مبارك يفوز بالانتخابات والمصريون يكسبون التعددية
اسدل الستار اليوم على الانتخابات الرئاسية التاريخية في مصر وأعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية الفوز المتوقع للرئيس مبارك بنسبة 88,6. كما اعلن رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية المستشار ممدوح مرعي اليوم الجمعة ان نسبة المشاركة بلغت 23% من بين نحو 32 مليون ناخب. رسمت الانتخابات علامة هامة في التاريخ المصري الحديث، حيث شهدت إعادة الاعتبار للمواطن العادي أخيرا ودعوته إلى الاشتراك في الحياة السياسة عن طريق المفاضلة والاختيار بين أكثر من مرشح. هذه التعددية ستظل هي المكسب الرئيسي للانتخابات رغم نتيجتها شبه المحسومة مقدما، فقد ذكرت الصحف الحكومية المصرية يوم الجمعة، مستندة إلى نتائج جزئية للانتخابات الرئاسية المصرية، أن الرئيس المصري حسني مبارك فاز بولاية خامسة على التوالي بأكثر من 80% من الأصوات. وعنونت الصحف الحكومية الثلاث الرئيسية صفحاتها الأولى بفوز مبارك ب"ثقة الشعب" ودعمه بغالبية كاسحة. وكتبت "الجمهورية" أن مرشح الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم حصل، بحسب تقديرات غير رسمية، على ما بين 82 إلى 84% من الأصوات. ويحتل مرشح حزب الغد ايمن نور المرتبة الثانية ويليه مرشح حزب الوفد نعمان جمعة، بحسب الصحف.
وبحسب معلومات الصحف حصل مبارك في محافظة الإسكندرية على 75% من الأصوات، وايمن نور على 16% وجمعة على 8%. وبلغت نسبة المشاركة 20% في بور سعيد حيث فاز الرئيس المصري ايضا بنسبة 75% وحصل نور على 15% وجمعة على 5%. وتقول الأهرام أن مبارك حصل على 98% من الأصوات في أسوان و92% في الفيوم و93% في المنوفية و90% في دمياط. وذكرت "الجمهورية" أن الرئيس المنتخب سيؤدي اليمين الأسبوع المقبل خلال جلسة استثنائية لمجلس الشعب. وقالت صحيفة "المصري اليوم" المستقلة ان مبارك حصل على أكثر من 80% من الأصوات، مؤكدا أن نسبة المشاركة تصل إلى قرابة 35%.
فوز مؤكد
فوز مبارك شبه المحسوم لا يقلل من أهمية أول انتخابية تعددية في تاريخ الجمهورية المصرية. فللمرة الأولى يطرح أمام الناخب المصري أكثر من بديل ليختار من بينهم، بدلا من النظام القديم الذي يقضي باختيار البرلمان للرئيس (مبارك) بوصفه المرشح الرئاسي الوحيد ثم تصويت الناس عليه في استفتاء بنعم أو لا. وقد قرر مبارك تغيير هذا النظام بعد ان مارست جماعات محلية ضغوطا من اجل التغيير السياسي، إضافة إلى الضغوط الخارجية من جانب الإدارة الأمريكية.
نسبة المشاركة التي لم تتعدى 23 بالمائة لا تقارن بمثيلتها في الاستفتاء الرئاسي السابق (عام 1999) والتي وصلت حسب مصادر حكومية إلى 79 بالمائة. خاصة وأن الشعب المصري يأس من الخروج إلى الانتخابات منذ زمن بعيد، وذلك لغياب أركان الحياة السياسية من ناحية وللتزوير المستمر للنتائج من ناحية أخرى. لكن المراقبون يقولون إن نسبة الإقبال الحقيقية متدنية جدا دائما، وأحيانا لم تكن تصوت سوى نسبة ضئيلة في الاستفتاءات الرئاسية حيث لا يكون هناك حافز للمشاركة.
إشادة خارجية...
استقبلت الإدارة الأمريكية الانتخابات المصرية باحتفاء بالغ، ووصفها المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية شون ماكورماك بأنها خطوة أولى إيجابية، وأوضح أنه رغم انتقادات الولايات المتحدة لعدم السماح بوجود مراقبين دوليين فإنها تعتبر هذه الانتخابات بالإجمال بمثابة تقدم "تاريخي لم يعرف المصريون في حياتهم مثل هذا النوع من الانتخابات"، على حد تعبيره. وختم بالقول أن "النقاش السياسي خلال الحملة سيغني الحوار السياسي في مصر لسنوات عدة".
