صندوق الاستثمارات السعودي يواجه اتهامات بغسيل رياضي وتمييز
٢١ نوفمبر ٢٠٢٤في تقرير مؤلف من 95 صفحة، سلطت منظمة هيومن رايتس ووتش الضوء على النشاط الذي ينخرط فيه صندوق الاستثمارات العامة السعودي - صندوق سيادي مملوك للدولة - بما في ذلك الاتهامات بأنه يقوم بما يُسمى " غسيل رياضي". وقال التقرير الذي حمل عنوان (السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" مرتبط بالانتهاكات)، إن الصندوق "سهل انتهاكات حقوق الإنسان واستفاد منها." وأضاف التقرير "استخدم ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان) القوة الاقتصادية للصندوق لارتكاب انتهاكات حقوقية خطيرة وللاستثمار في الأحداث الرياضية الأجنبية لغسيل السمعة السعودية المتضررة".
يُشار إلى أن الرياض استضافت بطولة نهائيات رابطة محترفات التنس في وقت سابق من الشهر الجاري في إطار اتفاق الشراكة بين الرابطة والرياض الممتد إلى ثلاث سنوات. وبلغ إجمالي جوائز البطولة أكثر من 15 مليون دولار بما في ذلك حصول البطلة على أكثر من 5 ملايين دولار. ويعادل ذلك جائزة نهائيات اتحاد لاعبي التنس المحترفين، ما يعني أن أبطال اللعبة سواء الرجال أو النساء كانوا على قدم المساواة. وامتدت شهية السعودية الرياضية إلى رياضات أخرى مثل الغولف وكرة القدم وسباقات السيارات.
وفي ضوء هذا الانفاق السعودي السخي، يصعب على الروابط الرياضة مقاومة ذلك خاصة الاتحادات المعنية بالرياضة النسائية التي تعاني في الوقت الراهن من نقص في التمويل والدعاية. وفي ذلك، قال ستانيس إلسبورغ، رئيس مبادرة "العب اللعبة" (Play the Game) الرامية إلى تعزيز الديمقراطية والشفافية وحرية التعبير في المشهد الرياضي العالمي، إن ضخ السعودية استثمارات "في الرياضة النسائية يبعث بإشارات قوية إلى السعوديين والعالم مفادها أنها تقوم بأشياء عظيمة من أجل النساء". وفي مقابلة مع DW، أضاف بأن "هذا يؤدي إلى إضعاف المناقشات حيال استمرار الانتهاكات الحقوقية ضد النساء في البلاد أو عدم مناقشتها من الأساس".
"الواقع الحياتي مرير"
ورغم أن الجهود الرامية إلى تحقيق المساواة جلية، إلا أن السعوديات ما زلن يعشن في ظل "نظام ولاية الرجل". وفي مقابلة مع DW، قالت مينكي ووردن، مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش، "مازالت حقوقيات مدافعات عن حقوق المرأة، يقبعن في السجن أو تحت الإقامة الجبرية أو يقضين أحكاما بالسجن لفترات طويلة بسبب منشورات على منصات التواصل الاجتماعي تدافع عن حقوق المرأة".
وترى مينكي ووردن أن "نظام ولاية الرجل" ربما لعب دورا في إضعاف الحضور الجماهيري في نهائيات رابطة محترفات التنس. وأضافت "كذلك لم تبذل رابطة محترفات التنس العمل اللازم لجعل الأمور أكثر أماما للاعباتها، لاسيما وأن اللاعبات تعرضن للاستجواب حول وجود نساء في السجن". وأضافت بأنه كان ينبغي للاعبات التركيز على لعب أفضل في مبارياتهن وليس القلق حيال ما إذا كان صحافي سوف يسألهن عن سبب عدم بذلهن المزيد من الجهد لإخراج المدافعات عن حقوق المرأة من السجن".
وكانت أسطورتا التنس، كريس إيفرت، ومارتينا نافراتيلوفا، قد انتقدتا مطلع العام الجاري تدفق الأموال السعودية إلى الرياضة. وفي رسالة إلى رئيس اتحاد لاعبات التنس المحترفات، ستيف سيمون، قالت اللاعبتان المعتزلتان إن "استضافة الرياض لنهائيات البطولة سوف يمثل خطوة كبيرة إلى الوراء بما يأتي متناقضا بشكل تام مع روح وهدف الرياضة والرابطة". وقد اعترفت الأمريكية كوكو جوف، التي فازت بالبطولة، بانها "تحفظت" حيال تنظيم البطولة في السعودية، عازية ذلك إلى استمرار سوء معاملة السعوديات ومجتمع الميم.
"رؤية السعودية 2030" والرياضة
منذ عام 2018، استثمر صندوق الاستثمارات العامة في السعودية مليارات اليورو في بطولات رياضية عديدة، بينما تستعد السعودية لاستضافة مونديال عام 2034. وتعد قضية تمكين السعوديات وتحسين وضعهن محور "رؤية السعودية 2030" التي أعلنها محمد بن سلمان عام 2016.
بيد أن تقرير هيومن رايتس ووتش "لم يجد أدلة على أن المشاريع التي يموّلها الصندوق تعزز التزامات الحكومة بالوفاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشعبها." وأضاف التقرير "لا تحدد الحكومة السعودية البيانات الأساسية المتعلقة بالفقر أو تكشف عنها، ولا تحدد خط الفقر، ما يرجّح أن يكون معدل الفقر أعلى بكثير من الرقم الذي حددته الأمم المتحدة، وخاصة فيما يتعلق بالفئات المهمشة اقتصاديا والمعرضة لانتهاكات العمل المنهجية."
وفي تعليقه، قال ستانيس إلسبورغ "أعتقد أن (القيادة السعودية) مهتمة بتشجيع المزيد من النساء على ممارسة الرياضة في السعودية.. لتحسين صحتهن." وأضاف "أعتقد أن أحد العوامل الرئيسية وراء استراتيجية السعودية الرياضية يتمثل في الرغبة في دفع الناس إلى عدم الحديث عن الوضع الحقيقي للمرأة ومجتمع الميم. إنهم يريدون منا أن نتحدث عن كل الأشياء الجيدة التي تفعلها السعودية في مجال الرياضة العالمية وأيضا الرياضة النسائية".
يُشار إلى أنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أرسلت أكثر من مئة لاعبة كرة قدم محترفة رسالة تنتقد الشراكة بين الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) وشركة أرامكو النفطية المملوكة للحكومة السعودية باعتبار أن الأمر يحمل في طياته "خيانة لقيم الرياضة النسائية وحقوق الإنسان."
أعده للعربية: محمد فرحان