سلوكه العام ومؤهلاته الاكاديمية يخفيان انتهازية ومعاملة منافسيه بلا رحمة.
بداية مرحلة جديدة
أنهى اتفاق السلام الذي تفاوض عليه قرنق في كينيا حربا أهلية استمرت 21 عاما في الجنوب لكنه لا يشمل صراعا منفصلا في اقليم دارفور بغرب السودان اندلع في عام 2003 وأدى الى تشريد مليونين. وقال قرنق انه لن يسمح للصراع في دارفور بأن يستمر بمجرد أن يصبح في السلطة. كما قال انه سيتعين على الحكومة المركزية أن تعمل بجد لتنمية الجنوب ومنع الجنوبيين من اختيار الانفصال بعد فترة مؤقتة مدتها ستة أعوام تبدأ بعد سريان الاتفاق. وقال قرنق لرويترز في العام الماضي //ان العبء يقع على الحكومة المركزية كي تجعل الوحدة جذابة لانها اذا لم تكن جذابة فان أحدا لن يختار الوحدة.// والتحق قرنق عندما كان عقيدا بالجيش السوداني بوحدة حنوبية للجيش في بلدته بور وتحدى أوامر بالانتقال الى الشمال وهي أوامر يرون أنها انتهاك لاتفاق انهى أول حرب أهلية في السودان في عام 1972 مع وعد بمنح الجنوب حكما ذاتيا. واندلعت الحرب الاهلية في عام 1983 وهو العام الذي شهد محاولة الحكومة السودانية فرض قوانين الشريعة الاسلامية على الجنوب مما أشعل الانقسامات الدينية والعرقية. وأسفرت الحرب عن سقوط نحو مليونين كثيرون منهم بسبب المجاعة والمرض. وأجج النفط الصراع حيث يطالب الجنوبيون بحقول النفط التي تمد الحكومة بايرادات حيوية. ويعطي اتفاق السلام الجنوب ما يقرب من نصف الثروة النفطية.
استقبال حافل في الخرطوم
وكان اكثر من مليون سوداني في استقبال قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان لدى وصوله أمس الى الخرطوم في اول زيارة له منذ أكثر من عشرين عاما. وغطت الهتافات باسمه على صوته فيما كان يحاول القاء كلمة وسط حشد هائل من السودانيين انتظروا منذ الصباح الباكر في ساحة الميدان الاخضر الرئيسية بوسط الخرطوم. وقالت وزيرة التنمية الدولية النرويجية هيلده جونسون لرويترز //هذه اول مرة يضع فيها قدمه في الخرطوم منذ 22 او 23 عاما. هذا يوم تاريخي... يفتح فصلا جديدا في تاريخ السودان/./ وكان البشير في استقبال قرنق بالمقر الرئيسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم حيث رحب به باسم كل شعب السودان. وقال قرنق انه بين اخوته واخواته وقدم التهنئة للشعب السوداني على السلام.
وقال نجيب الخير عبد الوهاب وزير الدولة السوداني للعلاقات الخارجية ان زيارة قرنق نقطة تحول في تاريخ السودان في بداية حقبة جديدة من السلام والديمقراطية والتحول. وسيحصل الحزب الحاكم الحالي في السودان بموجب اتفاق السلام على 52 في المئة من حقائب الحكومة ومقاعد البرلمان وتحصل حركة قرنق على 28 في المئة منهما على ان تحصل احزاب المعارضة الشمالية والجنوبية على نسبة العشرين في المئة الباقية. كما سيجرى استفتاء في الجنوب بعد فترة ست سنوات انتقالية على الانفصال عن الخرطوم. ورغم ان قرنق يدعو الى الوحدة الا ان كثيرين من الجنوبيين يريدون الانفصال.