إطفاء الحرائق بالبنزين
٢٢ مارس ٢٠١٢أصابني اليأس من البحث لكني وجدت ضالتي حينما سمعت وشاهدت مجموعة من ساسة العراق مهمتهم إطفاء الحرائق بالبنزين ، حتى تكون مشاهد حرائق الوطن أكثر شاعرية وتطفئ لهيب أحقاد ضمروها في أعماقهم.
ثمة بديهيات يعرفها الجميع مثلما اعرفها أنا وغيري من البسطاء. اجزم أن ساسة العراق المجربين، من عاشوا مرحلة النضال ضد دكتاتورية صدام يعرفونها جيدا . نعرف أن أصدقاء الرخاء كثيرون وأصدقاء الشدة قليلون .هم يعرفون أيضا أن رفقة السلاح ضد الدكتاتورية تختلف رفقة السلطة ، بعدما تصبح مسئولا و صاحب سلطة ، يطرق بابك الكثيرون ممن تعرفهم وممن لا تعرفهم ، من يطرقون بابك ويقفون جنبك لحاجتهم لسلطتك ولطمعهم بمال ، أو لإشباع طبع(اللواكه) في نفوسهم ، أو لظروف أخرى .ربما يكون من بينهم من كانوا في خندق أعداء الأمس .
اجزم أن السيدين المالكي وبارزاني وغيرهم من ساسة الطرفين، الذين دخلوا على خط أزمة التصريحات والتصريحات المضادة ، يعرفون.. أن ما يجمع المالكي وبارزاني من الروابط أكثر مما يفرقهما، اقل هذه الروابط هو مستقبل العراق الديمقراطي ، ورفقة السلاح والنضال ضد صدام ، التي لا اعتقد أن ترف السلطة أنجز مهمة نسيانها بهذه السرعة .
عندما كان السيد بارزاني وعائلته وحزبه يناضلون ضد صدام ، كان السيد المالكي وحزبه يفعلون الشيء ذاته ، معهم أحزاب وجماعات وأشخاص واسر عراقية شريفة ، ظلت دون انتماء حزبي تقاتل صدام وتقدم الضحايا تحت شموع مذابح حرية العراق .
كثير من ساسة اليوم كانوا بطانة صدام
بينما كان الكثيرون، ممن يمثلون جزء من ساسة وسلطة العراق اليوم يخدمون صدام وأسرته وحزبه..منهم من حمل السلاح وشارك بقمع الأكراد وكل المعارضين لصدام والمنتفضين ضده ، منهم من أسهم بكتابة التقارير ، منهم من كان ضابطا أو مفوضا أو شرطيا أو مخبرا حقيرا لدى الأجهزة الأمنية ، منهم من كان يعمل مع ساجدة زوجة صدام ، منهم من كانت مهمته ارتداء الزيتوني وهو أستاذ جامعي متفرغ للدفاع عن صدام ونظامه حتى ساعة سقوطه .من هؤلاء تحديدا نسمع اليوم تصريحات حادة ، هم يحاولون ان يغلّفوا مواقفهم العدائية ضد العملية السياسية بمناصرتهم هذا الطرف ضد الطرف الآخر.
هل يهم هؤلاء فعليا الدفاع عن القادة الأكراد أو الدفاع عن أخلاق الشعب الكردي ؟ .هم أو رفقهم أو جماعتاهم من كانوا للامس القريب يشعلون النار في القرى الكردية ويهجرون الأكراد ويقمعونهم . في الوقت ذاته ، الذي كانوا يقمعون فيه المنتفضين في الجنوب والفرات الأوسط ..
اعرف ان السيد بارزاني فيه من الذكاء والحكمة ما يكفي ليعرف من هم رفاق سلاح الأمس ومن هم قتلة الأمس .ان من يمثلون دور المحامي عن الأكراد ، لا تنطلي مواقفهم هذه وتمر على السيد بارزاني مثلما لن تنطلي على احد من العراقيين (المفتحين بالفلفل).
"التراشق لن يخدم مستقبل العراق"
إن العقلاء وأصحاب الضمائر الحية ممن يهمهم مستقبل العراق الديمقراطي الخالي من مكروبات البعث ، هم من يسارعون بالموقف والكلمة والوساطة من اجل إخماد نيران التراشق الإعلامي والتشدد في المواقف المشتعلة بين السيد مسعود بارزاني وجماعته من جهة وبين السيد المالكي وجماعته من جهة أخرى .التراشق الذي لن يخدم مستقبل العراق ، أي كان البادئ به ومن يكون من أسهم في استعار نيرانه .إن من يحاولون إطفاء حرائق الوطن بالبنزين ، هم أعداء الفريقين بالأمس واليوم والى الأبد ، هم أصحاب المصلحة الحقيقية في تأجيج هذا الصراع من اجل القفز إلى السلطة ، أو الحصول على جزء كبير من كعكة السلطة ، على حساب حرائق الوطن ، بعضهم مع الأسف من ضحايا صدام ، هم مكشوفون ومواقفهم معروفة .هم من راهنوا وأفلسوا وخسروا حتى قاعدتهم الانتخابية .
هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، ونفر قليل ما زال يعاني من اضطراب الرؤية وانعدام الوعي ومن تحركه المنافع.هم من وقفوا بالأمس مع من هاجم العراق ، واصطفوا مع أعداء العراق ، مستعدون لعمل أي شيء من اجل الحصول على السلطة ، التي لن يقربوها طالما ظلوا يلعبون دور البهلوان ، أكثر من لعبهم دور السياسي الناضج ..
كيفية إطفاء الحريق بالبنزين، تقنية حاز على براءة اختراعها مجموعة كبيرة من ساسة العراق، يقف في مقدمهم بعض أعضاء القائمة العراقية..على القراء مهمة تشخيص الآخرين..
(إذا خدعتني مرة فأنت المذنب إذا خدعتني كل مرة فانا مغفل)
حسن الخفاجي
مراجعة ملهم الملائكة