موجة عنف تجتاح العراق وسط خلافات حول صياغة الخارطة السياسية
قالت الشرطة ان حصيلة قتلى انفجار وقع في مدينة كربلاء اليوم الخميس ارتفعت الى 49 شخصا بالإضافة الى اصابة 68 شخصا. وذكر أحد شهود عيان ان "انتحاريا يحمل حزاما ناسفا فجر نفسه على بعد عشرة امتار من باب القبلة" احد الابواب الرئيسية لمرقد الامام الحسين. واضاف ان العديد من الباعة المتجولين والزوار" يتجمعون في سوق شعبي قرب هذا الباب, مشيرا الى ان منطقة الانفجار "لا تخضع لحماية الشرطة وانما لحماية تابعة للمراجع الدينية". وافاد مراسل فرانس برس ان الضحايا نقلوا الى مستشفى الحسيني للتوليد في كربلاء وسط هلع المواطنيين وتدافعهم. واوضح علي موسى مدير مستشفى الحسيني ان قسمه استقبل "احد عشر قتيلا وعشرين جريحا" بينهم عدد من الايرانيين. ويشكل مرقد الامام الحسين مزارا اساسيا لابناء الطائفة الشيعية. وقد حصدت أعمال العنف في العراق يوم أمس الأربعاء 49 قتيلا وأكثر من 100جريح سقط معظمهم في المقدادية في تفجير انتحاري استهدف جنازة شيعية، إضافة إلى تفجير سيارتين مفخختين في بغداد حيث يتابع فريق الخبراء الدوليين تدقيقه في نتائج الانتخابات.
هجوم ضخم في الرمادي
قال طبيب بمستشفى محلي ان حصيلة القتلى في الهجوم الانتحاري على مجندي الجيش والشرطة في مدينة الرمادي. وذكر بيان للجيش الامريكي أن الانفجار وقع عندما كان نحو ألف متطوعة ومتطوع يقفون أمام مقر للجيش العراقي لتسجيل أنفسهم. وكانت مصادر امنية عراقية قد أعلنت اليوم الخميس عن انفجار ثلاث سيارات مفخخة في بغداد استهدفت إحداها دورية للجيش العراقي وأخرى للشرطة. واكد مصدر امني ان "سيارة مفخخة يقودها انفجرت بعد ظهر الخميس في ساحة الخلاني وسط بغداد عند مرور عناصر من الجيش العراقي كانوا يعملون على رفع حاجز تفتيش نصبوه صباح اليوم" الخميس. وافاد مصدر طبي في مستشفى الكندي ان "الانفجار ادى الى اصابة جندي ومدني بجروح بسيطة".
وفي تطور جديد من نوعه يشير إلى تغيير في تكتيك الأعمال الإرهابية نصب مسلحون كميناً لقافلة وقود تضم نحو 60 عربة صهريج على طريق شمالي بغداد أمس الأربعاء مما أدى إلى تدمير 20 منها ومقتل أربعة أشخاص. وقال متحدث باسم وزارة النفط أن عربة صهريج واحدة أصيبت بأضرار في انفجار قنبلة على جانب الطريق ولكن الشرطة ومصادر صناعة النفط أصرت على أن الهجوم اكبر من ذلك كثيرا. ومع حلول الليل قالت الشرطة ومصادر صناعة النفط انه لا تزال هناك اشتباكات متفرقة على الطريق المتجه من مصفاة النفط الرئيسية في البلاد في بيجي نحو الجنوب وان سائقا وثلاثة من أعضاء فريق أمن القافلة قتلوا. يذكر أن قطاع النفط في العراق يشهد اضطرابا منذ الشهر الماضي بسبب سوء الأحوال الجوية في الجنوب والمخاطر الأمنية في الشمال بجانب الاضطرابات الشعبية الناتجة عن الارتفاع الحاد في أسعار الوقود التي فرضتها الدولة.
