أزمة شبه جزيرة القرم تهدد أوكرانيا بالإفلاس
٦ مارس ٢٠١٤على عكس ما كان متوقعا، لم يكن للوضع السياسي المضطرب في شبه جزيرة القرم تأثير على الأسواق العالمية. فبعد الانخفاضات الحادة التي شهدتها البورصات العالمية مع بداية الأزمة، عاد الاستقرار ليعرف طريقه إليها من جديد. لكن أوكرانيا لا تزال مهددة بالإفلاس المالي في حال لم تتلق مساعدات عاجلة من الجهات الدولية المانحة.
عودة الاستقرار إلى الأسواق العالمية
مع بداية الأزمة في شبه جزيرة القرم، انخفض مؤشر البورصة الروسية آر تي إس (RTS) إلى أدنى مستوياته منذ ست سنوات، بعد أن تراجع بنسبة 12 في المائة. وعرفت مؤشرات باقي البورصات العالمية الأخرى تراجعاً ملحوظاً. فمؤشر داو جونز (Dow Jones) مثلا، سجل انخفاضا بنسبة واحد في المائة، فيما انخفض مؤشر يوروستوكس 50 للأسهم القيادية في منطقة اليورو بنسبة 2,25 في المائة. بالإضافة إلى تأثر المؤشر الألماني داكس (DAX) الذي سجل انخفاضاً بنسبة 3,5 في المائة.
لكن الأسواق الأوروبية استعادت عافيتها بسرعة قياسية، حيث ضاعف داكس ويوروستوكس 50 نسبة أرباحهما بمعدل 2 في المائة، فيما توقف نزيف هبوط قيمة العملة الروسية، بعدما رفع البنك المركزي الروسي قيمة الفائدة من 5,5 في المائة إلى 7 في المائة.
الغاز الروسي سيواصل تدفقه نحو أوروبا
ويرى محللون اقتصاديون أن الاقتصاد العالمي بمنأى عن الخطر في الوقت الراهن. ومن بين هؤلاء يورغ كريمر كبير المحللين لدى مصرف "كومرتس بنك" الألماني، الذي لا يرى أي مشكل في حال لم تعد أوكرانيا نقطة لعبور الغازالروسي إلى أوروبا. ويقول الخبير الاقتصادي "خُمس واردات دول الاتحاد الأوروبي من الغاز تأتي من روسيا. وفي حال تعذر نقل هذا الغاز عبر أوكرانيا، فإن نصف الكمية فقط هي التي سيتم نقلها عبر خط أنابيب بديلة".
ويعتبر يورغ كريمر خطر توقف إمدادات الغاز في اتجاه أوروبا أمرا ممكنا، لكنه "مستبعد"، وذلك لالتزام روسيا في الماضي باحترام العقود الموقعة مع القطاع الخاص، نظراً لاعتماد اقتصادها على تصدير الغاز. لكن بالمقابل تحتاج أوروبا إلى الغاز الروسي، مما قد يمنعها من التدخل العسكري في الصراع. "الغرب هدد روسيا باستبعادها من مجموعة الثمانية، لكنه لن يتدخل عسكريا. وهو ما لم يقم به في الماضي أيضاً" يوقك كريمر.
قلق الشركات الألمانية
وإذا كان بإمكان الحكومة الألمانية التي تستورد ثلث احتياجاتها من الغاز من روسيا استبدال الغاز الروسي بالغاز القادم من شمال أمريكا، فإن الأمر يبدو أكثر تعقيدا بالنسبة للشركات الألمانية المتواجدة في أوكرانيا. ويقول راينر ليندنر، المدير التنفيذي لرابطة الشركات الألمانية في شرق أوروبا، "لدينا 500 شركة ألمانية في أوكرانيا"، من بينها شركة أديداس للملابس الرياضية ومجموعة ميترو (Metro-Group) للمحلات التجارية. كما توجد حوالي 6000 آلاف شركة ألمانية في روسيا نفسها. ويؤكد راينر ليندنر أن "كل هذه الشركات قلقة بشأن مستقبلها". وتعتبر أوكرانيا ثاني أهم شريك تجاري لألمانيا بعد روسيا.
وأشارت وكالة "ستنادرد أند بورز" (Standard and Poor's) للخدمات المالية، ومقرها في الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أن أوكرانيا على حافة الإفلاس. فبالإضافة إلى النظم الاجتماعية المتعثرة في أوكرانيا، تعاني البلاد من نضوب الاحتياطات المالية، ما يعيق تسديد ديونها الداخلية والخارجية. ولذلك تحتاج كييف لمساعدات خارجية عاجلة للخروج من الأزمة. وقدر وزير المالية الأوكراني الجديد قيمة المساعدات المالية التي تحتاجها بلاده خلال هذه السنة والسنة القادمة بـ 25 مليار يورو.