2012- عام الانتخابات والتحولات في أربع دول عظمى
١ يناير ٢٠١٢يخوض الرئيس الأمريكي أوباما الانتخابات في وقت يمر فيه اقتصاد البلاد بأزمة حادة، ورغم تراجع شعبيته، يأمل أوباما أن يفوز بفترة الرئاسة القادمة، إلا أن ضيوف برنامج كوادريغا لا يتوقعون فوز أول رئيس أمريكي ذي أصول إفريقية. ويرى الصحافي والمحلل السياسي الألماني شتيفان بوخن أن أوباما جسد الأمل الجديد في الولايات المتحدة الأمريكية قبل ثلاث سنوات عندما ترشح وفاز في الانتخابات، لكن بعد فترة وجيزة اتضح أنه فشل. ويضيف أنه يواجه الآن صعوبات في مواجهة المرشح الجمهوري نظرا للأزمة الاقتصادية. ويضيف: "أنا أتوقع تنافسا صعبا وربما يوجد حتى احتمال لمرشح متطرف نسبياً كالجمهوري غينغريتش أن يفوز ضد أوباما".
أما حسن خضر، رئيس تحرير مجلة الكرمل الثقافية، فيرى أن سبب تراجع شعبية أوباما يرجع إلى أنه جاء محمولا على جناح توقعات كبيرة لم يستطع أن يفي بها. ويضيف أنه "لم يكن محارباً عنيدا ولم يقاتل كما يجب من أجل تحقيق هذه التوقعات الكبيرة". ولذلك فهو يرى أن "إمكانية أن يراهن على الولاية الثانية يبدو أنها لن تكون مقنعة لعدد كبير من الناخبين". لكن الكاتب الفلسطيني يرى أنه من المبكر الحكم على نتيجة الانتخابات.
"ليس أمام أوباما فرصة سوى الهجوم على منافسيه"
أما الصحافي والخبير السياسي الليبي علي أوحيدة، فيرى أن سياسة أوباما اتسمت بالارتعاش في عديد من الملفات، وأنه لم يكن حاسماً في إدارة الأزمات ولم يتخذ مبادرات على الصعيد الدولي، وذلك رغم الإصلاحات الداخلية التي قام بها مثل إصلاح قطاع الصحة الذي لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة، و"سعيه لاتخاذ خطط معينة مبنية على أسس الحفاظ على الثوابت الاجتماعية وإرساء نوع من العدالة الاجتماعية". ويتوقع أوحيدة بالرغم من ذلك أن الفرصة مازالت قائمة أمام أوباما للفوز مشيرا إلى أنه قد وجه رسائل واضحة للشارع الأمريكي عندما أوفى بوعده في الانسحاب من العراق كما أنه يمضي قدماً في الانسحاب من أفغانستان.
إلا أن الصحافي الفلسطيني خضر يرى أن العامل الحاسم بالنسبة لانتخابات الولايات المتحدة الأمريكية عادة ما يكون العامل الداخلي، مشيراً إلى أن الدور الذي تلعبه الإنجازات أو الإخفاقات في السياسة الخارجية محدود للغاية. ويوافقه الرأي الخبير الألماني شتيفان بوخن، الذي يرى أن فرصة أوباما الوحيدة في الفوز بالانتخابات تتمثل في مهاجمة للمرشح الجمهوري ويقول في هذا السياق: "إذا نجح أوباما في تمثيل أو تصوير المنافس الجمهوري رجلا متطرفا سيعيد أيام بوش وفي أن يخيل للمواطنين الأمريكان أن هذا العفريت من الماضي قد يخرج مرة أخرى من البيت الأبيض في ثوب آخر، مثلا في ثوب غينغريتش، فهذا قد يساعده في الفوز بالانتخابات مرة أخرى، وهذه الفرصة الوحيدة وليست موضوعات سياسية أو اقتصادية أو سياسة خارجية".
ديمقراطية شكلية في روسيا
وفي روسيا تشير التوقعات إلى أن فلاديمير بوتين سيكسب مرة أخرى سباق الرئاسة رغم تعرضه لانتقادات متزايدة. ويثير تبادل السلطة بين بوتين وميدفيديف الشكوك حول مدى الالتزام بقواعد الديمقراطية. حسن خضر لا يتوقع أن تؤثر الاحتجاجات الأخيرة على فرص بوتين في الفوز بالانتخابات والعودة مرة أخرى للرئاسة. ويشير إلى أن الجماعة المهيمنة على الحكم في روسيا لا تريد الاحتكام للديمقراطية الحقيقية، لكنها تخلق آليات ذات شكل ديمقراطي ولكن بمضمون غير ديمقراطي. ويرى أن نجاح المعارضة في منع بوتين من الوصول للرئاسة سيعتمد على حجم حركة الاحتجاج وعلى حجم انخراط فئات أكثر من المجتمع في الاحتجاجات.