تدقيق في الانتخابات
ويتزامن تصعيد العنف مع عقد الوفد الدولي للتدقيق في نتائج الانتخابات أول اجتماعاته مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. وفي هذا السياق أوضحت المفوضية أن هدف الاجتماع يكمن في إطلاع الوفد على "آليات العمل الخاصة بالنظر في الطعون والشكاوى حول الخروقات التي رافقت الانتخابات التشريعية الأخيرة". يذكر بان الوفد الدولي كُلف بهذه المهمة تلبية لمطالب المعترضين من سنة عرب وشيعة ليبراليين على النتائج غير النهائية التي أظهرت تقدما كبيرا للشيعة المحافظين الذين يؤيدون دوراً أكبر للمرجعية الدينية الشيعية في عملية صناعة القرار السياسي العراقي. وكانت المفوضية قد أقرت بلسان عضو مجلس المفوضين فريد ايار بوجود تزوير محدود عزته الى"التخندق الطائفي". وحول موعد إعلان نتائج الانتخابات اكتفى أيار بالقول "النتائج النهائية غير المصدقة ستعلن قريبا بعد إجراء بعض التعديلات عليها".
مفوضات حول صياغة الخارطة السياسية العراقية
وفي الوقت الذي اتفقت فيه جبهة التوافق العراقية ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية متوازنة تضم جميع أطياف الشعب العراقي، أكد رئيس الحزب الإسلامي العراقي وعضو الجبهة طارق الهاشمي وقوع "خروقات" في العملية الانتخابية التي أجريت في العراق منتصف الشهر الماضي، وقال إنها قد تصل إلى "مستوى الفضيحة". ومن ناحية أخرى أكد الرئيس العراقي جلال طالباني أن المشاورات الثانية التي جرت في كردستان على مدى عشرة أيام ستتابع "قريبا وبشكل أوسع" في بغداد. يذكر أنه قد شارك في هذه المحادثات على حدة كل من عبد العزيز الحكيم ثم إبراهيم الجعفري من قائمة الائتلاف الموحد (الشيعية المحافظة) ثم جبهة التوافق العراقية (السنية) المعترضة على نتائج الانتخابات. ولم تشارك حتى الآن في هذه المشاورات القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي المعروف بمواقفه العلمانية الرافضة لهيمنة الطائفية على عملية صناعة القرار السياسي العراقي.
وفي بيان صادر عن مكتب الرئيس العراقي جلال الطالباني يوم أمس الأربعاء إن إحدى اولويات التحالف الكردستاني لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة مع الفرق السياسية العراقية الأخرى ستكون مدى "إيمان هذا الفريق أو ذاك بمبدأ اقامة نظام الحكم الفدرالي في العراق". يذكر أن تصريحات زعماء عدد من القوائم الانتخابية قد أظهرت مؤخرا اختلافاً كبيراً في وجهات النظر بين الزعماء السياسيين فيما يتعلق بتطبيق النظام الفدرالي الذي اقره الدستور العراقي. ففي الوقت الذي أعلن زعيم التحالف الشيعي عبد العزيز الحكيم أن الائتلاف "سيمضي قدما قي تطبيق بنود الدستور العراقي على الأرض وإعلان فدرالية في وسط وجنوب العراق بعد الانتهاء من تشكيل الحكومة القادمة"، عارض قادة جبهة التوافق السنية النظام الفيدرالي معتبرين أن هذا النظام يكرس واقعاً جديدًا لتقسيم البلاد.
ورغم أن الدستور العراقي الجديد ينص على إقامة نظام فدرالي في العراق إلا إن المادة 140 منه والتي تمت إضافتها في مسودة الدستور في اللحظة الأخيرة باقتراح من الحزب الإسلامي العراقي تجيز للبرلمان القادم مراجعة بنود الدستور عن طريق إنشاء لجنة برلمانية لصياغة التعديلات النهائية على متن الدستور وعرضها على العراقيين في استفتاء.كما لم يبد أي من الفرق السياسية المتصارعة اعتراضا على فدرالية الأكراد التي تتمتع بحكم ذاتي وإدارة مدنية مستقلة منذ عام 1991 وبعيدا عن سلطة الحكومة المركزية في بغداد.