أوكرانيا تتأخر في الاستعدادات لاحتضان كأس أوروبا لكرة القدم 2012
١٣ ديسمبر ٢٠١١نقص في الفنادق ودور إيواء المشجعين وارتفاع الأسعار والتكاليف وفساد متفش ... كل هذه المظاهر تجعل البلد المضيف ليورو 2012 أوكرانيا يظهر في صورة سيئة، وذلك قبل ستة أشهر على انطلاق البطولة الأوروبية، حسب تصريحات مسؤولين من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وعلى هذا الأساس ما تزال أوكرانيا تواجه مشاكل عديدة مرتبطة بالدرجة الأولى بالبنية التحتية السيئة وارتفاع التكاليف والأسعار. وهذا ما يدركه المسؤولون الأوكرانيون أيضاً، وعلى رأسهم بوريس كوليسنوفسكي الذي يشغل مناصب نائب رئيس الوزراء الأوكراني ووزير البنية التحتية والمكلف بشؤون يورو 2012.
ويواجه بوريس كوليسنوفسكي انتقادات لاذعة من بعض المسؤولين الأجانب، مثل الألمانيين هارتموت كوشيك وكيل وزارة المالية الألماني وميشائيل بونيت المكلف الخاص بشؤون الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي، لاسيما وأن ألمانيا ترغب في لعب دور الشريك الفعال لأوكرانيا في إطار التحضير لبطولة أوروبا لكرة القدم 012 ، لكن الفساد السائد في البلد المضيف للبطولة يحول دون إتمام عمليات الاستثمار في هذا البلد بالشكل المطلوب، حسب المسؤولين الألمان.
وما يُؤكد وجود حالات فساد في هذا البلد الأوروبي الشرقي هو ارتفاع التكاليف المرتبطة بإقامة هذا الحدث الرياضي الكبير. فهذه البطولة ستكون الأكثر تكلفة في تاريخ نهائيات كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم. لكن ما السبب في ارتفاع التكاليف إلى هذا الحد؟
تكاليف يورو 2012 تفوق يورو 2008 بكثير
الحكومة الأوكرانية تتوقع أن تبلغ تكاليف البطولة المرتقبة حوالي عشرة مليارات يورو، أي أكثر من تكاليف يورو 2008 بستة عشر مرة، علماً أن تكاليف البطولة السابقة التي استضافتها سويسرا والنمسا لم تتجاوز 620 مليون يورو. المكلف بشؤون البطولة الأوروبية الأوكراني كوليسنيكوف يعتبر أن أسباب هذا الارتفاع الكبير في التكاليف تعود إلى عدم تنفيذ مشاريع تحديث تُذكر في أوكرانيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. هذا بالإضافة إلى المشاكل الكبيرة التي خلفتها الحكومة السابقة، حسب المسؤول الأوكراني.
غير أن رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشنكو، زعيمة المعارضة الأوكرانية، ترى عكس ذلك. فهي تعتبر أن ارتفاع التكاليف عائد إلى الفساد المتفشي في بلدها، كعمليات غسيل الأموال وغيرها. وتتهم المعارضة الأوكرانية بعض أعضاء الحكومة الحالية بسعيهم إلى الثراء عبر منح شركات تابعة لهم أو لأقاربهم عقودا بقيمة مالية طائلة مرتبطة بالبطولة الأوروبية، مثل بناء الملاعب أو ترميمها وتحسين شبكة المواصلات.
تأخير في إتمام المشاريع
بناء على المعطيات والحقائق أصبح في حكم المؤكد أن بعض المشاريع المرتبطة بيورو 2012 لن تُنجز حتى صيف العام المقبل، خلافا لما كان مبرمجا. فعلى سبيل المثال، أعمال بناء الجسر الجديد فوق نهر دنيبر الذي يربط شطري العاصمة كييف لن تتم قبل عام 2013. كما أن أعمال البناء في مطارات في كييف ولفيف ودونيسك لن تُنجز في المواعيد المقررة. وهو ما قد يؤثر سلباً على سير البطولة الأوروبية.
بلاتيني هدد أوكرانيا بحرمانها من تنظيم البطولة
اللجنة الأوكرانية المنظمة ليورو 2012 رحّبت دوماً بالضغوط التي كان يمارسها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عليها. وكانت تصف هذه الضغوط والانتقادات بالإيجابية. كما أعرب الاتحاد الأوكراني لكرة القدم عن امتنانه للاتحاد الأوروبي لكرة القدم " يويفا " وأشاد بالصبر الذي يتحلى به إزاء أوكرانيا وبعدم حرمانها بالفعل من استضافة البطولة، كما كان رئيس الاتحاد، الفرنسي ميشيل بلاتيني، يُهدد في بعض الأحيان.
وما ساعد الأوكرانيين في التخفيف من الانتقادات الموجهة لهم هو رفع شعارات تروق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم ورئيسه بلاتيني، وهي أن البطولة مشروع جيو سياسي. هذا بالإضافة إلى تشبيه دور الـ "يويفا " بدور الاتحاد الأوروبي ككتلة سياسية تهدف إلى تقريب أوكرانيا وبولندا من أوروبا، لاسيما وأن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم برّر عام 2007 منح بولندا وأوكرانيا شرف تنظيم البطولة بحوافز ودوافع سياسية أيضا.
مساهمة فعالة لرجال الأعمال
لكن من الثابت أيضاً أنه لولا جهود بعض رجال الأعمال الأوكرانيين وكبار أثرياء البلاد واستثماراتهم، لكانت الظروف أسوأ من ذلك بكثير. فهؤلاء ساهموا بشكل كبير وفعال في بناء الملاعب والمطارات وتعبيد الطرق وتحسين حركة المواصلات وبناء فنادق عديدة وتوفير أماكن كثيرة لإيواء مشجعي المنتخبات المشاركة في البطولة.
لكن على الرغم من كل ذلك هناك نقصٌ في عدد الفنادق في مدينة خاركوف وفي العاصمة كييف أيضا. وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، خاصة في كييف حيث يصل إيجار بعض الشقق السكنية إلى 12 ألف يورو لمدة شهر، أي طيلة منافسات البطولة. وهو ما سيدفع الآلاف من عشاق المنتخبات المشاركة إلى نصب خيمهم في ساحات ستُخصص للمشجعين الراغبين في مشاهدة مباريات يورو 2012 صيف العام المقبل.
علاء الدين موسى البوريني
مراجعة: محمد المزياني