مستشفيات غزة: تزايد عدد المرضى وفقدان الأدوية الأساسية
١٤ يونيو ٢٠١١هي أزمةٌ منذ عام 2006 اشتدت وتفاقمت مع الانقسام السياسي الفلسطيني، ورغم المصالحة الفلسطينية إلا أن الأزمة مزالت متفاقمة. إذ أعلن وزير الصحة في حكومة غزة د.باسم نعيم في مؤتمر صحفي عن حالة الطوارئ في كافة المستشفيات والعيادات المركزية التابعة لوزارة الصحة، حيث "وصل النقص في قائمة الأدوية إلى 180 صنفا من قائمة الأدوية الأساسية التي تبلغ 400 صنف أي ما يقارب 40 % , وأكثر من 190 صنفا من المستهلكات الطبية. إضافة للنقص الحاد في كل قطع الغيار اللازمة لاستمرار العمل في الوزارة والمستشفيات". مؤكداً أن هذا النقص سيؤدي لتوقف الخدمات بعيادات الأسنان والعيادات العامة في المراكز والعيادات الخارجية وتقليص أيام العمل في كثير من العيادات والأقسام وتقليص أيام العمليات الجراحية في أقسام العمليات الجراحية ووقف العمليات المُجدولة، كعميلات جراحة الأطفال والعيون وقسطرة القلب وعمليات جراحة المناظير والعظام والأعصاب. وعزا الوزير أسباب الأزمة :"رغم تفاؤلنا بتوقيع اتفاقية المصالحة وتوقعنا بحل كافة المشاكل العالقة بين حماس وفتح خاصة ما يهم المواطن الفلسطيني إلا أن الحكومة في رام الله برئاسة سلام فياض لازالت تمعن في سياسة ابتزاز غزة مالياً ولو على حساب حياة الناس لتحقيق أهداف سياسية"، على حد تعبيره.
المستشفيات خالية من أبسط الأدوية
"نعاني بشكل كبير من كيفية التعامل مع المرضي الذين يُلحون بشدة في طلب ابسط الأدوية ناهيك عن أدوية الأمراض المزمنة غير المتوفرة"، هي شكوى لدويتشه فيله من د.بيان شراب ود. إياد شقورة رئيسا قسم الأدوية والمستلزمات الطبية في مجمع ناصر الطبي. مضيفين بأن المجمع الطبي الكبير يعاني بنسبة 50% منذ ثلاثة أشهر من هذا النقص الحاد في كافة الأقسام وأهمها الاستقبال والعناية المركزة والقلب والولادة.
وبسؤال دويتشه فيله عن الأدوية والمستلزمات الطبية غير المتوفرة، أشارا إلى أنها كثيرة مثل أدوية الرعاية الأولية كالأنسولينNph ، خافض اللسان، المعقمات بأنواعها في غرف العمليات، والشاش والحليب الخاص بالمواليد الذين يعانون سوء الامتصاص Progestimil milk والسرنجات وحبوب مرضي الأعصاب Topa max . مضيفا لنا بأن الجيلى( Gelly u/s )الذى يستخدمه الأطباء لفحص الحوامل أيضاً غير متوفر.
وبانتقال دويتشه فيله إلى مركز خان يونس الطبي دخلنا فجأة إلى صيدلية المركز لنسمع صوتاً لاحدي المريضات تشكو :"أنا رابع مرة جاية أصرف دواء الضغط والسكر ...حرام عليكم!! ليش فش دوا؟". استأذنا الحديث مع د.إسراء النجار لتروي لنا المعاناة اليومية منذ أشهر مع المرضي لعدم تلبية احتياجاتهم من الأدوية. مضيفةً لدويتشه فيله بأن الأزمة متواصلة منذ سنوات وتفاقمت جدا هذه الأيام. قائلةً:" المرضي ما بهمهم ولا بقتنعوا بأسباب ومبررات نقص الأدوية .....همهم الأكبر إيجاد الدواء".