من ناحية أخرى أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا رسميا حول الانتخابات الرئاسية المصرية، رحب فيه بإجراء هذه الانتخابات لأول مرة في تاريخ البلاد. وأشاد البيان بالمناخ العام للحملات الانتخابية والذي اتسم بالهدوء. كما رحب الاتحاد أيضا بالبرامج الانتخابية التي ستؤدي إلي دعم المزيد من الإصلاح السياسي في مصر. وأعرب الاتحاد الأوروبي عن اهتمامه بالإشراف القضائي المصري علي هذه الانتخابات، والدور الذي لعبته جمعيات حقوق الإنسان للإعداد ومراقبة العملية الانتخابية، وذلك كما ذكرت صحيفة الأهرام المصرية.
...وانتقادات داخلية
الظاهرة الإيجابية التي رافقت الانتخابات الرئاسية المصرية هي اهتمام منظمات المجتمع المدني بمراقبة سير الانتخابات وتسجيل المخالفات والتجاوزات التي تقع. موقع حركة "شايفنكم" المستقلة الذي راقب الانتخابات رأي أن المكسب الحقيقي لانتخابات هذا العام هي اهتمام المواطن المصري وانضمامه للعملية الانتخابية، فنسبة إقبال المواطنين غير المقيدين على أقسام الشرطة للكشف عن أسمائهم كان إيجابيا للغاية. كما سجل موقع الحركة في بيانها عدم وصول أية بلاغا عن انتهاكات أو مخالفات من الأجهزة الأمنية، مما يعتبر عامل نجاح للتجربة. كذلك ذكر الموقع أن أعظم مكاسب العملية الانتخابية كان الإشراف القضائي رغم وجود بعض التجاوزات في عدد من اللجان.
أما السلبيات العامة فذكر منها موقع الحركة: تقديم حوافز مادية أو عينية أمام اللجان لدفع الناخبين للتصويت. وضرب مثلا بلجنة البساتين حيث تم رصد مندوبي أحد أعضاء مجلس الشعب الحالي عن الحزب الوطني وهم يقدمون مقابل مادي ووجبة غذاء أمام أحد المقار الانتخابية في مقابل الإدلاء بالأصوات لمرشح الحزب الوطني. كذلك رأت الحركة أن الوجود المكثف لرجال الحزب الوطني ومندوبي أعضاء مجلس الشعب والشورى أمام اللجان بمواد دعائية تحمل أسمائهم مع أسماء مرشح الحزب الوطني هو نوع من الدعاية لأنفسهم، بالرغم من أن الموضوع الأساسي هو اختيار رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى تحرشهم وعمل زفات وصور غير حضارية أمام اللجان مما يسبب نوع من الضيق للناخبين ويعطل سير العمل أمام اللجان.
كذلك رصدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تجاوزات تتعلق بتقديم تسهيلات لناخبي مرشح الحزب الوطني(حزب الرئيس مبارك). حيث استخدم أتوبيس تابع لهيئة النقل العام ويحمل علامة شركة الكوك المصرية في نقل العاملين بوزارة الإنتاج الحربي ومعظمهم من حلوان للتصويت بدائرة شبين القناطر لصالح مرشح الوطني، وعندما سألهم أحد مراقبي المنظمة عن الدافع وراء ذلك وعما إذا كانت هناك ثمة ضغوط تعرضوا لها نفى معظمهم وقالوا "إحنا نروح للريس في أي حتة انتخبناه في حلوان وهاننتخبه في القناطر بينما اكتفى بعضهم بالابتسام قائلين يا عم ما أنت راسي على اللي فيها". وفي مدرسة الجمال الثانوية بنات بطره بمحافظة القاهرة كان إقبال الناخبين شديد للغاية ، حيث قامت أتوبيسات شركة النشا والجلوكوز حاملة لوحة برقم 10727 ، وشركة اسمنت طرة حاملة لوحة برقم 12279 بنقل الموظفين إلى مقر اللجنة، وقيامهم بالتصويت لصالح مرشح الحزب الوطني دون التأكد من وجود أسماؤهم بالكشوف الانتخابي، وذلك كما جاء في تقرير المنظمة المنشور على موقعها في شبكة الإنترنت.
هيثم عبد العظيم ـ دويتشه فيله