نساء البيشمركة في مواجهة مسلحي "داعش"
١٥ سبتمبر ٢٠١٤"الأسد ....حين يخرج من عرينه، يبقى أسداً، سواء كان ذكراً أم أنثى" مثلٌ كردي، بقي في تاريخ تزين صفحاته باسماء عشرات النساء اللواتي مارسن أدوراً تخدم إقليم كردستان.
"هازا" فتاة كردية " تتحدث بحماس لـ DW عربية عن دافعها إلى التطوع في قوات كردية نسائية: "أشعر بالفخر.. وعندما يراني والدي بهذه الثياب، يشعر بالفخر أيضاً، حصلت على شرف خدمة الوطن، وتلقيت احترام الناس وتقديرهم"، وعن السبب الذي دفعها إلى التطوع، تشير إلى أن الانضمام لهذا العمل كان بدافع حماية حدود الوطن بشرف، من التنظيم الإرهابي الأخطر حالياً، ومنع "داعش" من التوسع.
وأبدت هازا استعدادها لأن تصبح "آلة بوجه العدو" على حد وصفها، إيماناً منها بأن نهج كهذا من شأنه أن يحول قضايا الحرب إلى سلام دائم، لصنع الإنسان الحر.
وتؤكد ابنة الواحد والعشرين ربيعاً أنها تدربت على كافة الأسلحة الخفيفة والثقيلة في الفترة الماضية، قائلةً: "حملت اليوم سلاح الكلاشينكوف استعداداً لمعركة الفصل مع تنظيم "داعش" عند محاولته تدنيس أرض كردستان".
وبينت أن تسليح البيشمركة ضروري كون معركتهم مصيرية، مضيفةً أن "مشاركة نساء في قتال التنظيمات المتطرفة شرف وعنوان للوطنية"، لافتة الى ان "الهروب من المواجهة خيانة وطنية".
تطوع بلا مقابل
وأعلنت مسؤولة مركز البيشمركة الثقافي في محافظة دهوك فيان بيندروي، عن فتح باب التطوع أمام النساء للانخراط في صفوف البيشمركة، وتم تخريج دفعة من المتطوعات التي تضم أكثر من 30 امرأة.
وقالت بيندوري لـ DW عربية: إن "فكرة تطوع النساء جاءت لدرء خطر إرهابي داعش عن المنطقة وبهدف إنخراط النساء للدفاع عن أسرهن"، ولفتت إلى أنه "سيتم افتتاح عدة دورات مماثلة خلال الفترة المقبلة كون هناك رغبة قوية لدى الفتيات بالتطوع في صفوف البيشمركة".
وأشارت بيندروي إلى أن "المتطوعات لن يتقاضين رواتب" . وهو ما تؤكده "هاجا" بقولها: "لا نطلب الأجر نحن فقط نتحمل مسؤليتنا للدفاع عن وطننا وعائلاتنا وكرامتنا ومنع التنظيم الإرهابي من التوسع".
من جانبه أشار مسؤول إعلام وزارة البيشمركة العميد هلكورد حكمت أن باب التطوع النسائي حالياً يتم بشكل غير رسمي، وقال في تصريح لـ DW عربية: "إن أول وحدة قتالية نسائية كردية تشكلت في العام 1996، وبدأت بالتدرب على السلاح، واكتسبت خبرة جيدة في ميادين المعارك".
وأوضح العميد حكمت إن تاريخ البيشمركة اعتمد منذ القدم على النساء في المواقع الدفاعية، فضلاً على إنها دفعت ثمناً باهظاً، عندما عشنّ في الجبال وقاسينّ العيش وتحملن السجون والتهجير، وكان لهن دور هام في عمليات الإغاثة والتمريض، مشيراً إلى أن دور مشاركة المرأة في القتال ليس عبارة عن ديكور إعلامي، وإن المرأة في العراق عموماً تعاني من إمكانية دخول السلك المسلح، على عكس نظيرتها الكردية التي لها خصوصيات تدفعها لمشاركة الرجل.
البيشمركة النسائية مستعدة لتنفيذ أي مهام تكلف بها
وتروي العقيد ناهدة أحمد رشيد (آمر فوج الوحدات النسوية التابعة للواء 106) بنبرة اشتياقها إلى زمن نضالها في الحزب الشيوعي وتقول لـ DW عربية: إن "قواتنا النسوية مستعدة لتنفيذ أي مهام تكلف بها، وهي حالياً في حالة إنذار"، موضحة أن "عدد عناصر الفوج النسوي يبلغ 500 مقاتلة يخضعن يومياً لتدريبات مكثفة على مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة".
وأشارت إلى إن الفوج مكلف بحماية عدد من المناطق في السليمانية وتم إرسال قسم من مقاتليه إلى منطقتي البشير وتازة في كركوك، كما تم إرسال فصيل آخر إلى جلولاء وخانقين.
وعن أجواء القتال في الصفوف الأمامية من الجبهة قالت ناهدة: "عندما يشاهدون امرأة مع بندقية يخافون ويرتجفون، فالمرأة الواحدة منا تساوي ألف رجل"، وتضحك على عقيدة مقاتلي داعش الذين يخافون من الموت على يد مقاتلات البيشمركة، "كونهم لن يدخلوا الجنة إن قتلوا على يد النساء".
وتؤكد العقيد ناهدة أن "الوحدات النسائية شهدت تطورات ملحوظة في مجالات التأهيل وفق العلوم العسكرية الحديثة والفنون القتالية والتسليح" لما كانت عليه حينما خاضت معارك ضد جماعة أنصار السنة في عام 2002 وفي حرب تحرير العراق عام 2003 في منطقة كركوك، على حد قولها.
وأضافت ان اللواء 106 كان يعمل بشكل جزئي، ويقتصر التدريب على مرات قليلة في الشهر، أما الآن فقد كثف التدريب لأكثر من 8 ساعات يومياً للتعامل مع مدافع الهاون وقاذفات الصواريخ.
وأكدت رشيد إن أكثر من 60 فتاة من مدينة السليمانية تطوعوا في وحدات نسائية، وأشارت إلى أن تشكيل هذه الوحدات يهدف لإفساح المجال أمام المرأة للمساهمة الفاعلة في الدفاع عن مكتسبات الشعب الكردي، على حد تعبيرها.
الزواج والعمل في السلك المسلح
ربما تكون أكبر مشكلة للمرأة العاملة في السلك المسلح، قلة فرص الزواج ولو حاول رجل الإرتباط بها فسيواجه رفض عائلته وعشيرته. تقول "خونجه" لـ DW عربية: إنها بكل بساطة لا ترغب بالعبودية أي الزواج، مشيرةً إلى إن السلاح بالنسبة لها منتهى الحرية. وتضيف "أود إمداد ذهني وقلبي وجسدي كجسر ناري يوثق الصلة بين الرفاق الذين أضحوا نوروزاً لتحقيق الخلود بدلاً من الامال البسيطة".
إلا إن رفيقتها في السلاح قاطعتها بشكل مفاجئ ورفضت تعليقها على الزواج وقالت دون أن تكشف عن اسمها "في الحرب الحديثة، لم تعد هناك حاجة إلى القوة والعضلات، وأن التعامل مع الأسلحة الحديثة هو مجرد كبس أزرار الكترونية".