اكتشاف كميات ضخمة من الغاز في بولندا

كثرت المرات التي قضّ فيها الغاز مضجع بولندا فواردات الغاز الروسي إليها كانت تتعرض إلى الخطر كلما اختلفت روسيا مع جارتيها أكرانيا وروسيا البيضاء، ويعتبر ساسة بولنديون الخط الذي يطلق عليه أنبوب بحر البلطيق وينقل الغاز مباشرة من روسيا إلى ألمانيا أنه بمثابة فضيحة، ويشعرون أنهم تحت رحمة موسكو، لأن هذه الأخيرة قد توقف واردات الغاز إليهم في المستقبل دون أن تتعرض الواردات إلى ألمانيا إلى الخطر. لكن هذا القلق قد يزول نهائيا عما قريب.

وعندما يتحدث مستشار الشركات وخبير الطاقة البولندي باول نيرادا عن هذه التطورات، يبدو متحمسا ويقول إن بلاده أغنى بكثير مما يعتقد حتى الآن، ثم يشير إلى أن "بولندا قد تصبح مُصّدرا هاما جدا في سوق الغاز الأوروبية، فالاحتياطيات تفوق حجم استهلاكنا الداخلي أضعافا مضاعفة". ويذكر الخبير أن تقديرات الخبراء الأمريكان لاحتياطيات الغاز البولندية متفائلة جدا ويقول:" إذا صحت هذه التقديرات فإن الكميات الموجودة في بولندة من الغاز تفوق مثيلاتها في النرويج".

طريقة حديثة لاستخراج الغاز الأردوازي

الغاز الذي يستخرج حتى الآن في أوروبا وآسيا يمكن الوصول إليه بسهولة نسبيا، فهو موجود داخل فقاعات عملاقة تحت طبقات طينية غير نافذة من الأرض. لكن ما يسمى "بالغاز الأردوازي" فموجود داخل طبقات صخرية، ووجود هذه المادة الخام الثمينة هناك ليس بالأمر الجديد، إنما لم يهتم بها أحد قبلا، بسبب صعوبة استخراجها، واعتباره غير مربح اقتصاديا.

لكن هذا الموقف تغير الآن، ففي الولايات المتحدة يغطي الغاز الأردوازي عشرين بالمائة من استهلاك الغاز في البلاد، بفضل استخدام تقنية جديدة في استخراجه. وفي هذه التقنية تقوم حفارة خاصة بحفر ثقب عامودي داخل الأرض، وعندما تصل إلى الطبقات الصخرية المحتوية على الغاز تنثني باتجاه أفقي، وهناك تصب سائلا يفجر الطبقات الصخرية فيتدفق الغاز.

أصوات ناقدة

ومع ذلك ينتقد البعض هذه التقنية كما يقول الخبير نيرادا " هناك أيضا أصوات ناقدة، تقول إن هذه التقنيات ما تزال في مراحلها البدائية، هذا ما يدعيه مثلا خبراء شركة الغاز الروسية غاز بروم، لكن الاستخراج بهذه الطريقة يتم بشكل ناجح في الولايات المتحدة." ويشير نيرادا إلى أن شركات عالمية وبولندية متفائلة بالنجاح في هذا المسعى، وإلا لما أنفقت، كما يقول "تلك الكميات الكبيرة من الأموال للحصول على امتيازات وإجراء حفريات تجريبية".

معظم الامتيازات لصالح شركات أمريكية

لقد منحت الحكومة البولندية في هذه الأثناء ستين موافقة على حفريات تجريبية، ذهب معظمها لصالح شركات أمريكية، ولا عجب أن يثير هذا الأمر قلق موسكو، ففي روسيا تشكل صادرات الغاز جزءا كبيرا من الناتج القومي الإجمالي، لهذا قد يتعرض هذا الجزء إلى الركود، وقد أقرت غاز بروم أنها تبيع كميات أقل من السابق للولايات المتحدة بسبب استخراج الغاز الأردوازي هناك، وجاء في تقرير للشركة "أن الغاز الأردوازي قد يغير سوق الغاز بشكل "جذري على صعيد عالمي"

وقد يبدأ استخراج الغاز في بولندا بعد عشر سنين على أقرب تقدير، ولا يستبعد الخبراء إمكانية البدء بذلك في وقت أبكر. عندئذ تستطيع بولندا تحقيق حلم الاستقلال اقتصاديا عن روسيا، وبالتالي الاستقلال عنها سياسيا.

فلوريا ن كيليرمان / منى صالح

مراجعة: حسن زنيند