الألمان أصبحوا أكثر ميلا لاستهلاك الأغراض المستعملة
٢٠ فبراير ٢٠١١خلصت دراسة أنجزتها مؤسسة " تريند بيرو" المتخصصة في دراسة توجهات المجتمع الألماني، أن هناك تحولا كبيرا في المجتمع الألماني فيما يتعلق بتعامل أفراده مع الأشياء القديمة. وقالت زابينه كوبه التي أشرفت على الدراسة انه: "لن يصبح بإمكان مجتمعنا الإلقاء بالمقتنيات المستعملة مستقبلا".
وأكدت الدراسة أن الكثير من الألمان بدؤوا في التحول من مجتمع الترف الذي تعود أفراده على إلقاء مقتنياتهم القديمة في الشوارع، أو بيعها بثمن رمزي في أسواق" المقتنيات العتيقة"، إلى مجتمع تباع فيه المقتنيات المستعملة وتشترى.
السبب في استهلاك الأشياء القديمة ليس دوما ماديا
وفي حديثها مع دويشته فيله أكدت نيكول أرلوند البالغة من العمر 28 عاما والمتزوجة وأم لطفل هذا الطرح، وصرحت بأنها لا تقوم بإلقاء الأشياء المستعملة في القمامات، وإنما تعيد بيعها أو تهديها. وأضافت : "كأم لطفل صغير أكون مضطرة لشراء الملابس لطفلي باستمرار لأن الأطفال الصغار يكبرون بسرعة وهو أمر مكلف، لذلك أقوم بتبادل الملابس مع أمهات أخريات يخالف عمر أبنائهن عمر ولدي. وبالتالي أوفر كثيرا من المال". وتضيف أرلوند بأن العامل المادي ليس وحده الدافع إلى شراء أشياء مستعملة، وإنما أيضا هناك بعض الأشخاص يجدون متعة في استخدام أشياء قديمة "لأنها تحمل ذكريات، مثل مائدة أكل قديمة، استخدمتها عائلات مختلفة لتقديم الأكل".
أما هيلغا البالغة من العمر سبعين عاما والمقيمة بمدينة كولونيا، فقد أكدت في مقابلة مع دويتشه فيله بأنها لا تبيع الأغراض والملابس القديمة التي لم تعد تحتاجها، وإنما تقدمها إلى الجمعيات الخيرية. وأضافت:" أنا لا أفضل شراء الملابس المستعملة، لأنني لا أعرف الشخص الذي ارتداها قبلي، فهذا الشخص قد يكون مريضا، لذلك أشتري الملابس الجديدة فقط".
تعدد الجهات التي تتوسط في بيع الأغراض المستعملة
لكن وبشكل عام يؤكد الانتشار المتزايد للجهات التي تتوسط في بيع وشراء الأشياء المستعلمة، أن هناك فعلا تغييرا في سلوك الألمان تجاه الأشياء القديمة. وكمثال على ذلك بورصة بريمن المختصة في بيع مواد البناء وشرائها، والتي تهدف إلى إعادة الاستفادة من مواد البناء المستعملة عبر جمع كمية كبيرة منها، مثل الأبواب والنوافذ وأجزاء المراحيض، وأجهزة تدفئة متقادمة تعود لأبنية تم هدمها أو تحديثها. فهذه الأجزاء التي كانت تصل في الماضي إلى القمامة أصبحت تجد لها مشترٍ هذه الأيام.
وترى المهندسة المعمارية أندريا فايس التي تعمل في بورصة بريمن أن شراء أجزاء البناء القديمة وإعادة استخدامها لا يوفر المال فقط "لأن استخدام أي حوض استحمام مستعمل يساهم أيضا في حماية البيئة".
وترى فايس أن الألمان أصبحوا يستهلكون بشكل أكثر وعيا وحرصا، و يميلون لشراء المستعمل وإعادة استخدامه. وهو ما يؤكده اقبال الكثير من الناس على المحلات أوالمواقع الإلكترونية مثل موقع"فريسايكل" التي تُهدى فيه أرائك مستعملة وأدوات نشر غسيل ودراجات، ويتبادل فيه هواة القراءة الكتب والروايات التي قرؤوها. ويلتقي هواة الموضة أيضا مع بعضهم البعض في حفلات ملابس للحصول على أزياء عصرية.
غير أن اوفيه فريدرش الذي أطلق قبل عامين موقع" أليس اوند امزونت. دي ايه" المتخصص في تبادل الأشياء المستعملة، يرى عدم وجود تحول حقيقي في سلوكيات الألمان تجاه الأشياء المستعملة. وكان فريدريش يهدف من وراء موقعه لمواجهة تزايد "جبال النفايات" الناتجة عن كثرة تخلص الألمان من الأشياء المستعملة. وقال فريدريش: رغم وجود الكثيرين في ألمانيا ممن يحاولون التصرف بشكل واع تجاه البيئة من خلال استخدام الأشياء المستعملة، إلا أن هذا لا يعد توجها عاما بالنسبة للمجتمع ككل."
هشام الدريوش
مراجعة: سيد منعم