ارتياح في ألمانيا بعد تنحي زاراتسين عن منصبه
١٠ سبتمبر ٢٠١٠عبرت معظم الفاعلين السياسيين في ألمانيا اليوم الجمعة (10 أيلول/ سبتمبر2010) عن الارتياح لقرار تنحي تيلو زاراتسين، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الألماني "بوندسبنك"، عن منصبه بعد تصريحات له تناولت الأعراق والأديان وأثارت الكثير من الجدل في البلاد. وقال زاراتسين إنه سيترك مجلس إدارة البنك اعتباراً من آخر أيلول/ سبتمبر بعد تصريحات أدلى بها بشأن المهاجرين المسلمين وجينات اليهود، استنكرتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وأدت إلى سعي البنك المركزي إلى إعفاءه من منصبه.
"تسوية ودية"
من جانبها أبدت الحكومة الألمانية ارتياحها لهذه الخطوة، فقد قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفين زايبرت اليوم الجمعة في برلين: "من الجيد أن الأمر تم من خلال هذه التسوية الودية وأنه بات بإمكان البنك المصرفي الألماني العودة إلى تنفيذ واجباته المهمة بهدوء". وأضاف المتحدث أن الحكومة "لم تمارس أي تأثير على اتخاذ هذا القرار، لا على قرار مجلس إدارة البنك المستقلة في تصرفاتها للغاية ولا على قرار السيد زاراتسين".
وفي سياق ردود الفعل أيضاً رحبت رئيسة كتلة الليبراليين في البرلمان الألماني بيرغيت هومبورغر هي الأخرى باستقالة زاراتسين، معتبرة إياها "خطوة منطقية". وأضافت هوبورغر أن تصريحات زاراتسين لم تكن متوافقة مع منصبه، والتي "أضرت بصورة البنك المركزي الألماني الذي يتمتع بالكثير من الثقة لتمثيله جمهورية ألمانيا الاتحادية في الخارج".
"إفلاس سياسي"
أما الأمين العام للمجلس الأعلى لليهود في ألمانيا شتيفان كرامر فقد انتقد بشدة ما أسماه التفاهم على استقالة زاراتسين الطوعية، واصفاً إياها بـ"إعلان الإفلاس سياسياً، وقال كرامر إن "السياسة فشلت وضيعت فرصة كبيرة، لأن إقالة زاراتسين كانت ستوضح أنه لا يمكن التسامح مع هذه التصريحات العنصرية في مجتمعنا"، وأضاف كريمر إنه بدلاً عن ذلك تم التوصل إلى "حل وسط سيء ، يعد عاراً على هذا البلد".
حزب الخضر انتقد من جانبه أيضاً استقالة زاراتسين واعتبر أنها جاءت متأخرة للغاية، وفي هذا الإطار قال خبير الشؤون المالية في الحزب غيرهارد شيك "إن الضرر الذي ألحقه زاراتسين بالبنك المركزي الألماني كبير ولا يمكن إصلاحه من خلال ذهابه فقط".
انتقادات حادة
من جانبه بدأ الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي ينتمي إليه زاراتسين مداولات حول طرده لكن الأخير أكد عزمه "الذهاب إلى القبر" وهو عضو في الحزب. وفي هذا السياق قالت الناطقة باسم الحزب دانييلا أوغنشتاين: "على الرغم من أن زاراتسين قدم استقالته طواعية من مجلس إدارة البنك المركزي الألماني، لكنه لم يتراجع عن تصريحاته المتعلق بسياسة الاندماج والذكاء المتوارث التي أثارت انتقادات حادة داخل الحزب الاشتراكي". يُذكر أن استطلاعات للرأي تشير إلى أن شعبية الحزب تضررت بسبب الجدل حول طرد زاراتسين.
خيار صعب
وتعني استقالة زاراتسين التي أعلنت في وقت متأخر من يوم أمس الخميس، أن الرئيس الألماني كريستيان فولف لم يعد في حاجة للنظر في طلب البنك إعفائه من منصبه، وكان ذلك سيمثل خياراً صعباً، يهدد بتعرض ميركل لانتقادات من الناخبين المحافظين. وفي هذا السياق قال متحدث باسم فولف الذي رشحه حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة ميركل، إن الرئيس رحب بقرار زاراتسين "وبالحل المشترك الذي تم التوصل إليه مع إدارة البنك المركزي الألماني".
وهيمن زاراتسين على عناوين الأخبار على مدى الأسبوعين المنصرمين بسبب انتقاده اللاذع للمهاجرين الأتراك والعرب لألمانيا في كتابه "ألمانيا تمحو نفسها". وفي إشارة إلى عنوان هذا الكتاب قالت صحيفة فاينانشال تايمز دويتشلاند إن "زاراتسين يمحو نفسه." وأضافت الصحيفة في مقالها: "وفر زاراتسين بذلك على نفسه وعلى ألمانيا معركة قضائية حول إقالته. وأنقذ فولف من قرار شائك هو التوقيع على إقالة زاراتسين".
(ع.غ/ د ب أ/ أ ف ب/ رويترز)
مراجعة: حسن زنيند