وعددت لنا د.إسراء قائمة من أهم الأدوية غير المتوفرة كخافضات الحرارة للأطفال وكافة الأدوية للأمراض المزمنة وأدوية الوهن العضلي والمعقمات الأولية outo cleave . وما يشكل خطورة للوضع الصحي وفق ما أشار لنا به د. تميم صقر مدير مركز شهداء خان يونس الطبي هو عدم تلبية طلبيات احتياجات المركز الطبي من أدوية كثيرة وأدوات المختبر والتحاليل والمحاليل، مشيراً لنا إلى توقفها والعمل فقط بقدرة 10% منها. مناشداً كافة المعنيين بضرورة تلبية هذا النقص الحاد فيما ذكر. مؤكداً على أن" المريض لا يتقبل الأزمة التي نمر بها ويعتقدون أن الطواقم الطبية هُم المقصرون في توفير الدواء".
"أعاني من مشاكل في الشبكية في عيني وطلبوا مني تأجيل العملية"، هذا ما أفاد به لدويتشه فيله أحد المرضي في مستشفي العيون في غزة. مضيفاً انه يأتي كل يوم إلي المستشفى لحجز دور لإجراء العملية لكنه تفاجأ بان العملية الجراحية تأجلت. وهذا ما أشارا إليه د.حسن خلف وكيل وزارة الصحة بأنه تم إيقاف بعض العمليات (كالعيون والأوعية الدموية والأعصاب) بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية لغرف العمليات. وبمشهد يثير الحزن في مجمع الشفاء الطبي في غزة، شاهدنا رجل وامرأة في العقد السابع. عند حديثنا معهم تبين أنهم زوجان في منتصف العقد الخامس، إلا أن الأمراض المزمنة أرهقتهم وهذا ما بدا عليهما نفسياً وجسدياً ، وسبقت دموع السيدة شكواها:" لا في دوا إلنا( لنا) في المستشفيات ولا المراكز". مشيرين أن الأدوية غير متوفرة في الأسواق ، وان وجدت فهي بأسعار مضاعفة.
مراكز حقوقية تطالب أطراف المصالحة بسرعة الإنقاذ
"من حيث الموضوع ..هو انتهاك لأبسط حقوق الإنسان..هذا ماآلت إليه حياة سكان القطاع" . وصفٌ من سمير زقوت مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان في حوار مع دويتشه فيله. مشيراً إلى أنهم يراقبون عن كثب هذه الكارثة الصحية، ويقومون بالتواصل مع كافة الأطراف في حكومة غزة ورام الله و الأطراف العربية والدولية للخروج مما وصفها بالمرحلة الأسوأ في القطاع الصحي. منوهاً إلى اصدار "مركز الميزان" بياناً عاجلاً يطالب:" بتحييد القطاع الصحي عن الخلافات السياسية مهما كانت لما ينطوي عليه ذلك من تهديد خطير لحقوق المواطنين".وعن رأيه في الحلول؟ شدد زقوت لدويتشه فيله على ضرورة توحيد الجهود والاتفاق على برامج طويلة الأمد بضمان الاعتماد على سياسة التخطيط المُسبق عند إرسال الطلبيات الطبية لغزة وفق تحديد الاحتياجات والأولويات الطبية.
إلى ذلك في بيان صحفي طالب مركز سواسية لحقوق الإنسان الأطراف الموقعة على اتفاق المصالحة بضرورة العمل الفوري والجاد وإنقاذ الوضع الصحي الذى وصفه بالـ"خطير" والـ"كارثي" الذي يمر به قطاع غزة نتيجة النقص الحاد في الأدوية والمستهلكات الطبية اللازمة. وأشار بيان المركز بأن الجميع مطالب اليوم بالوقوف صفاً واحداً لحل هذه المعضلة وتحييد القضايا الإنسانية، وإيجاد حلول فورية لها لأنها تتعارض مع القوانين والمواثيق الدولية والمحلية، التي تنص على حق المريض في تلقي الخدمات الطبية والصحية، وألا تتعرض حياته للخطر وتحت اى ظرف. وطالب المركز وزارة الصحة برام الله بضرورة إرسال أصناف وكميات الأدوية المخصصة للقطاع .
شوقي الفرا- غزة
مراجعة: هبة الله إسماعيل