كان من بينها السودان ـ هدف العقوبات الأمريكية في إفريقيا
٢٣ أكتوبر ٢٠٢٠منذ 1993 كان السودان يقبع في قائمة الدول التي تتهمها الولايات المتحدة بتمويل الإرهاب. ومؤخرا عرض مجلس الشيوخ اتفاقا من شأنه أن يقود إلى شطب السودان من تلك القائمة. ثم جاء عرض من الحكومة الأمريكية: يمكن إبعاد السودان إذا ما اعترف في المقابل بإسرائيل.
وقبيل الإعلان عن اتفاق السودان وإسرائيل على تطبيع العلاقات بينهما الجمعة (23 تشرين الأول/أكتوبر 2020) أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميا شطب اسم السودان من قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، وأخطر الكونجرس بذلك.
وفي الحملة الانتخابية الرئاسية يأمل دونالد ترامب في الحصول على دعم من خلال تقوية موقف إسرائيل في جوارها، "سبب فرض العقوبات كان في الأصل الإرهاب"، كما يقول تيودور مورفي، مدير برنامج افريقيا للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. "هذا ليس له أية علاقة بالاعتراف بإسرائيل".
والإبقاء على العقوبات يتنافى مع هدف الولايات المتحدة الرامي لدعم التحول السياسي في السودان عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، لأنه ما دام السودان موجودا على قائمة الإرهاب، فإن المستثمرين مثلا ينأون بأنفسهم عن البلاد.
تسع حالات جديدة
وتوجد تسع دول افريقية في المجموع في قائمة العقوبات لوزارة المالية الأمريكية: فإلى جانب السودان هناك بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي وليبيا وزيمبابوي والصومال وجنوب السودان وجمهورية افريقيا الوسطى. ويتعلق الأمر في الغالبية بعقوبات ضد أشخاص أو شركات ومنظمات بسبب خروقات حقوق الانسان. ويتم تجميد رصيد ثرواتهم ويُفرض عليهم حظر السفر أو يُمنع التعاون معهم. وبغض النظر عن الدولة يمكن منذ 2016 فرض عقوبات على أشخاص بموجب قانون ماغنيتسكي حتى بسبب الفساد. وفي هذه القائمة يوجد مثلا يحيى جامح، رئيس غامبيا حتى عام 2017.
ليس مثالا نموذجيا: زيمبابوي
وتوجد زيمبابوي منذ بداية الألفية الثانية بسبب العنف السياسي ونخر الديمقراطية في قائمة العقوبات الأمريكية. وحسب وجهة نظر هيلاري موسبيرغ من منظمة The Sentry يتعلق الأمر بأفشل برامج العقوبات التي من شأنها تجفيف التحويلات المالية في ارتباط مع الفساد والنزاعات في افريقيا. فعقوبات زيمبابوي، حسب موسبيرغ "ليست ببساطة فعالة" لتغيير مواقف أو سلوكيات النخبة السياسية، وهي تنتقد بأنه لم يتم رعاية قائمة العقوبات بشكل جوهري، إذ يوجد على الصفحات الحكومية الأمريكية على الأقل 120 حالة من شخصيات منبوذة ومنظمات ـ بينها الرئيس روبيرت موغابي الذي واجه في 2017 انقلابا وتوفي في 2019.
وداخل حكومة زيمبابوي يروج خطاب حاد ضد العقوبات بأنها "فقدت أي معنى كان لها قبل سنوات"، كما تقول موسبيرغ. وفي يوليو وصف وزير خارجية زيمبابوي الإجرءات في مقابلة مع دويتشه فيله "كسلاح دمار شامل". ونفى أن تكون الحكومة توظف العقوبات فقط ككبش فداء للتغطية على سوء سياستها. ورغم الحصيلة المتواضعة عمل الرئيس ترامب على تمديد العقوبات في مارس، لأن الحكومة لم تكشف عن أي إرادة إصلاح.
بالضغط نحو النجاح: جمهورية الكونغو الديمقراطية
مفعول أكثر كشفت عنه العقوبات مؤخرا في حالة جمهورية الكونغو الديمقراطية. ففي 2006 فرضت الولايات المتحدة لأول مرة عقوبات بسبب العنف في البلاد ـ وعملت على تشديدها تدريجيا. لكن فقط منذ 2018 أعلن الرئيس جوزيف كابيلا أنه لن يتقدم لخوض الانتخابات المقبلة. "لا أقول بأن العقوبات كانت هي السبب الوحيد لماذا لم يتقدم الرئيس كابيلا"، تقول موسبيرغ. لكن التحريات تكشف أن "العقوبات الأمريكية كانت جزء من النجاح". والجانب الحاسم كان من جانب قانون ماغنيتسكي الذي أعاق عمل فاعلين في محيط كابيلا.
ورغم حصول تقارب مؤخرا بين الولايات المتحدة والكونغو تحت الرئيس الجديد فليكس تشيسيكيدي، فإنه توجد حسب وزارة المالية عقوبات ضد 55 شخصا وشركات ومنظمات. "لا أعتقد بأننا وصلنا إلى نقطة" إلغاء الإجراءات، كما تقول موسبيرغ. فالكثير من الأشخاص من محيط كابيلا مازالوا في مواقع سلطة.
الوضع أفضل
عقوبات الولايات المتحدة يمكن أن تحقق في المجموع نجاحا أكبر. "اقتراحاتنا الأساسية للولايات المتحدة هي التركيز على الجهود المتعددة الجوانب عوض السير في طريق أحادي تقليدي للولايات المتحدة"، تقول موسبيرغ. وتكاثف مع الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي يمنح العقوبات فاعلية أكبر. وفيما يخص زيمبابوي كانت تنقص هذه الاستراتيجية العامة. ومنظمتها The Sentry تقترح أيضا التركيز أقل على أشخاص، بل على شبكات تمكن النظام من البقاء في السلطة. كما أنه يجب أن يكون واضحا من البداية أية أشياء يجب تلبيتها حتى يتم إلغاء العقوبات من جديد ـ لتفادي حالات مثل السودان.
وحسب وجهة نظر السفير الأمريكي السابق ومستشار الرئيس باراك أوباما، برينستون ليمان يكون حاسما أن يتم تطبيق العقوبات أيضا من جانب دول افريقية. وكمثال سلبي ذكر المستشار جنوب افريقيا، الجارة القوية لزيمبابوي التي "لم تتعاون في إطار عقوبات الغرب ضد البلاد".
تأثير الرئيس
وحسب وجهة نظر المحلل مورفي، فإن سياسة العقوبات ليست جزء من استراتيجية افريقيا كبرى للحكومة الأمريكية. وإلى درجة معينة تكون العقوبات رهينة بمن هو في منصب الرئيس، كما تؤكد موسبيرغ: ما هي أولوياته ومن يتولى مناصب حاسمة. وتحريات من منظمة The Sentry كشفت أنه لم يتسنى الحفاظ على الضغط في الكونغو على كابيلا عندما تولى ترامب في 2017 مقاليد الحكم بعد أوباما. وإذا ما حصل تغير في البيت الأبيض عقب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، فإن موسبيرغ تتوقع من بايدن " أسلوب عمل استراتيجي" في برامج العقوبات المهملة.
أوتا شتاينفير/ م.أ.م