ويوافقه أوحيدة الذي يعتقد أن الهامش الذي يملكه معارضو الثنائي الروسي داخل روسيا وخارجها محدود للغاية، لأن الانتقادات الموجهة إليهما تبدو محدودة في الخارج والداخل. ويوضح قائلا: "بالنسبة للعوامل الخارجية فقد قام ميدفيديف أثناء فترة حكمه بمحاولات تمرد على بوتين، لكنها لم تلق صدى لا في الولايات المتحدة ولا في الاتحاد الأوروبي". أما على الصعيد الداخلي، فيمثل بوتين عودة القوة الروسية في العالم، "فهو يلعب في ورقة الغاز عندما كان رئيسا ولعبها بقوة مع أوكرانيا والاتحاد الأوروبي. كما أنه لم يرضخ للناتو بالنسبة لدرع الصواريخ"، لذلك فهو يتوقع أن يؤيده الشيوعيون في نهاية المطاف.
ورغم تراجع شعبية بوتين في الاستطلاعات الأخيرة، إلا أن الخبير الألماني يتوقع أن ينجح، وذلك لأنه في رأيه "قد لا يحتاج لشعبيته لأنه سيزور الانتخابات". ويرى بوخن أن حكام روسيا والصين يشبهون بعضهم البعض، وأن "حكمهم يعتمد على أمل المواطنين التابعين للطبقات الفقيرة أن يتسلقوا لينتموا للطبقات الوسطى ويرتضون بذلك دون المطالبة بحرية التعبير وحقوق مدنية وإلخ"، لذلك فهو لا يتوقع أن يحدث تغيراً كبيراً في أي البلدين. ويوافقه الرأي خضر، الذي لا يتوقع تغيراً كبيراً فيما يتعلق بالصين، مشيراً إلى أنه قد يحدث "تجديداً أو ضخ دماء جديدة إلى الصفوف الأولى ضمن الإطار الأيديولوجي والسياسي الحاكم"، وأن الحزب والنخبة الحاكمة في الصين ستبقى في الحكم.
"فرص ساركوزي للفوز ضعيفة"
وفي فرنسا أيضاً، يسعى ساركوزي للاحتفاظ بمنصبه، ويرى أوحيدة أن الانتخابات الفرنسية على قدر كبير من الأهمية، لأنها أول انتخابات تجري في دولة أوروبية كبرى، وسوف يتم الحكم على كيفية إدارة أزمة اليورو في مجمل دول الاتحاد الأوروبي من خلال هذا الطرح. ويرى الخبير الليبي أن الرئيس ساركوزي لا يمتلك برنامجاً واضحا سوى الدفاع عن اليورو والتحالف مع المستشارة الألمانية، ولكن كافة استطلاعات الرأي توضح أن الرئيس الحالي يواجه صعوبات جديدة كبيرة ومتصاعدة.
ولا يتوقع بوخن أن يبقى ساركوزي رئيساً لفرنسا لأنه فقد الكثير من شعبيته، ويضيف: "ربما نقترب من الفرصة الثانية في تاريخ الجمهورية الخامسة في فرنسا حيث يفوز الاشتراكيون بالرئاسة في فرنسا بعد ميتران". لكن هذا لن يغير في رأيه الائتلاف بين فرنسا وألمانيا في إدارة أزمة اليورو. كما يؤكد قائلا: "أيضاً الاشتراكيون يواصلون نفس السياسة التي اختارها ساركوزي، يعني دعم اليورو "، موضحا أن إدارة هذه الأزمة وإنقاذ أوروبا سيعتمد على التحالف بين فرنسا وألمانيا، بغض النظر عمن يحكم البلدين.
اختبار دقيق لدول الربيع العربي
ولن تكون الدول العربية بمنأى عن سباقات الرئاسة، ويرى أوحيدة في هذا السياق أن دول الربيع العربي تواجه اختباراً دقيقاً جداً، لأنها سترى هذه الدول كيف كان عام 2011 عام الشارع وهل سيصبح 2012 عام المؤسسات العربية الجديدة. ويرى الخبير الليبي أنه توجد شكوك كثيرة حول هذا الموضوع بالذات، لأن "الشارع العربي لم يهضم بعد هذا التغيير الذي حصل في 2011، كما أن المؤسسات العربية الضرورية لا تبدو مستعدة لهذا التغيير الذي تريده نسبة كبيرة من المواطنين الصامتين الذين لا يجدون الآليات للتعبير الفعلي عن آرائهم ".
ويعتقد الباحث الليبي أن هذا هو ما يفسر ما تشهده معظم الدول العربية لأن التيارات الإسلامية كانت هي التيارات المستعدة في إطار مؤسساتي على خوض الاقتراع في العديد من الدول. ويضيف أن فوز التيارات الإسلامية لا يعني أنها صاحبة الأغلبية والكلام الحاسم في المعادلة العربية القادمة. وينهي كلامه بالقول:"أعتقد أن المنطقة ستمر بمخاض عسير جداً. لكن يجب على القوى الديمقراطية أن تكون منتبهة وألا تيأس من أن التغيير الديمقراطي المؤسساتي آت بالفعل".
سمر كرم
مراجعة: أحمد حسو