وجهة نظر: التغيير في العراق ـ ساحة الصراع السعودي الإيراني
١٩ مايو ٢٠١٨حتى ولو أن نتيجة الانتخابات البرلمانية في السبت الماضي جاءت مخالفة لما كان يأمل فيه الغرب: فإن ذلك يقدم فرصة للعراق، لأنه في الانتخابات الأولى منذ الانتصار على ما يُسمى تنظيم "داعش" ومنذ استعادة السيطرة على الموصل لم يبق الأمن هو الموضوع الطاغي، بل الفساد المستشري.
مقاطعة مشؤومة
بعد 15 عاما على سقوط نظام صدام حسين يُعد العراق أحد البلدان الأكثر فسادا. وعائدات النفط لا تعود ببناء دولة تعمل بشكل جيد بخدمات صحيحة. إنما تتدهور الدولة العراقية إلى محل للإثراء الشخصي لنخبة سياسية لا تتورع في جني المال.
وعلى هذا الأساس دعا نشطاء إلى مقاطعة انتخابية تجاوب معها الكثيرون، لاسيما في بغداد ومن الطبقة الوسطى. والمشاركة الانتخابية وصلت بالتالي إلى 45 في المائة فقط ، فيما وصلت نسبتها في عام 2014 إلى 60 في المائة. والمقاطعة الانتخابية لم يستجب لها أنصار الفائز الانتخابي، الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذين ينحدرون بالأساس من الطبقة الفقيرة. وجعل الصدر من الحرب على الفساد وتنظيف الإسطبل داخل الدولة العراقية أهم موضوع في حملته الانتخابية. والآن وجب على هذا الزعيم الوفاء بوعوده وتجفيف مستنقع الفساد. والكثيرون على ما يبدو يثقون فيه لفعل ذلك.
وتراجعت لائحة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي الذي يعود له الفضل في تنسيق محكم مع الولايات المتحدة في محاربة تنظيم "داعش" بفاعلية. كما أنه اكتسب ثقة الأقلية السنية التي تم تهميشها تحت حكم سلفه نوري المالكي. فالعبادي ساهم في استقرار العراق.
حتى هنا العربية السعودية مقابل إيران
كلا الفائزين في الانتخابات في الـ 12 من مايو، الصدر وهادي العامري يمثلان نموذج العراق الذي يطغى عليه المذهب الشيعي. والقومي العراقي الصدر الذي قاد في 2003 المقاومة ضد المحتل الأمريكي يريد تثبيت العراق مجددا داخل العالم العربي وزار من أجل ذلك العربية السعودية التي انسحبت منذ مدة من العراق. فيما يبقى العامري رجل إيران في بغداد. فهو يقود الميليشيات الشيعية القوية في البلاد التي يتم تدريبها وتمويلها من قبل إيران. ومن أجل شد عضده انتقل قائد وحدات النخبة الإيرانية سرايا القدس، قاسم سليماني في يوم الاقتراع إلى بغداد. ويبدو أنه يريد إجبار الصدر على تشكيل ائتلاف مع العامري، الشيء الذي يرفضه الصدر بقوة. فالعراق يتحول بهذا إلى مكان إضافي للمقارعة بين العربية السعودية وإيران.
راينر هرمان