مصريو ألمانيا بين مؤيد للدستور ومتهم له بـ"الإقصاء"
١٧ ديسمبر ٢٠١٢في أحد مقاهي الانترنيت الذي يملكه مستثمر عربي في مدينة يلتقي المهاجرون العرب من مختلف الجنسيات للاتصال بأهاليهم في البلد والحديث مع أبناء بلدانهم حول الأوضاع الداخلية في البلد. وأنت داخل المقهى يثير انتباهك نقاش بين مجموعة تفهم من لكنة أحدهم أنه مصري وبعد لحظة قصيرة اتضح أن النقاش يدور حول الدستور الجديد.
تقدمنا من الرجل المصري ويدعى عادل حسين، محاسب ويعيش في ألمانيا منذ ستة وعشرين سنة، واستفسرنا عن رأيه فيقول “أنا شخصيا أفضل الانتظار وإعطاء الفرصة للرئيس محمد مرسي والإخوان المسلمين، لأن جبهة الإنقاذ والتيارات الأخرى، أخذوا فرصتهم في الماضي". ويضيف عادل حسين أن “التركيز لا يجب أن ينصب على الرئيس وعلى الدستور لأن هناك ما هو أهم وهو القضاء الفاسد وليس الدستور". فالدستور كما يرى عادل حسين ما هو إلا "حبر على ورق."
وبخصوص المادة الثانية من الدستور التي تثير حفيظة غير المسلمين والعلمانيين لتركيزها على كون ”الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع“، وأيضا المادة 219 التي تنص على أن “مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة". يقول عادل حسن" حقوق المسيحيين في مصر مصونة ويتقلدون مناصب جيدة في الدولة ويعيشون في حرية".
عدم مراعاة الحريات الفردية وحقوق الأقليات
لكن ليس كل المصريين يشاركون عادل حسين نفس الرأي. فغير بعيد عن مقهى الإنترنيت يوجد صالون للحلاقة يديره فاضل معوض، وهو مصري قبطي الديانة ويعيش في ألمانيا منذ عشرين سنة. يقول معوض لموقع DW عربية "هذا الدستور نابع من الإخوان المسلمين وهدفهم من خلاله هو خدمة مصالحهم فقط وليس مصلحة المسلمين المعتدلين والأقباط وباقي التيارات في البلد". ويعيب عادل حسين على الإخوان المسلمين "تعصبهم وضعف ثقافتهم السياسية“ وأيضا "رغبتهم في الاستحواذ على كل شيء".
وتوافق الصحفية المصرية المقيمة في برلين نهلة الحناوي، عادل حسين الرأي، وتقول في حوار مع موقع DW عربية، "إنه دستور يهمش الأقليات الدينية الأخرى مثل البهائيين والشيعة في مصر". وتضيف نهلة، التي صوتت الدستور المصري الجديد بـ"لا"، كما تقول، أن "الدستور يتضمن العديد من البنود الغير منصفة متعلقة بالأسرة والمرأة والقضاء وغيرها". وعن سبب رفضها للدستور تقول نهلة “ أنا ضد الدستور لأسباب كثيرة منها عدم وضوحه وكونه مبهم. إنه دستور لا يمنع عمالة الأطفال أو الرق".
وتضيف أنه "يسمح لجماعات متطرفة مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتحكم في حرية الأفراد" فضلا عن أنه "يعطي صلاحيات كبيرة للرئيس". ومن بين الأسباب الأخرى التي دفعت نهلة الحناوي إلى رفض الدستور دعوته إلى "تعريب التعليم وهذا يؤدي إلي سوء التعليم بشكل أكبر في مصر وتعرض مجالات مثل الطب للتهميش والرجوع بالتعليم إلى الوراء".
لكن محمد علي عصمان، وهو رجل أعمال ويقيم في ألمانيا منذ أربع سنوات، ينفي ما تقوله نهلة الحناوي وفاضل معوض، قائلا " أنا مع الدستور لأن مواده تستجيب لإنتظارات المصريين ولا يريد إقصاء أي أحد مسلما كان أم مسيحيا أو من ديانة أخرى". وينهي عصمان كلامه بالقول "أنا متفائل تجاه المستقبل والمصريون قادرون على تجاوز هذه المرحلة".
باحثة ألمانية: " الإسلام كان دائما في مصر مصدر التشريع"
إلا أن الباحثة الألمانية إرينه فايبرت المتخصصة في الشأن المصري لدى مؤسسة "هيسن" للأبحاث حول السلام والنزاعات، ترى في حديث مع DW عربية أن " البعد الإسلامي للدولة ليس بمسألة جديدة لأن الدستور المصري ومنذ عام 1971 يعتبر الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع".
وتضيف فايبرت أن المادة 219 من الدستور الحالي "هي فقط عملية تقنين لمسألة الاعتماد على الشريعة بشكل يكون أكثر قربا من المذهب السني"، مشيرة في نفس الوقت إلى "البعد الاقصائي للدستور الحالي للتيارات الدينية والمجتمعية الأخرى ومحاولة فرض الوصاية عليهم" وأيضا إلى "استفادة المؤسسة العسكرية من الوضع". فالدستور الحالي ـ على حد تعبير فايبرت ـ ضمن للمؤسسة العسكرية حق محاكمة المدنيين في محاكمها. غير أن فايبرت تستبعد أي محاولة للمؤسسة العسكرية للسيطرة على الوضع بسبب " تزايد النقد تجاهها جراء تدخلاتها العنيفة في صفوف المتظاهرين".
عبد الرحمان عمار