لماذا تتذيل الجامعة المغربية التصنيفات العالمية؟
١٨ أغسطس ٢٠١٢منذ فجر الاستقلال عن فرنسا ظل التعليم في المغرب بكل فروعه غارقا في العديد من المشاكل البنيوية، وبشكل خاص التعليم الجامعي الذي لم يستطع حتى الآن التخلص من مشاكله الجوهرية، علما أن المغرب قام بإصلاحات متتالية تخص هذا التعليم، وكان آخرها الإصلاح الذي سمّي البرنامج الإستعجالي الذي نص على تأهيل المؤسسات العمومية وإلزامية التعليم حتى سن الخامسة عشرة وضرورة إدماج الطلاب ذوي الحاجيات الخاصة. غير أن الأهداف المرجوة من هذه الإصلاحات لم تتحقق حسب رأي معظم المراقبين. ويعود السبب الأساسي حسب هؤلاء إلى أن محاولات الإصلاح التي قامت بها الحكومات المتعاقبة كانت فوقية بدلا من أن تكون ثمرة نقاش الفاعلين داخل الحقل التعليمي.
و يذهب أغلب المهتمين في قطاع التعليم بالمغرب أنه لا يمكن أن تنجح محاولات الإصلاح بعيدا عن تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وينتقد هؤلاء أن أهمية هذه الأوضاع كثيرا ما تغيب عن أذهان القائمين بالإصلاح. وحسب آخر تصنيف عالمي قام به المجلس الوطني للبحوث الإسباني احتلت جامعة عبد المالك السعدي المرتبة 2824 عالميا متبوعة بجامعة القاضي العياض التي احتلت المرتبة 2922 . وعربيا احتلت جامعة عبد المالك السعدي المرتبة 39 متفوقة على جامعة الأخوين الخاصة التي تُعد إحدى أفضل الجامعات المغربية، والتي احتلت المرتبة 59 عربيا.
مشكلة الفرانكفونية
من جملة المشاكل التي تقف وراء تدني مستوى الجامعات المغربية مشكلة اللغة، فلغة التدريس المتبعة هي الفرنسية مع أن العربية هي اللغة الرسمية. وتعد اللغة الفرنسية، الأكثر استعمالا وغالبا ما تكون لغة البحوث الأكاديمية. كما أن عددا كبيرا من الطلبة المغاربة لا يتقنونها الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات حول مستوى الطلبة الذين استطاعوا الولوج للجامعة، وعن هذا المستوى يقول خالد لزعر أستاذ بكلية ظهر المهراز بفاس في تصريح لـ DW عربية: "ما نلاحظه في السنوات الأخيرة أن مستوى الطلبة ضعيف للغاية من حيث إتقان اللغات بما في ذلك اللغة الفرنسية". وفي نفس السياق يقول السيد محمد درويش، الكاتب العام لنقابة التعليم العالي بالمغرب: " غالبا ما يجد أساتذة التعليم العالي صعوبة في التواصل مع الطلبة خاصة في التخصصات العلمية وغالبيتها تكون بالفرنسية، وهذا ما لا يتأتى لجميع الطلبة".
موارد مالية غير كافية
مشكلة أخرى تطرح نفسها وبقوة وهي مشكلة الموارد المالية فأغلبية الجامعات المغربية غير مجهزة بوحدات البحث العلمي وهذا ما يؤكد عليه السيد درويش بالقول: " يعود سبب قلة الموارد المالية إلى أن الحكومات التي تعاقبت لا تولي اهتماما بالبحث العلمي، إذ أن الأموال المخصصة له أقل من واحد بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ".
وهناك مشكلة ضعف البنية التحتية للجامعة المغربية، فأغلبها ليست قادرة على استيعاب كل الطلبة وهذا ما يشرحه لنا عميد كلية مراكش للحقوق السيد عبد الكريم أوطالب إذ يقول: " الاكتظاظ أبرز ما تعانيه كلية الحقوق بمراكش والطاقة الاستيعابية للكلية لا تستطيع استقبال كل الطلبة الوافدين عليها، ورغم أن هناك مبالغ مالية حددها البرنامج الإستعجالي، لكن هذا الوعاء المالي غير كاف لإنجاز بنايات جديدة لاستيعاب الطلبة ". وفي مشكلة مرتبطة يذكر العميد بأن " الموارد البشرية قليلة مقارنة مع أعداد الطلبة، ففي كلية الحقوق بمراكش يوجد فقط 165 أستاذا، أما عدد الطلبة فيتجاوز 13000" . يضاف إلى كل هذه المشاكل البيروقراطية المعقدة التي تنخر إدارات الجامعة المغربية.
رشوة ومحسوبية
وككل القطاعات الأخرى فإن الجامعة المغربية تعاني من الرشوة والفساد والمحسوبية. وهذا ما يؤكد عليه محمد أمكور طالب باحث في سلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس في حديثه مع DW عربية: "أكثر ما يعاني منه الطالب المغربي فضلا عن المناهج الضعيفة والتكوين السيئ هو التهميش المقصود، إذ توجد محسوبية ورشوة في جميع مجالات التعليم الجامعي خاصة عند التقدم للماستر أوالدكتوراه ".
غير أن محمد درويش يعارض هذا الرأي إذ يرى بأن "الجامعة المغربية لا يمسها فيروس الرشوة والمحسوبية، وإذا كانت هناك أي حالة فنحن في النقابة سنحاربها". وبدوره يؤكد عبد الكريم بوطالب عميد كلية مراكش على أن ما ذكره الطالب أمكور غير صحيح مضيفا: نحن داخل كليتنا لم يسبق وأن سجلنا حالة من هذا النوع، وهناك أشخاص يريدون فقط تشويه الجامعة المغربية بهذا الكلام ليس إلا ".
وفاء الرهوني
مراجعة: ابراهيم محمد