واشنطن والرياض:" أهداف واحدة وتصورات مختلفة لكيفية تحقيقها"
١٤ يناير ٢٠٠٨وصل الرئيس الأمريكي جورج بوش اليوم الاثنين 14 يناير/كانون الثاني إلى العاصمة السعودية الرياض في أول زيارة رسمية له إلى المملكة تستمر أقل من 48 ساعة. ومن المقرر أن يعقد العاهل السعودي والرئيس الأمريكي اليوم محادثات ثنائية في مزرعة العاهل السعودي قرب الرياض يناقش خلاها قادة البلدين عدد من الملفات الإقليمية والدولية. وسيغادر بوش السعودية يوم الأربعاء في اتجاه مصر، آخر محطة يختتم بها جولته الشرق أوسطية التي شملت حتى الآن إسرائيل والأراضي الفلسطينية والكويت والبحرين والإمارات.
احتواء إيران
ومن المنتظر أن تتركز مباحثات بوش مع العاهل السعودي حول السياسة المشتركة تجاه إيران بالإضافة إلى الملف العراقي وعملية السلام في الشرق الأوسط، حيث من المتوقع أن يحاول الرئيس الأمريكي إقناع الجانب السعودي بضرورة عزل إيران.
غير أنه في الوقت الذي حذر فيه بوش خلال جولته في المنطقة من إيران واصفا إياها بأنها تمثل "تهديدا للمنطقة ولأمن العالم" برمته وأنها "أكبر دولة راعية للإرهاب" في العالم، يبدو أن دول الخليج العربية حريصة على تناول الملف النووي الإيراني بالطرق الدبلوماسية والمفوضات.
فرغم أنها تريد الحد من النفوذ الإيراني، إلا أنها ترغب أيضا في تفادي اندلاع حرب أخرى على تخومها. وفي هذا الإطار نقلت وكالة رويترز عن ستيفن هادلي مستشار بوش للأمن القومي قوله "اتفق الجميع على أنها مشكلة صعبة تنبغي معالجتها، وفي هذه المرحلة ينبغي أن تتابع عبر السبل الدبلوماسية".
ويرى المراقبون في هذا الصدد أن الحلفاء العرب للولايات المتحدة غير مستعدين لنبذ إيران، مستشهدين على ذلك بدعوة السعودية للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للحج علما أن أحمدي نجاد كان أول رئيس إيراني يتلقى دعوة رسمية للحج. وفي السياق ذاته يرى جورج غاوزه من جامعة فيرمونت الأمريكية في حديث لدويتشه فيله أن " الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية لديهما نفس الأهداف لكن لهما تصورات مختلفة حول كيفية تحقيقها".
"بوش وصل متأخرا"
ومن المتوقع أن يحاول بوش كذلك إقناع الجانب السعودي بدعم جهود التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي قبل نهاية العام الجاري 2008، خصوصا أن السعودية تمتلك ثقلا كبيرا في المنطقة وتمثل ركنا رئيسيا في أية مصالحة بين العرب وإسرائيل.
بيد أن زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية يخيم عليها انطباع في الأوساط السعودية أنه ربما قد يكون الوقت قد بات متأخرا بالنسبة للإدارة الأمريكية الحالية من أجل تحقيق اتفاق سلام أو على الأقل إنجاز خطوة مهمة نحو تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حسب الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبيرغ في مقابلة مع "راديو ألمانيا". ويسير شتاينبيرغ في هذا الإطار إلى أن الدول العربية لها بعض المآخذ على السياسة الأمريكية الخارجية التي لم تعر في نظرهم الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني قدرا كافيا من الاهتمام وأن جهود الإدارة الأمريكية الحالية ربما قد تكون أتت بالفعل متأخرة.
كما لاحظ الخبير الألماني إن الانطباع السائد في الشارع العربي هو أن السياسة الخارجية الأمريكية كانت لها عواقب وخيمة على المنطقة وأنها زعزعت استقرار العراق، الذي طالما كان يُنظر إليه على أنه الدرع الواقي أمام المد الإيراني في منطقة الخليج.
من ناحية أخرى يرى شتاينبيرغ أن المملكة السعودية طالما طالبت بإلحاح من إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش ومنذ العام 2001 بمواصلة الجهود التي كانت تبذلها إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون من أجل إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإحلال السلام في الشرق الأوسط.
غير أن الإدارة الأمريكية لم تضع هذا الملف على سلم أولوياتها بقدر ما ركزت اهتمامها على الإطاحة بنظام صدام حسين، لذا، هناك ـ في نظر الخبير الألماني ـ خيبة أمل في الأوساط العربية تجاه الإدارة الأمريكية الحالية وأن هذه الأوساط تنتظر من حيث المبدأ وصول إدارة أمريكية جديدة بقيادة رئيس جديد.